حادثة سيدني.. بين الحقيقة والتوظيف الصهيوني

جمال خطاب

17 ديسمبر 2025

69

لا يفوّت الإعلام الصهيوني حدثاً أو حادثة أياً كان حجمها إلا ويحاول استغلالها لدعم سرديته الملفقة عن مظلومية اليهود العالمية الذين تشتتوا في الأرض لمئات السنين شتاتاً انتهى بتعرضهم لأهوال المحرقة النازية التي قضت كما يدعون على ملايين اليهود.

كل ذلك في مقابل عالَم إسلامي مترامي الأطراف ولكنه عالَم إرهابي يعتنق ديناً يدعو إلى الكراهية ويريد إبادة اليهود المساكين، وإزالة دولتهم الديمقراطية الوحيدة!

هذه السردية المتهافتة التي انطلت على مليارات من البشر ردحاً من الزمان حتى جاءت «طوفان الأقصى» لتجرف كل هذا الزبد، ولتُري العالم الوجه الحقيقي البشع للصهيونية العنصرية الاستئصالية.

والآن تُستغل الحادثة التي شهدتها أستراليا في 14 ديسمبر 2025م، التي استهدفت تجمعًا يهوديًا في مدينة سيدني الأسترالية، من قبل إعلام وقادة الكيان الصهيوني لتبشيع صورة المسلمين في أنحاء العالم، ومحاولة تنميطهم كإرهابيين، ووسم دينهم كدين يدعو للإرهاب والكراهية، ولم ينس الصهاينة اتهام إيران و«حزب الله» و«حماس» بالضلوع في هجوم شاطئ بوندي، بلا دليل.

مجرد حادثة إطلاق نار جماعي

تصفت كل أجهزة الإعلام العالمية تقريباً ما حدث في بوندي بأنه «مجزرة»، وهذا تصنيف ووصف غير سليم ومبالغ فيه، فالحادثة تصنف كحادثة إطلاق نار جماعي (Mass Shootings)، وهي حوادث تقع بكثافة في الغرب وخصوصاً في أمريكا، فحتى تاريخ 30 نوفمبر 2025م، سُجِّل في الولايات المتحدة 398 حادثة إطلاق نار جماعي (Mass Shootings)، وفق تعريف «Gun Violence Archive» «4 ضحايا أو أكثر، باستثناء المنفذ»، وقد أسفرت هذه الحوادث عن 390 قتيلًا و1778 جريحًا.

هوية المنفذين لحادثة أستراليا

أعلنت السلطات الأسترالية أن منفذي الهجوم هما ساجد أكرم (50 عامًا)، ونجله نويد أكرم (24 عامًا)، وهما من أصول باكستانية، ساجد، الذي هاجر إلى أستراليا عام 1998م، كان يحمل رخصة سلاح، بينما وُلد نويد في سيدني، وعقب الحادث، قيل: إن الشرطة عثرت على رايتين لتنظيم «داعش» داخل سيارتهما، إضافة إلى عبوات ناسفة بدائية، لم تنشر لهما أي صور حتى الآن، وهذا ما تم الاعتماد عليه في نسبتهما لـ«داعش».

البطل المسلم أحمد الأحمد

في الوقت الذي فر فيه كل من وجد بالصدفة في مكان الحادث، من اليهود ومن غير اليهود، تقدم المواطن الأسترالي المسلم، الوحيد تقريباً، بشجاعة منقطعة النظير لينتزع سلاح أحد المنفذين للهجوم، معرضاً نفسه للقتل وهو يحاول منع قتل أناس لا يعرفهم ولا تجمعه بهم إلا صفة الإنسانية، ليقدم للعالم صورة الإسلام الإنساني الصحيح، الإسلام الذي لا يفهمه المسلمون إلا كرحمة للناس كافة، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.

حظي أحمد الأحمد، السوري المقيم في سيدني، بإشادة واسعة حيث وصفه رئيس وزراء أستراليا أنتوني ألبانيز بأنه «بطل حقيقي»، وأشاد به رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وحتى بنيامين نتنياهو، المطلوب للجنائية الدولية، أشاد به!

ولا شك أن هذا العمل الشجاع غير المخطط من مواطن مسلم يدحض عملياً الصورة النمطية البغيضة التي يرسمها الإعلام الصهيوني للإسلام كدين يحض على الإرهاب وللمسلمين كناشرين ومناصرين للكراهية ومحبين للإرهاب.

تغطية مغرضة في الصحف «الإسرائيلية»

تناولت الصحف «الإسرائيلية» الحدث بتركيز شديد على البعد الأيديولوجي والديني للهجوم، وربطته مباشرة بما يسمى التطرف الإسلامي:

  • «إسرائيل هيوم» نشرت تقريرًا بعنوان «مسؤول إسرائيلي: إيران وراء هجوم بوندي بيتش»، حيث نقلت عن مصدر أمني رفيع قوله: «لا شك أن توجيه الهجوم وبنيته التحتية مصدرهما طهران».
  • «هاآرتس» ربطت الهجوم بشبكات الجهاد العالمي، مؤكدة أن وجود رايات «داعش»، المزعومة دليل على البعد العقائدي.
  • «جيروزاليم بوست» وصفت الهجوم بأنه إرهاب إسلامي ضد اليهود، مشيرة إلى أن التوقيت خلال «حانوكا» يحمل دلالات رمزية.
  • «معاريف» أبرزت تصريحات مسؤولين أمنيين بأن الهجوم جزء من حملة أوسع تستهدف الجاليات اليهودية.
  • «يديعوت أحرونوت» ركزت على الشعارات المؤيدة للحق الفلسطيني مثل «عولموا الانتفاضة»، معتبرة أنها تحولت إلى فعل دموي في سيدني.
  • «مكور ريشون» اعتبرت أن استهداف طقس ديني يهودي يندرج ضمن إستراتيجية الإرهاب الإسلامي.
  • «جلوبس» أعادت النقاش إلى دور إيران في دعم الإرهاب العابر للحدود.
  • «أروتز شيفع» وصفت الهجوم بأنه تحريض معادٍ لليهود تجسد في جريمة قتل جماعي.
  • «واي نت» عنونت: الهجوم في سيدني.. التطرف الإسلامي هو المسؤول».
  • «واللا»: «مسؤولون إسرائيليون: هجوم سيدني جزء من موجة الإرهاب الإسلامي».
  • «القناة الثانية عشرة»: «مصدر أمني: يد إيران واضحة في هجوم بوندي».
  • «إسرائيل 24»: الهجوم على حانوكا في سيدني إرهاب إسلامي بامتياز
  • «جيروزاليم بوست» (نسخة إلكترونية): إدانة واسعة للهجوم الإرهابي الإسلامي في سيدني.
  • «معاريف أونلاين»: «مجزرة بوندي: الإرهاب الإسلامي يضرب اليهود في الخارج».
  • «هاآرتس دوت كوم»: الهجوم مرتبط بأيديولوجية الجهاد العالمي.
  • «إسرائيل هيوم أونلاين»: الهجوم في سيدني جزء من حملة إيرانية ضد اليهود.

تصريحات المسؤولين «الإسرائيليين»

أدلى كبار المسؤولين «الإسرائيليين» بتصريحات عنصرية تربط الهجوم بالتطرف الإسلامي:

  • بنيامين نتنياهو (المطلوب للعدالة الدولية): جريمة قتل بدم بارد، معاداة السامية تنتشر عندما يلتزم القادة الصمت، يجب استبدال الضعف بالفعل.
  • إسحاق هرتسوغ (رئيس الكيان): في هذه اللحظات، تعرّض إخوتنا وأخواتنا في سيدني لهجوم شنيع من إرهابيين أشرار، نرسل أقوى تضامننا من القدس.
  • جدعون ساعر (وزير الخارجية): هذه نتيجة الهيجان المعادي لليهود في شوارع أستراليا، في إشارة للاحتجاجات ضد الإبادة الجماعية في غزة، مع تحقّق النداءات التحريضية «عولموا الانتفاضة» اليوم.
  • أرييه درعي (رئيس حزب شاس): موجة التحريض المعادي لليهود انفجرت اليوم في جريمة خسيسة وتشكّل إنذارًا صارخًا.
  • يتسحاق جولدكنوف (رئيس حزب يهدوت هتوراه): معاداة السامية واحدة في كل مكان، كراهية اليهود لا تعرف حدودًا.
  • إيلي كوهين (وزير الطاقة): نقف مع الجالية اليهودية في سيدني، ونصلّي من أجل شفاء الجرحى.
  • بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية): هذا جزء من حملة أوسع للإرهاب الإسلامي ضد اليهود.
  • إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي): التحريض يولّد الإرهاب؛ يجب أن نرد بحزم.

من خلال استعراض التغطية الإعلامية والتصريحات الرسمية، يتضح أن «إسرائيل» تحاول أن تستغل حادثة «بوندي بيتش» كذريعة لحملة تشويه عالمية بعنوان «التطرف الإسلامي ضد اليهود»، الصحف والمواقع لم تكتفِ بوصفه حادثًا محليًا، بل ربطته مباشرة بشبكات الجهاد العالمي، وأحيانًا بدور إيران في دعم مثل هذه العمليات، والمسؤولون السياسيون استخدموا لغة عنصرية تحريضية ضد الإسلام والمسلمين، لا تستند إلى أدلة مقنعة، فما وقع لا يزيد على كونه حادثة إطلاق نار جماعي تحدث مئات الحوادث مثلها في الغرب كل عام.

يحاول الإعلام الصهيوني تحويل حادثة «بوندي بيتش» إلى نقطة ارتكاز في الخطاب «الإسرائيلي» حول معاداة السامية والتطرف الإسلامي بعد أن تلقت سرديته الملفقة ضربة قاصمة ببركة «طوفان الأقصى»، لم يعد العالم مستعداً لبلع الإفك الصهيوني حول الإسلام والمسلمين، الذي عاد العالم ليعترف لهم بالفضل والسبق بعد أن رأى كيف تناضل غزة وحدها نيابة عن العالم لاستعادة الحقوق الإنسانية لها ولكل المضطهدين والمهمشين في العالم، وكيف عاملوا الأسرى الصهاينة بإنسانية منقطعة النظير في الوقت الذي يعامل أسراهم بوحشية وبشاعة لا إنسانية في السجون «الإسرائيلية».

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة