عقيدة الصمود في مواجهة ضغوط التهجير
بعد ارتقاء 6 من أنجال المواطن الغزي إبراهيم أبو مهادي، مرة واحدة بقصف
غادر داخل سيارة اجتمعوا بها وسط قطاع غزة، لتلبية نداء الاستغاثة في محاولة منهم
مساعدة أبناء شعبهم الذين يعانون الحرب وألم الجوع، وأداء صلاة الجنازة التي كان
إمامها، قال للعالم أجمع: صامدون على أرضنا مهما فعل بنا الاحتلال «الإسرائيلي».
هذا الصمود والثبات الأسطوري، يجعل أبناء غزة ينسجون فيما بينهم قوة من
الصعب أن تكسرها كل مؤامرات التهجير التي تحاك ضد غزة، حينما قالها الحاج إبراهيم
بعد أن ارتقى كافة أبنائه الذكور، فهو يسطر كلماته ليس بالحروف، بل بدماء الشهداء
الطاهرة الذكية.
هذا الصمود ثمنه غال جداً، يدفعه أهل غزة كل يوم من دمائهم الغالية؛ الأمر
الذي يجعل من فكرة التهجير شيئاً من المحال تقبله.
ضغوط التهجير
الحياة في غزة تحت نيران الحرب القاسية ليس بالأمر اليسير، خاصة أن أهل غزة
لا يعيشون حرباً واحدة، إنما حروب متتالية لا تعرف للرحمة أي معنى، منها حرب
التجويع بفقدان أبسط الأشياء وأهمها الطحين، والمواد الغذائية الأساسية الأخرى، والمعابر
ما زالت مغلقة لا يتم السماح بدخول أي شيء من المواد الغذائية منذ فترة طويلة؛ ما
جعل المؤسسات الإغاثية تغلق أبوابها خاصة بعد تعمد استهداف طواقمها.
ويضاف إلى ذلك حرمان غزة من الحصول على الماء، فهذه معركة قاسية تعمد بها
الاحتلال ضرب محطات المياه، وخطوطه الأمر الذي جعل معاناة الحصول على الماء ليس
بالأمر اليسير، فكل يوم لا بد أن تكون هنالك رحلة التعب، والإرهاق تحت نيران القصف
في البحث عنه، والحرمان من الكهرباء ووقود السيارات وغاز الطهي وغير ذلك أكثر.
والحرب الأخرى التي يعيش نيرانها أهل غزة، الحرمان من العلاج؛ فكثير من
المستشفيات كانت عبارة عن بنوك أهداف لصواريخ الاحتلال، الأمر الذي أخرجها عن
الخدمة الطبية، وتزيد المعاناة بحرمان الجرحى من العلاج، فكثير منهم يرتقون نظراً
لعدم وجود إسعاف، لنقلهم أو حتى مستلزمات طبية لتخيط جراحهم النازفة، والحال ليست
بأفضل بالنسبة للأرصدة الدوائية، فأغلب مؤشرات مخزونها صفر.
القصف المتواصل
أنواع من الآليات والأسلحة كانت بالنسبة لقطاع غزة حقل تجارب؛ حيث يمارس
الاحتلال على أهل غزة أبشع أنواع السياسات الظالمة في استخدام الأسلحة التي وصفت
بالفتاكة، والمحرمة دولياً، فكثير من الأطباء كانوا يقفون عاجزين أمام الجرحى؛
نظراً لصعوبة إصاباتهم الخطيرة جداً وتقطع أجسادهم.
والأمر لم ينته بقصف الصواريخ على رؤوس ساكنيها، بل قصف الخيام على أجساد
ساكنيها، حتى الصحفيين لم يسلموا بسبب حصانتهم الدولية بحمايتهم، بل كانوا ضمن
معركة الاستهداف المتعمد، التي كانت من بينها ارتقاء عدد كبير منهم، وقصف أكثر من
خيمة كان يعمل بها عدد منهم؛ الأمر الذي أدى إلى ارتقاء بعضهم بعد أن اشتعلت
النيران في أجسادهم.
التحريض على المقاومة
ومن بين المعارك التي يخوضها قطاع غزة وسائل الاحتلال المختلفة التي يتعمد
بثها من خلال عملائه، وغيرهم، لتقليب الشعب ضد المقاومة، وإظهار أن المقاومة هي
سبب معاناة أهل غزة، وأن خلاص غزة يكون بالخلاص من المقاومة.
كل ما سبق وأكثر ما هي إلا ضغوطات يمارسها الاحتلال وفق خطته التي يسعى
إليها لتهجير أهل غزة، لكن السؤال المهم وفق المعطيات والضغوطات الكبيرة: هل ممكن
أن يستسلم أهل غزة ويرضخوا لفكرة التهجير؟!
يقيناً بالله تعالى، ثم بصمود وثبات أهل غزة، فمن المحال أن تنجح خططهم،
حتى وإن ظهرت بالتقديرات البشرية أنه لا مجال لغير ذلك، لكن حقيقة مهما بلغت
التحليلات والتقديرات البشرية، فإن غزة ليست مجرد أرض، فعلاقة أهل غزة بأرضهم أكبر
بكثير من علاقة وطن ومواطن، هي علاقة رحلة الإسراء والمعراج، هي علاقة أرض
الأنبياء، هي علاقة المسلم بدينه، ومن المحال أن يتخلى أهل غزة عن عقيدتهم السليمة
في جهادهم تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله».