مصير الطابور الخامس.. لماذا يتخلى المحتل عن عملائه بعد انتهاء مهمتهم؟!

كاتب المدونة: شريف محمد

 

تُعلمنا سجلات الحروب والصراعات قاعدة لا تتغير: أن العمالة للاحتلال صفقة تنتهي دائماً بخسارة الطرف الأضعف، فالطابورالخامس، أو الأداة المحلية التي تُستخدم لتمزيق النسيج الداخلي وإضعاف الجبهة من الداخل، سرعان ما تتحول إلى ورقة محترقة بمجرد أن تنتهي صلاحيتها أو مهمتها العسكرية.

لا ينظر المحتل إلى عملائه على أنهم شركاء أو حلفاء، بل كـ«أدوات ضرورية» يتم التخلص منها في اللحظة التي يرتفع فيها ثمن استخدامها عن فائدتها، إنهم يمثلون وصمة عار لا يرغب المحتل نفسه في الاحتفاظ بها على المدى الطويل.

«أبو شباب» في غزة.. النموذج الحديث للتخلي

في سياق حرب غزة، ظهرت «مجموعة أبو شباب» في غزة كنموذج حديث ومؤلم لهذا المصير، لقد استغلهم المحتل كواجهة إنسانية لترتيب فوضى إيصال المساعدات أو كأداة لتسجيل المعلومات، ولكن بمجرد أن بدأت مهمتهم في الكشف والاحتراق، كان مصيرهم التخلي التام، تركهم المحتل ليواجهوا مصيرهم المحتوم في مواجهة العواقب، دلالة واضحة على أن الوفاء لا يوجد في قاموس العلاقة بين المحتل وعملائه.

إن المحتل يدرك أن ولاء العميل ليس لقضية أو مبدأ، بل للمصلحة والمنفعة الوقتية، وبالتالي لا يمكن الوثوق به مستقبلاً، بل قد يتحول في أي لحظة إلى عبء أمني ومعلوماتي.



النهاية المحتومة للطابور الخامس

التاريخ مليء بالأمثلة التي تؤكد أن المحتل يتخلص من عملائه لسببين رئيسين؛ إما خوفاً من كشف الأسرار، أو لأن قيمتهم تنتهي بانتهاء المعركة، ومنها:

1- «الحرس الداخلي» الفرنسي في الهند الصينية: خلال حرب الهند الصينية (فيتنام)، اعتمدت القوات الفرنسية بشكل كبير على فرق محلية (ما يسمى بـ«الحرس الداخلي»)، عندما بدأت فرنسا تخسر المعركة وتتأهب للانسحاب بعد هزيمة «ديان بيان فو» عام 1954م، تم التخلي عن آلاف العملاء والمرتزقة المحليين في الميدان.

لقد تركوا ليواجهوا الانتقام المحلي أو ليجدوا مصيراً مجهولاً، دون أي محاولة جادة لإجلائهم أو توفير حماية لهم؛ لأن أولويات الدولة المحتلة كانت سلامة جنودها وسمعتها الدولية.

2- ميلشيا «لحد»: التي كانت مدعومة من الاحتلال «الإسرائيلي» لسنوات، أحد أوضح الأمثلة في المنطقة، عندما قرر الاحتلال الانسحاب أحادياً من جنوب لبنان في مايو 2000م، لم يتم إبلاغ قيادات المليشيا مسبقاً بالتاريخ الفعلي للانسحاب، فقد تركوا فجأة في مواجهة المقاومة اللبنانية؛ ما أدى إلى انهيار سريع لصفوفهم وفرار جماعي عبر الحدود، بينما أُلقي القبض على من بقي منهم، المحتل هنا لم يتردد في التضحية بحياة عشرات الآلاف من المتعاونين لضمان انسحاب آمن لجنوده.



لماذا لا يتعلم الطابور الخامس الدرس؟!

على الرغم من وضوح هذه الأمثلة التاريخية، يظل هناك دائماً من يسقط في فخ العمالة، ويعود هذا التكرار المأساوي إلى أسباب نفسية واجتماعية عميقة:

  • وهْم القوة: يعتقد العميل أنه بوقوفه في صف القوي يصبح هو نفسه قوياً ومحصناً ضد العواقب.
  • المصالح المباشرة: الإغراءات المالية أو المناصب أو الوعود الأمنية تعمي البصر عن المصير النهائي.

الدرس التاريخي ثابت

الاحتلال يستخدم عملاءه كعازل مؤقت بينه وبين المقاومة، وعندما ينتهي دور هذا العازل، أو عندما يصبح الاحتلال في وضع يفرض عليه الانسحاب، فإن أول من يتم التضحية به أدواته وعملاؤه، التي لا مكان لها في خطط المستقبل السياسي أو الأمني للمحتل.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة