الأكاديميون واجهة قيادة حراك العقول الغربية

في جل معارك
الأمة الإسلامية أمام القوى الاستكبارية، كان العلماء وأرباب القلم والفكر والعلم
هم القادة الظل والفاتحون الحقيقيون الذين يصنعون الإنجاز الأول الإستراتيجي
الفكري قبل الميداني، هم من يصنعون الطوفان الإستراتيجي التنظيري قبل الطوفان
السياسي والعسكري.
وفي معارك محمد الفاتح لتحرير القسطنطينية، كان خلف المشروع هو أق شمس الدين، وهو معلم محمد
الفاتح ومن رباه وعلمه وقدم له خطة صناعة الجيل، ومع صلاح الدين الأيوبي كان معلمه
ومربيه وصاحب رؤية التحرير القاضي عبدالرحيم البيساني، ومرب آخر وعالم وصالح مصلح
وهو عيسى الهكاري.
«طوفان الأقصى».. وكشف حرب الصهيونية على العلماء والمفكرين
في معركة «طوفان الأقصى»، كان الحدث مرحلة لنفقه من النصير والمعين والموجه والمرشد للمعركة، ومن
المتخاذل والمتقاعد، هذه المعركة كشفت لنا أن الصهيونية استهدفت في غزة المفكرين
والعلماء لأنهم كانوا أرباب تربية جيل كسر إستراتيجية الجيش الصهيوني، بل وكسر
جهود قوى عالمية شاركت بأساطيل ومستودعات وأسلحة أوروبية، بل ويسعى السلاح الثاني
للصهاينة وهو التطبيع كإستراتيجية لاختراق الشعوب العربية والإسلامية للتنسيق مع
الأنظمة والاستخبارات العربية لتدمير دور المفكرين والعلماء والباحثين كقوة تناصر
غزة وتقود الحراك ضد الصهيونية.
ومن بين عالم
الفكر والعلم هناك قوة الأكاديمي الباحث والجامعي، هؤلاء قوة في الجامعات والمدارس
والكليات ولهم بصمتهم في معركة «طوفان الأقصى»؛ توعية وبحثاً ونشراً للسردية
الفلسطينية.
خارطة أكاديمية لمواجهة زيف الرواية الصهيونية
ونقترح في هذا
التخصص مجموعات من الأفكار لعلها تعين الأكاديمي لتقويض الرواية الصهيونية خصوصاً
تجاه المسجد الأقصى:
أولاً: نبغي
انتهاز الفرصة التاريخية زمن معركة «طوفان الأقصى» من الأكاديميين للتوعية
بالأحقية التاريخية والأثرية لفلسطين والمسجد الأقصى لصالح الفلسطيني.
إذا كان
الأكاديميون ينظمون العشرات من المحاضرات والمساقات في الجامعات للتعريف بالمسجد
الأقصى وتاريخه والقدس وزيف وأباطيل روايات العهد القديم والتوراة عن المعبد
اليهودي و«الهيكل» المزعوم، فإن «طوفان الأقصى» تختصر المسافة في ضرب الرواية
الصهيونية وبيان الحقيقة، وكأن هذه المعركة سرعت في المعرفة ودفعت الكثير إلى
البحث، بل وكأنها توازي الآلاف من المحاضرات التي تكشف حقيقة المسجد الأقصى، ومن
هم أصحابه، ومن هو المحتل، وكيف حقق المؤرخون والأكاديميون الصهاينة أكبر احتلال
ثقافي وعلمي أكاديمي لتزييف الحقيقة وقلب المفاهيم التي وصلت روايتها الصهيونية
تدرس في الجامعات والمدارس الغربية، انطلاقاً من مصادر ومراجع تاريخ اليهود كتبه
المزيفون الصهاينة.
لذلك، يمكن
انتهاز حراك العالم وتوجهه للنصرة، وفرصة زمن المعركة لتوسيع المعرفة عن المسجد
الأقصى والقدس، وسبر أغوار جهود الصهيونية لتزييف الحقيقة؛ أثرياً وتاريخياً
وتوثيقياً وعلمياً وسياسياً وقانونياً.
ثانياً: يمكن
للأكاديميين خصوصاً الغرب في الجامعات والمراكز العلمية إخراج تراث كبير علمي عن
هذه الأرض المباركة وعن المسجد الأقصى والقدس والحقيقة الدينية والتاريخية
والأثرية وأحقيتها للمسلمين والفلسطينيين، وهذا من خلال إخراج الكتب والدراسات
وجهود الأعلام الغربيين ممن كتبوا في هذا التخصص ودافع عن المسجد الأقصى وضرب
الرواية الصهيونية من بوابة البحث الأثري أو التاريخي وعلم مقارنة الأديان.
هناك كتب
ودراسات جمة في هذا المجال، لكنها تعرضت للمنع والحرب، وفي بعض الأحيان للحرق،
واغتيال أصحابها أو تهديدهم وتهميشهم مثلما حدث مع المفكر الفرنسي روجي جارودي حين
بدأ يكتب عن الأساطير الصهيونية وزيف الادعاء الصهيوني عن القدس والمسجد الأقصى.
نظن أن الطلبة
والباحثين الغربيين سيتفاعلون كثيراً مع المفكرين والأكاديميين من بني جلدتهم،
ويسمعون لروايتهم ويفهمونها أعمق وأكثر من الأكاديمي العربي وإن تحدث بلغتهم.
ثالثاً: هناك
مجموعة من المؤسسات الغربية، بل وبعض القادة رصدوا بعد «طوفان الأقصى» أن الرواية
الصهيونية رواية كاذبة منذ سنين، وبالتالي الرواية التوراتية التي تعد مرجعاً في
العلوم الدينية والتاريخية في الجامعات والمراكز الغربية هي مصدر مزيف في حاجة إلى
تعديل وإدخال الصحيح.. هذه فرصة لتصحيح علوم التاريخ والدين والآثار في هذه
المستوى الأكاديمي، بما أن المؤسسة السياسية الرسمية كشفت زيف الرواية اليهودية
الصهيونية التوراتية.
رابعاً: كخطوة
رابعة، تحتاج القوة الأكاديمية الغربية في الجامعات والمراكز إلى دعم وعون أكاديمي
من القوة العربية والإسلامية؛ لأنها قوة تمتلك آليات الدراسة للرواية الصحيحة،
ولها تراث زاخر من مراجع عربية يمكن أن يعتمد في الجامعات الغربية كمرجع بما أنه يتسم
بالصحة والدقة لا الزيف والكذب العلمي.
ونقترح من هذا
المنبر صناعة موقع أكاديمي علمي باللغة الفرنسية والإنجليزية والإسبانية يضم
أرشيفاً جامعاً لهذا التراث ولهذه المراجع وجهود أعلام التاريخ والآثار والدين ممن
كتبوا عن الصهيونية واليهودية وزيف علومها وتاريخها وآثارها المزورة عن «الهيكل»،
ومن كتبوا عن الرواية الفلسطينية والمسجد الأقصى والقدس وحقيقة من أصحاب الأرض
والتاريخ.
إذا تمكنا من
ذلك، فإن البحوث العلمية للطلبة سيكون مرجعها صافياً نقياً صحيحاً، بل كل المؤسسات
الإعلامية والثقافية والجمعوية والفنية والأدبية والسياسية سيكون مرجعها صحيحاً لا
يحتمل الزيف، آنذاك سيُصنع جيل غربي نقي صاف من كل الأكاذيب والزيف العلمي الثقافي
اليهودي الصهيوني، فالمعرفة بوابة التغيير وصناعة الجيل وتصحيح المفاهيم.
التغلغل الصهيوني في الغرب واغتيال المسيحية
وإذا عدنا إلى
بداية تغلغل الصهيونية في الغرب، فسنرصد أن الصهيوني وظَّف العلم والتاريخ
والثقافة والأدب لإقناع الشعوب الغربية بوطن قومي يهودي في فلسطين، من هنا كانت
البداية لتقمص العقل الغربي السياسي والشعبي، وقد نجحوا في ذلك مع جهود اغتيال أو
حصار أرباب الحقيقة التاريخية من أعلام غربيين مؤرخين ومفكرين وباحثين وأثريين.
ولا ننسى أن
اليهودية تغلغلت حتى في العلوم المسيحية وفي المسيحية والفاتيكان، وقامت بتزييف
التاريخ المسيحي، وكانت المسيحية ضحية اغتيال كبير وهو اغتيال الدين بالدين،
واغتيال الكلمة بالكلمة، كله من خلال التحريف والتزييف الذي ذكره القرآن وكشفه منذ
عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
فلو فقهت العقول
الغربية أن المسيحية التي يؤمنون بها كانت ضحية التزييف والكذب من الرواية
اليهودية التوراتية، آنذاك يمكن للعقل الغربي أن ينتفض علمياً ليصحح ويواجه هذا
الاختراق اليهودي الأكاديمي، رغم تقبل الغباء الغربي هذا الزيف لقرون.