شون كينج.. القس الذي اعتنق الإسلام من أجل العدالة

ندى جمال

23 أكتوبر 2025

73

شون كينج، ناشط وكاتب أمريكي بارز، اشتهر بعدائه الشرس للعنصرية وحبه للعدالة وإنصاف المهمشين ولحقوق الإنسان.

وتصدّر كينج عناوين الصحف، في مارس 2024م، عندما أعلن إسلامه علنًا، لم يكن اعتناقه هو وزوجته للإسلام تحولًا مفاجئًا، بل كان تتويجًا لرحلة كفاح سياسية طويلة، شكّلتها سنوات من النشاط السياسي والتضامن مع المجتمعات المهمشة والمضطهدة والمناضلة من أجل الحرية، ولذلك وقف بصلابة مع الحق الفلسطيني.

كشف هوية اليمين العنصري

شون كينج، شخصية بارزة ومعروفة في دوائر العدالة الاجتماعية الأمريكية، خدم كقس مسيحي في كنيسة «كوريجس» في أتلانتا من عام 2008 إلى عام 2011م، وهناك مزج بين الخدمة الدينية والنشاط العام، ثم تحوّل لاحقًا إلى العمل الإعلامي، ليصبح أحد أبرز الأصوات في حركة «حياة السود مهمة»، وقد ساعدت أبحاثه الرقمية في تحديد هوية المشاركين في مسيرة «توحيد اليمين» العنصرية المؤيدة لسيادة البيض عام 2017 في شارلوتسفيل.

وكنج يعد من أشد المنتقدين لوحشية الشرطة الأمريكية، والسجن الجماعي، وادعاء تفوق العرق الأبيض، ففي عام 2020م، أطلق مشروعًا لإعادة إحياء صحيفة «فريدريك دوجلاس» المناهضة للعبودية، «نجم الشمال»، على الرغم من الصعوبات التي واجهها المشروع حتى اكتسب ما يحتاج من زخم، كما أسس مشروع «قانون القاعدة الشعبية»، من أجل إصلاح نظام العدالة الجنائية، وخلال تلك الجهود، حافظ كينج على حضور قوي على الإنترنت، مستخدمًا وسائل التواصل الاجتماعي لتوصيل وتقوية الأصوات المهمشة وتحدي السرديات المعادية السائدة.

مناصرة غزة

لأن نشاط كينج كان ينبع دائماً من قناعاته الأخلاقية، فقد مثّلت الإبادة الجماعية التي مارسها الكيان الصهيوني للأبرياء في غزة نقطة تحول في مسيرة كنج الروحية والسياسية، فقد شارك في إبراز التقارير المباشرة للقتل الممنهج في غزة، وأدان جرائم الحرب والإبادة التي يمارسها الكيان الصهيوني، وانتقد وسائل الإعلام الغربية لنشرها معلومات مضللة، ولذلك عطّلت شركة ميتا حسابه على إنستجرام، الذي كان يضم أكثر من 5 ملايين متابع، بزعم انتهاكه لسياسات المنصة، وهي خطوة عزاها كينج إلى الرقابة على المحتوى المؤيد للفلسطينيين، حسب موقع «MuslimMatters.org».

صمود غزة وإسلام كينج

خلال هذه الفترة من الدعوة المكثفة، بدأ كينج يتأمل الصمود الروحي للشعب الفلسطيني بعمق، ووصف تأثره العميق بإيمانهم الراسخ في مواجهة معاناة لا تُوصف في مقابلاته العامة وتصريحاته، قال خلال حفل اعتناقه الإسلام: «صدق وعمق إيمان الشعب الفلسطيني هو ما حرَّك قلبي».

وفي 10 مارس 2024م، عشية شهر رمضان، نطق كينج وزوجته راي الشهادتين؛ إعلاناً لدخولهما في دين الله، في مركز فالي رانش الإسلامي في إيرفينج بتكساس، وأشرف على مراسم النطق بالشهادتين الإمام عمر سليمان، مؤسس معهد يقين، وهو صديق قديم لكينج، وأكد سليمان أن الإسلام يجبُّ ما قبله من الذنوب، وتم تصوير هذه اللحظة ونشرها على نطاق واسع عبر الإنترنت، مجسدةً ليس فقط تحولًا شخصيًا، وإنما انسجام عام مع مجتمع ديني عالمي.

وأكد الحضور من العلماء المسلمين البارزين في أمريكا الشمالية، مثل الإمام صهيب ويب، والشيخ ياسر برجاس، والشيخ عبدالله أودورو، أهمية هذا الحدث.

فصل جديد من النشاط والكفاح

لا شك أن اعتناق كينج للإسلام قد أضاف بُعدًا جديدًا لنشاطه الذي أصبح يتماشى مع الإسلام، بتركيزه على العدل والرحمة ومقاومة الظلم، وهذه هي القيم التي دافع عنها كينج طويلًا، ويتوافق الأمر القرآني: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (النساء: 135).

وعلاوة على ذلك، يُمكن اعتبار اعتناق كينج للإسلام تحديًا للأنظمة التي تسعى إلى إسكات أي أصوات معارضة للنهج الغربي، فمن خلال انحيازه إلى عقيدة غالبًا ما تُذم في الخطاب الغربي، يتحدى كينج الروايات المعادية للإسلام، ويؤكد نبل المجتمعات الإسلامية، كما يُمثل اعتناقه للإسلام جسرًا بين نضال السود للتحرر والروحانية الإسلامية، مُرددًا صدى إرث شخصيات مثل مالكولم إكس، الذي استشهد كينج بتعاليمه كمؤثرات مبكرة على «يوتيوب».

ردود فعل متباينة

قوبل اعتناق كنج للإسلام بردود فعل متباينة، فقد أشاد المؤيدون بشجاعته وإخلاصه، بينما شكك البعض، وخصوصاً من المحسوبين على اليمين الأمريكي العنصري، وأصدقاء الكيان الصهيوني في دوافعه، وأكد كينج التزامه بالحق والعدال، مشيرًا إلى أن قراره باعتناق الإسلام قرار شخصي نتج عن سنوات من البحث والتأمل.

الإسلام والعدالة الاجتماعية

يأتي اعتناق كينج للإسلام في وقت تتزايد فيه الاعترافات العالمية بالإسلام كمصدر إلهام لحركات العدالة الاجتماعية في مجتمعات تهيمن عليها مادية عمياء ورأسمالية مجحفة، فقد أدت المجتمعات المسلمة دوراً كبيراً ومتميزاً في مقاومة القمع في أغلب أنحاء المعمورة من النضالات ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا إلى نشاط الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، والآن تحفز القضية الفلسطينية المسلمين وغير المسلمين للنضال من أجل عالم أكثر عدالة وسلاماً، وتشكل اختبارًا أخلاقيًا حاسمًا للتضامن العالمي من أجل إيصال الحقوق لأصحابها.

وهكذا ينضم كينج باعتناقه للإسلام إلى النشطاء الذين لا يرون في الإيمان ملاذًا من العالم فحسب، بل دعوة للعمل من أجل عالم أفضل.

إن اعتناق كينج للإسلام يعتبر شهادة على القوة التحويلية للإيمان يعكس تعميق التزامه بالعدالة، وإدراكه أن التضامن الحقيقي لا يتطلب فقط التوافق السياسي، ولكنه يتطلب أيضاً القرب الروحي في عالم تمزقه الحروب الظالمة والعنصرية وعدم المساواة.



المصادر:

1- Religion News Service.

2- The Muslimi Experience.

3-Prominent Social Justice Activist Shaun King Embraces Islam.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة