10 خطوات لصناعة جيل واعٍ من الشباب

لا شك أن صناعة جيل من الشباب في أي مجتمع من المجتمعات صار أمراً محيّراً
بعد تشعب وتنوع وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة، التي باتت شريكاً
ثقيلاً جاثماً على دور الأسرة والمؤسسات التربوية في توجيه الأجيال الجديدة.
«المجتمع» تواصلت مع عدد من الخبراء، الذين حددوا أسساً ثابتة لدى كل
المجتمعات، وفي حالة غرسها في نفوس النشء، فإن ذلك يعني إعطاءهم المصل أو اللقاح
المجتمعي الذي سيكون ملازماً لهم في كل تقلباتهم الحياتية وامتدادهم العمري.
التربية بالقدوة
د. شادية أحمد، أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب- جامعة سوهاج، أكدت
لـ«المجتمع» أن أهم شيء في إنشاء جيل متميز من الشباب وبدون قلق على مستقبله هو التربية
بالقدوة، حيث تعد صمام الأمان الحقيقي للنشء، فعندما نطالب الأبناء بترك تصفح
مواقع التواصل أو التعامل مع الإنترنت عامة، والذكاء الاصطناعي خاصة، ونحن غارقون
فيه، فإننا نطالب بالمستحيل تحقيقه.
كما يجب العلم أن التربية بالقدوة هي الميزان الحقيقي الذي يردع الطفل من
الداخل؛ لأنه يعيش في بيئة متسقة مع ذاتها، فالنصيحة لها ثمن وليست ضرباً من
الأوامر يجب تنفيذه.
وأوضحت أن تطبيق ما يعرف بظاهرة الاحتضان مع النشء مهم للغاية، فيجب احتواء
الأطفال والإنصات إليهم وعدم الاكتراث بآرائهم، مشددة على أن الإنصات فن في
التربية ويجب التعود عليه حتى لا تكون هناك هوة في التواصل بين النشء ومن يقوم على
تربيتهم وخاصة الآباء.
أيضاً، يجب النزول إلى مستوى الأطفال وعند تقويم خطئهم نبين لهم أننا لسنا
ملائكة، وأننا كآباء وقعنا في أخطاء مماثلة ومشابهة، ولكننا تقبلنا النصيحة وغيرنا
من سلوكنا.
وفي النزول لمستوى الأطفال وغرس القيم فيهم، يغفل الآباء عن الاعتراف
بأخطائهم مع يقين الطفل أننا على خطأ وهو بالفعل خطأ، يجب الاعتذار عنه كزجره وسط
زملائه أو إهانته، فعند الاعتذار عن مثل هذا السلوك يشعر بمستوى القرب والصداقة من
الآباء نحوه، وأنهما مصدر أمان حقيقي له وليس مصطنعاً.
ومن الأمور المهمة للحصول على جيل شباب واعٍ وجاد هو متابعة أصدقائه،
ومعرفة كفاءتهم المعرفية والتعليمية؛ لأن الكفاءة كما هي مطلوبة في الزواج لأجل
إنشاء أسرة مستقرة اجتماعياً، أيضاً يفيدنا هذا في سحب الكفاءة أو المماثلة في كل
زوايا ومجالات الحياة، التي تأتي عملية التربية وصناعة الأجيال في المقدمة منها.
الاستقرار الاقتصادي
كما ترى الخبيرة شادية أحمد أنه يجب معرفة المعوقات التي تعيقنا لأجل صناعة
جيل رائد من الشباب، التي تعتبر الظروف الاقتصادية العامل الأول والأخير في
المعوقات؛ لأن غياب الاستقرار الاقتصادي في نواة المجتمع والأسرة وباقي المؤسسات سينعكس
ذلك سلباً على أي استقرار وتوجيه تربوي في عملية صناعة النشء.
وتؤكد من خلال متابعتها للظواهر السلبية في المجتمع أن كل الجرائم السلوكية
والانحرافات التي يقع فيها الكبار والصغار، كل ذلك مرده لأمر واحد فقط هو الظروف
الاقتصادية، وأنه بسبب انعدامها ينعدم الاستقرار المجتمعي، وتتولد الظواهر
الانحرافية التي باتت مؤرقة لكل الأسر والمؤسسات.
الصحة النفسية
فيما أوضحت د. سحر هاشم عز الدين، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب- جامعة
سوهاج، أهمية الاستثمار في الشباب من خلال عدة عوامل، يأتي في مقدمتها: التمكين
الاقتصادي وتوفير فرص العمل من خلال تزويده بالمهارات والمعارف، لأجل مساعدتهم في
الدخول إلى سوق العمل وأن يكونوا على دراية بريادة الأعمال.
كما يجب تدريبهم على بناء القدرات وتنمية المهارات والحصول على قسط من
التعليم الجيد، وهو في الأساس مرتبط بسوق العمل.
وترى خبيرة الاجتماع أيضاً أن الكليات النظرية -من وجهة نظرها- أصبحت غير
مواكبة لسوق العمل، لذلك يجب تدريبهم على وسائل ومهارات تناسب سوق العمل، لأجل
تأمين الحصول على فرص عمل في مستقبلهم.
وشددت على ضرورة توفير الصحة والرفاهية، خاصة الصحة النفسية؛ لأن المجهود
الذهني على الإنسان أثقل من المجهود البدني.
ونوهت بالحديث عن الصحة النفسية للشباب لا يرتبط بالمرض النفسي، ولكن يركز
بشكل رئيس على الوقاية النفسية من الإصابة بأي مرض نفسي بين الشباب.
وأشارت إلى أهمية ما يعرف بزرع الوطنية الرقمية بين الشباب، حيث يكون لدى
الشباب حسّ ووعي بما يتم نشره ومتابعته على منصات التواصل الاجتماعي، فرغم تشعبها
يجب على الشباب أن يكون معتزاً بهويته وقيم مجتمعه.
خطوات عملية
ولصناعة جيل واع من الشباب، قدّم د. عادل عبدالمعطي، رئيس قسم علم النفس
بكلية التربية جامعة الأزهر، حلولاً وخطوات للأسرة، لأجل تربية جيل جاد وواعٍ، حيث
بين خلال حديثه لـ«المجتمع»، أن هذه الخطوات تشمل:
1- تنمية البعد الخاص بالقدوة الحسنة والطيبة من قبل الوالدين والمحيطين
بهم.
2- الاستماع إليهم وحل مشكلاتهم أولاً بأول، وتخصيص وقت من قبل الوالدين
للجلوس معهم والتناقش والتشاور.
3- الابتعاد عن أساليب العقاب البدني واللفظي.
4- مشاركة الشباب في صنع القرار وحل المشكلات التي تواجههم.
5- تنمية الجانب الوجداني العاطفي لديهم من خلال الكلمات الطيبة الرقيقة
والتشجيع المستمر لهم ومحاولة غرس دوافع نبيلة لديهم.
6- تجنب عقد المقارنات مع غيرهم من الشباب؛ لأن لكل شاب ظروفه الخاصة.
7- الحذر من التدليل الزائد في التعامل معهم وتوفير كل ما يطلبونه.
8- عدم التشدد في التعامل معهم وإحراجهم أمام الآخرين وخاصة من الزملاء في
نفس أعمارهم.
9- العمل على تحصينهم ثقافياً ودينياً وتربوياً وعلمياً.
10- تفقد أصدقائهم والمراقبة غير المباشرة لتصرفاتهم.