اكتشاف أثري بارز في الكويت.. معبد برونزي يعود لحضارة «دلمون» في جزيرة فيلكا
أعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب (NCCAL)، الأحد 26
أكتوبر 2025م، عن الكشف عن معبد يعود إلى العصر البرونزي –أي قبل نحو 4000 عام–
يعود إلى حضارة دلمون، في جزيرة فيلكا، ضمن موسم التنقيب الأثري لعام 2025م، وقد
تم الكشف في إطار بعثة مشتركة كويتية-دنماركية، بالتعاون مع متحف «موسغارد» (Moesgaard Museum) من الدنمارك.
وقد ركّزت أعمال
الحفر على تل يُعرف بـ«تل F6» شرق موقع القصر والمعبد السابق، وما يجعل
الاكتشاف أكثر تميزاً هو أن المعبد المكتشف يقع تحت معبد سابق تم الإعلان عنه في
موسم التنقيب السابق؛ ما يعني وجود معبدين متراكبين في الموقع ذاته، وكلاهما من
حضارة دلمون المبكرة، بحسب كويت تايمز.
تفاصيل الاكتشاف
أوضح محمد بن
رضا، الأمين العام المساعد لقطاع الآثار والمتاحف بالتكليف في المجلس، أن الفريق
الكويتي قد كشف التصميم الكامل للمَعبد الذي يعود إلى الفترة البرونزية، والمُمضي
بأن المعبدين أحدهما فوق الآخر في نفس الموقع.
رئيس البعثة
الدنماركية د. ستيفان لارسن أوضح أن المواسم السابقة كشفت عن جدران يُعتقد أنها
جزء من منصة معبد صغير بمساحة تقارب 11 × 11 متر، ويعود إلى حوالي 1900 ق.م بحسب كونا.
الموسّم الحالي
أفرز أساسات معبد آخر أقدم أسفل المعبد المكتشف سابقاً، كما عُثر على مقتنيات
أثرية مثل الأختام (seals) والأواني الفخارية التي تؤكد انتماء الموقع
لفترة دلمون المبكرة، وفقاً لأستاذ الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة الكويت د. حسن
أشكناني، فإن اكتشاف معبدين يعودان للفترة ما بين 1900 و1800 ق.م يُعد إنجازاً
فريداً في تاريخ الاكتشافات الكويتية.
الأهمية الأثرية والتاريخية
هذا الاكتشاف
يحمل عدة مستويات من الأهمية، منها:
1- توسيع
المعرفة بحضارة دلمون: تُعد حضارة دلمون من الحضارات القديمة التي امتدت في منطقة
الخليج، وتمتاز بوصفها مركزاً تجارياً وروابط بين الحضارات القديمة، مثل بلاد ما
بين النهرين ووادي السند، وجود معبدين متراكبين يوفر دلائل جديدة على الممارسات
الدينية والهيكل الاجتماعي والديني في تلك الحقبة.
2- تعزيز مكانة
جزيرة فيلكا: إن اكتشاف هذا المعبد – ووجود 4 معابد متجاورة تقريباً في المنطقة
الجنوبية الغربية للجزيرة– يعزز الفرضية بأن فيلكا كانت مركزاً دينياً وإدارياً مهماً
في العصر البرونزي.
3- البعد
المعماري والوظيفي: من خلال المخططات والمقاسات (11×11 متراً تقريباً) والأساسات
المكتشفة، يمكن للباحثين استكشاف كيف صُمّمت المعابد، وطقوس العبادة، وكيف ترتبط بالمباني
الإدارية أو القصور المجاورة.
4- الحفظ
والترميم والبحث العلمي: تؤكد الجهات الكويتية اهتمامها بدعم عمليات التنقيب
والترميم وإجراء الأبحاث العلمية؛ ما يعزز الجهود المحلية والدولية في حفظ التراث بحسب غولف نيوز.
سياق تاريخي وجغرافي
جزيرة فيلكا تقع
نحو 20 كم من ساحل الكويت، وكانت تمثل موقعاً مهماً تجارياً وثقافياً منذ الألفية
الثالثة قبل الميلاد.
وحضارة دلمون –التي
ارتبطت غالباً ببحر الخليج القديم– شملت شبكة من العلاقات التجارية بين ما بين
النهرين، والخليج، وشبه الجزيرة العربية، وربّما وادي السند، والمعابد التي كانت
تُقام فيها تحمل دلالات دينية واقتصادية للمجتمعات آنذاك.
التحديات والفرص البحثية
مع الاكتشافات
الأثرية بهذا الحجم، تظهر فرص كبيرة، لكن أيضاً تواجه تحديات، منها:
1- الحفاظ على
الموقع: البيئات الساحلية تتعرض للتآكل والتغيرات المناخية؛ لذا فإن حماية وصيانة
الموقع تصبح أولوية لضمان عدم تدهور الآثار.
2- فك رموز
الاستخدام الديني: بينما تم العثور على أختمـة وفخاريات، يبقى على الباحثين تفسير
الأنشطة الدينية والطقسية التي أجريت في هذه المعابد، ومعرفة كيف كانت ترتبط
بالمجتمع المحلي.
3- ربط النتائج
بمعرفة أوسع: ينبغي ربط هذه الاكتشافات ببحوث موازية في مواقع الدلمون الأخرى، مثل
تل سعد وميناء الخضر، من أجل رسم صورة متكاملة للتفاعل الحضاري في المنطقة.
4- التواصل
الأكاديمي والجمهوري: بما أن هذا الاكتشاف يعد من أهم الاكتشافات الأثرية في
الكويت منذ عقود، بحسب التقارير، فإن إشراك المجتمع المحلي والجمهور العالمي في
فهم أهميته يسهم في رفع مستوى الوعي بحفظ التراث والبحث العلمي.
ماذا بعد؟ الخطوات القادمة
- استكمال أعمال
الحفر والتحليل: حيث من المتوقع أن تستمر الحفريات في المواسم القادمة، خاصة
لتحليل العوامل المعمارية والوظيفية للمعبدين المكتشفين.
- دراسات
متعددة التخصصات: يشمل ذلك تحليل الفخاريات، والأختام، والكيمياء التحليلية للمواد
(مثل استخدام «pXRF» لتحليل السيراميك) التي بدأت تظهر نتائجها
في البحوث السابقة.
- توسيع
الاكتشافات إلى مواقع مجاورة: ربط النتائج بهذا الموقع مع المواقع الأخرى في
الجزيرة والمملكة، لتكوين صورة أكبر عن حركة السكان، التجارة، الديانة، والحكم في
حضارة دلمون.
- نشر النتائج
وإشراك الجمهور: إصدار تقارير أكاديمية، معارض في المتاحف، وجذب الزوار والباحثين
لتعزيز الوعي والحفاظ على التراث.
- الحفظ
والترويج الثقافي: ضمان حماية الموقع من التدهور البيئي والبشري، وربما تطويره
كموقع جذب سياحي ثقافي بمعايير تحافظ على أصالته.
اكتشاف هذا
المعبد البرونزي على جزيرة فيلكا يمثل محطة مهمة في تاريخ الآثار الكويتية والخليجية، إذ يعزز مكانة الجزيرة كمركز حضاري منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد،
ويُضيء أحد أركان حضارة دلمون الغامضة إلى حدّ ما.