«الجارديان»: مايكروسوفت وأمازون وجوجل تدعم الجيش «الإسرائيلي» منذ بدء العدوان على غزة

جمال خطاب

08 أبريل 2025

289

هاري ديفيز، ويوفال أبراهام 

 

 

كشفت وثائق مسربة أن اعتماد الجيش «الإسرائيلي» على تقنية مايكروسوفت السحابية وأنظمة الذكاء الاصطناعي قد ازداد بشكل كبير خلال المرحلة الأكثر كثافة من قصفه لغزة.

تُقدّم الملفات نظرة من الداخل على كيفية تعميق مايكروسوفت لعلاقتها مع المؤسسة الدفاعية «الإسرائيلية»، بعد 7 أكتوبر 2023م، حيث زوّدت الجيش بخدمات حوسبة وتخزين أكبر، وأبرمت صفقات لا تقل قيمتها عن 10 ملايين دولار لتوفير آلاف الساعات من الدعم الفني.

وكُشف النقاب عن العلاقات العميقة بين مايكروسوفت والجيش «الإسرائيلي»، في تحقيق أجرته صحيفة «الجارديان» بالتعاون مع «مجلة +972» «الإسرائيلية» الفلسطينية وموقع «لوكال كول» الناطق بالعبرية، ويستند هذا التحقيق جزئيًا إلى وثائق حصلت عليها «Drop Site News»، التي نشرت تقريرها الخاص.

يُلقي التحقيق، الذي يستند أيضًا إلى مقابلات مع مصادر من مختلف أنحاء مؤسسة الدفاع والاستخبارات «الإسرائيلية»، ضوءًا جديدًا على كيفية لجوء جيش الدفاع «الإسرائيلي» إلى شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى لتلبية المتطلبات التكنولوجية للحرب.

وثائق تُسلّط الضوء على كيفية دمج «إسرائيل» لشركة مايكروسوفت في جهودها الحربية لتلبية الطلب المتزايد على أدوات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي

بعد شن هجومه على غزة في أكتوبر 2023م، واجه الجيش «الإسرائيلي» اندفاعًا مفاجئًا في الطلب على التخزين وقوة الحوسبة؛ ما دفعه إلى توسيع بنيته التحتية للحوسبة بسرعة واحتضان ما وصفه أحد القادة بأنه «عالم رائع لمقدمي الخدمات السحابية».

ونتيجة لذلك، قالت مصادر دفاعية «إسرائيلية» متعددة: إن الجيش «الإسرائيلي» أصبح يعتمد بشكل متزايد على شركات مثل مايكروسوفت وأمازون وجوجل لتخزين وتحليل كميات أكبر من البيانات والمعلومات الاستخباراتية لفترات أطول.

وثائق مسربة

تشير الوثائق المسربة، التي تتضمن سجلات تجارية من وزارة الدفاع «الإسرائيلية» وملفات من شركة مايكروسوفت «الإسرائيلية» التابعة، إلى أن منتجات وخدمات مايكروسوفت، وخاصة منصة الحوسبة السحابية «Azure»، كانت تُستخدم من قبل وحدات في القوات الجوية والبرية والبحرية «الإسرائيلية»، بالإضافة إلى مديرية الاستخبارات التابعة لها، في حين استخدم جيش الدفاع «الإسرائيلي» بعض خدمات مايكروسوفت لأغراض إدارية، مثل أنظمة البريد الإلكتروني وإدارة الملفات، وتشير الوثائق والمقابلات إلى استخدام «Azure» لدعم الأنشطة القتالية والاستخباراتية.

بصفتها شريكًا موثوقًا به لوزارة الدفاع «الإسرائيلية»، كُلّفت مايكروسوفت بشكل متكرر بالعمل على مشاريع حساسة وشديدة السرية، كما عمل موظفوها بشكل وثيق مع مديرية الاستخبارات في جيش الدفاع «الإسرائيلي»، بما في ذلك وحدة المراقبة النخبوية، الوحدة «8200».

شراكة مع «أوبن أيه آي»

في السنوات الأخيرة، تُظهر الوثائق أن مايكروسوفت زوّدت الجيش «الإسرائيلي» بإمكانية وصول واسعة النطاق إلى نموذج «OpenAI GPT-4» -المحرك وراء «ChatGPT»- بفضل شراكة مع مطور أدوات الذكاء الاصطناعي الذي غيّر مؤخرًا سياساته ضد العمل مع عملاء الجيش والاستخبارات.

رفضت مايكروسوفت التعليق على نتائج التحقيق أو الإجابة عن أسئلة حول عملها لصالح الجيش «الإسرائيلي»، وقال متحدث باسم الجيش «الإسرائيلي»: «لن نعلق على هذا الموضوع»، كما رفضت وزارة الدفاع «الإسرائيلية» التعليق، إن الكشف عن العلاقات العميقة بين شركة مايكروسوفت والجيش «الإسرائيلي» ودمج أنظمتها في المجهود الحربي يوضح نمو مشاركة القطاع الخاص في الحرب عالية التقنية والتمييز غير الواضح بين البنية التحتية الرقمية المدنية والعسكرية.

تحديد الأهداف بالذكاء الاصطناعي

في الولايات المتحدة، تخضع العلاقات التجارية بين الجيش «الإسرائيلي» وشركات التكنولوجيا الكبرى لتدقيق متزايد، وقد أثارت احتجاجات بين العاملين في مجال التكنولوجيا الذين يخشون أن تكون المنتجات التي يصنعونها ويصونونها قد مكّنت من نشوب حرب في غزة تُتهم فيها «إسرائيل» بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.

«الجارديان» تكشف النقاب عن العلاقات العميقة بين مايكروسوفت والجيش «الإسرائيلي» في تحقيق بالتعاون مع مصادر «إسرائيلية» وفلسطينية

ومع ذلك، في حرب اشتهرت بتطبيق جيش الدفاع «الإسرائيلي» لأنظمة جديدة في ساحة المعركة -بما في ذلك أدوات تحديد الأهداف المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل ذا جوسبل، ولافندر- ظل الدور الذي مارسته شركات التكنولوجيا الكبرى التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها في دعم عمليات «إسرائيل» في غزة، حتى الآن، بعيداً عن الأنظار إلى حد كبير.

شراكة عميقة

في عام 2021م، بعد فشل مايكروسوفت في تأمين صفقة بقيمة 1.2 مليار دولار لإصلاح البنية التحتية للحوسبة السحابية في القطاع العام «الإسرائيلي»، نظر مسؤولوها التنفيذيون بحسد إلى أمازون وجوجل، اللتين وحدتا جهودهما للفوز بالعقد الضخم، المعروف باسم «مشروع نيمبوس».

على الرغم من أن هذا القرار يُعدّ ضربةً موجعة لأعمال مايكروسوفت في «إسرائيل» ومكانتها كمزوّد رئيس للخدمات السحابية لجيش الدفاع «الإسرائيلي»، فإن الوثائق تُشير إلى أن الشركة اطمأنت إلى مؤشرات مسؤولي الدفاع «الإسرائيليين» على استمرار شراكتهم القوية مع الجيش.

كان المسؤولون التنفيذيون يأملون في استمرار نمو العلاقة، ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى دمج تقنيات الشركة وخدماتها في أكثر أجزاء عمليات جيش الدفاع «الإسرائيلي» تعقيدًا وسرية.

تُظهر الوثائق المُسربة كيف دعمت شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة مجموعةً من الأنشطة الحساسة، بما في ذلك:

- استُخدمت منصة مايكروسوفت السحابية «Azure» من قِبل وحدات استخبارات عسكرية متعددة، بما في ذلك الوحدة «8200» والوحدة «81»، اللتان تُطوّران أحدث تقنيات التجسس لأجهزة الاستخبارات «الإسرائيلية».

- تم صيانة نظام تستخدمه قوات الأمن «الإسرائيلية» لإدارة سجل السكان وحركة الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، والمعروف باسم «رولينج ستون»، باستخدام تقنية مايكروسوفت.

- خلال العدوان على غزة، استُخدمت مجموعة أنظمة الاتصالات والمراسلة من مايكروسوفت من قِبل وحدة «أوفيك»، وهي وحدة تابعة لسلاح الجو «الإسرائيلي» مسؤولة عن إدارة قواعد بيانات ضخمة للأهداف المحتملة للضربات القاتلة والمعروفة باسم «بنوك الأهداف».

- كما عمل موظفو مايكروسوفت ومتعاقدوها عن كثب مع أفراد عسكريين في جيش الدفاع «الإسرائيلي»، مقدمين المشورة والدعم الفني عن بُعد وفي القواعد العسكرية.

- خلال العدوان على غزة، قدّم مهندسو مايكروسوفت الدعم لوحدات استخبارات جيش الدفاع «الإسرائيلي»، مثل الوحدة «8200»، ووحدة تجسس سرية أخرى، الوحدة «9900» -التي تجمع وتحلل المعلومات الاستخباراتية البصرية- لدعم استخدامهم للبنية التحتية السحابية.

- ووفقًا للملفات، وافقت وزارة الدفاع «الإسرائيلية»، بين بداية الحرب في أكتوبر 2023 ونهاية يونيو 2024م، على شراء 19 ألف ساعة من خدمات الدعم الهندسي والاستشارات من مايكروسوفت لمساعدة مجموعة واسعة من وحدات الجيش «الإسرائيلي»، ويبدو أن هذه الصفقات قد ولّدت حوالي 10 ملايين دولار كرسوم لشركة مايكروسوفت.

نقلة نوعية

في كتاب صدر عام 2021م، كشفت صحيفة «الجارديان» عن توقع رئيس الوحدة «8200» آنذاك أن طلب الجيش «الإسرائيلي» على الحوسبة السحابية سيدفعه إلى الشراكة مع شركات مثل مايكروسوفت وأمازون بطرق مشابهة لعلاقاته الحالية مع كبرى شركات تصنيع الأسلحة مثل لوكهيد مارتن.

موظفو مايكروسوفت عملوا بشكل وثيق مع مديرية الاستخبارات في الجيش «الإسرائيلي» بما في ذلك وحدة المراقبة النخبوية (8200)

بعد عامين، ومع شروع «إسرائيل» في غزو بري وحملة جوية على غزة، غير مسبوقة في سرعتها وكثافتها، اقترن طلب الجيش «الإسرائيلي» النهم على القنابل بحاجته إلى وصول أكبر إلى خدمات الحوسبة السحابية.

أتاح هذا فرصة لمايكروسوفت لتعميق علاقتها مع الجيش «الإسرائيلي»، في نوفمبر 2023م، تشير الملفات إلى أن وزارة الدفاع «الإسرائيلية» لجأت إلى الشركة لتقديم دعم سريع لوحدة الحوسبة المركزية للجيش، المعروفة باسم «مارام».

بصفتها مسؤولة عن البنية التحتية التقنية للجيش، كانت وحدة «مارام» في طليعة تحول الجيش «الإسرائيلي» نحو اعتماد أكبر على شركات الحوسبة السحابية التجارية، صرح قائد الوحدة في مؤتمر للصناعات الدفاعية في تل أبيب العام الماضي كيف أن أنظمة الجيش «الإسرائيلي» كانت في بداية الغزو البري «الإسرائيلي» غارقة، مما دفع الوحدة إلى شراء قوة حوسبة من العالم المدني.

وفي تصريحات كشفتها شبكتا «+972» و«Local Call»، أوضحت العقيد راشيلي ديمبينسكي أن الميزة الأهم التي قدمتها شركات الحوسبة السحابية هي وفرة خدماتها الهائلة، بما في ذلك قدراتها المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، وقالت: إن العمل مع هذه الشركات وفّر للجيش «الإسرائيلي» فعالية عملياتية كبيرة للغاية في غزة.

وعلى الرغم من أن ديمبينسكي لم تذكر أسماء مزودي الخدمات السحابية الذين يعتمد عليهم الجيش «الإسرائيلي» الآن، فإن شعار «Azure» إلى جانب شعارات «Amazon Web Services وGoogle Cloud» ظهر في شرائح محاضرتها.

زيادة مطردة بعد عدوان أكتوبر

ووفقًا لتحليل الوثائق المسربة، كان متوسط ​​استهلاك الجيش «الإسرائيلي» الشهري لمرافق التخزين السحابي من «Microsoft Azure» في الأشهر الستة الأولى من الحرب أعلى بنسبة 60% مما كان عليه في الأشهر الأربعة التي سبقت الحرب.

وتشير الوثائق إلى أن استهلاك الجيش «الإسرائيلي» لمنتجات Microsoft القائمة على الذكاء الاصطناعي قفز أيضًا في فترة مماثلة، بحلول نهاية مارس 2024م، كان استهلاك الجيش الشهري لمجموعة أدوات التعلم الآلي من «Azure» أعلى بـ 64 مرة مما كان عليه في سبتمبر 2023م.

لم يُحدد بالضبط كيف استخدم الجيش «الإسرائيلي» منتجات «Azure» القائمة على الذكاء الاصطناعي، لكن الوثائق تشير إلى أنه اعتمد على مجموعة من أدوات الترجمة وتحويل الكلام إلى نص المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

كما تشير الملفات إلى أن نسبة كبيرة من الخدمات القائمة على الذكاء الاصطناعي التي تدفعها وزارة الدفاع استخدمها الجيش على ما يسمى بأنظمة معزولة ومنفصلة عن الإنترنت والشبكات العامة، مما يزيد من احتمال استخدامها لمهام أكثر حساسية.

ويبدو أيضًا أن الجيش «الإسرائيلي» قد اعتمد على الخدمات القائمة على الذكاء الاصطناعي من منافسي مايكروسوفت، فقد ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن قسم الحوسبة السحابية في جوجل وفّر للجيش «الإسرائيلي» إمكانية الوصول إلى خدماته القائمة على الذكاء الاصطناعي، تشير الملفات إلى أن استخدام الجيش لمنتجات «OpenAI»، مثل محرك «GPT-4» -وهو نموذج ذكاء اصطناعي قوي مصمم لفهم اللغة الطبيعية وتوليدها- قد ارتفع بشكل حاد في الأشهر الستة الأولى من الحرب، وقد تم الوصول إلى النماذج عبر منصة «Azure» بدلاً من «OpenAI» مباشرةً.

عقيد بالجيش «الإسرائيلي»: العمل مع مايكروسوفت وأمازون وجوجل وفّر للجيش «الإسرائيلي» فعالية عملياتية كبيرة للغاية في غزة

في مرحلة ما من عام 2024م، شكلت أدوات «OpenAI» ربع استهلاك الجيش لأدوات التعلم الآلي التي توفرها «Microsoft»، وبحسب ما ورد، استثمرت الشركة في السنوات الأخيرة 13 مليار دولار في «OpenAI».

في يناير 2024م، ألغت «OpenAI» بهدوء قيودها الخاصة على استخدام خدماتها في الأنشطة العسكرية والحربية كجزء من إعادة صياغة شاملة لسياساتها، في هذا الوقت تقريبًا، تشير الملفات إلى أن استهلاك الجيش «الإسرائيلي» لمجموعة منتجات «Azure OpenAI» بدأ في الارتفاع.

ولم يتضح بعد كيف استخدم الجيش نماذج «OpenAI» أو ما إذا كانت تؤدي أي دور في دعم الأنشطة القتالية أو الاستخباراتية، عند التواصل مع «OpenAI» للتعليق، لم تُجب عن أسئلة حول معرفتها بكيفية استخدام الجيش «الإسرائيلي» لمنتجاتها، وصرح متحدث باسم «OpenAI»: لا توجد شراكة بين «OpenAI» وجيش الدفاع «الإسرائيلي»، وأشار المتحدث إلى سياسة الاستخدام المُحدثة للشركة، والتي حظرت استخدام منتجاتها لتطوير أو استخدام الأسلحة، أو إيذاء الآخرين، أو تدمير الممتلكات.

في مايو 2024، بدأت مايكروسوفت بالترويج للطرق التي يُمثل بها دمج أدوات «OpenAI» على منصة «Azure» الخاصة بها نقلة نوعية لمؤسسات الدفاع والاستخبارات، حيث يُتيح تعزيز القدرات البشرية وتحقيق سرعة ودقة وكفاءة أكبر.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة