«مركز التوزيع الأمريكي».. فخ صهيوني لحصد أرواح الجياع في رفح!

سيف باكير

01 يونيو 2025

156

في جريمة تفضح زيف الادعاءات الإنسانية وتكشف عن وجه الاحتلال الحقيقي، ارتكبت قوات الاحتلال «الإسرائيلي»، صباح اليوم الأحد، مجزرة مروّعة بحق المدنيين الفلسطينيين في رفح، مستهدفة حشودًا من الجوعى الباحثين عن لقمة تسدّ رمقهم فيما يُسمى نقاط توزيع «المساعدات الإنسانية».

المجزرة الجديدة، التي وقعت تحت إشراف مباشر من جيش الاحتلال وبتمويل أمريكي، تأتي ضمن مسلسل دموي متكرر يحوّل نقاط الإغاثة إلى كمائن موت، ويستبدل الرصاص بالطعام، والإبادة بالنجدة.

وقال مراسل «الجزيرة» في غزة أنس الشريف: إن قوات الاحتلال ارتكبت مجزرة مروعة بحق المدنيين قرب أحد مواقع توزيع المساعدات الأمريكية جنوب قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 30 مواطنًا، وسقوط عشرات الجرحى، في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع.

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن حصيلة المجزرة، حتى لحظة إصدار البيان، بلغت 22 شهيدًا وأكثر من 115 جريحًا، معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين، في حصيلة مرشحة للارتفاع، وبهذا، يرتفع عدد ضحايا «مراكز المساعدات» خلال أقل من أسبوع إلى 39 شهيدًا وأكثر من 220 مصابًا، في مشهد يُظهر أن تلك المواقع تحوّلت إلى مصائد موت جماعي لا إلى نقاط إغاثة.

مجزرة صهيونية مروعة بحق مئات الجوعى في غزة |  Mugtama
مجزرة صهيونية مروعة بحق مئات الجوعى في غزة | Mugtama
ارتكب الاحتلال الصهيوني، فجر اليوم الخميس، مجزرة م...
mugtama.com
×

ابتزاز إنساني مفضوح

وأكد البيان أن ما يحدث هو استخدام منهجي خبيث للمساعدات كأداة ابتزاز وقتل، تهدف إلى تجميع المدنيين الجوعى في نقاط استهداف مباشرة، تُدار وتُراقب من قبل الاحتلال وتُغطى سياسياً من الإدارة الأمريكية، التي تتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن هذه الجرائم.

وشدّد على أن ما يسمى مشروع «المساعدات عبر المناطق العازلة» أثبت فشله وخطورته، بعدما تحوّل إلى ستار أمني لسياسات الاحتلال العسكرية، ومحاولة مكشوفة لتسويق مزاعم الاستجابة الإنسانية، في وقت يُغلق فيه الاحتلال المعابر الرسمية ويمنع دخول المساعدات الحقيقية من المؤسسات الدولية المحايدة.

جريمة إبادة مكتملة الأركان

المكتب الإعلامي وصف الجريمة بأنها امتداد لخطة إبادة جماعية، تبدأ بالتجويع وتنتهي بإطلاق النار على الحشود عند نقاط التوزيع، مؤكدًا أنها جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وخصوصًا المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948م.

وطالبت حكومة غزة بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق هذه المجازر ومحاسبة المتورطين فيها أمام محاكم دولية، مجددة رفضها لكل أشكال «المناطق العازلة» و«الممرات الإنسانية» التي تُقام تحت إشراف الاحتلال أو بتمويل أمريكي.

تفاعل واسع وغضب شعبي

المجزرة أثارت موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث روى الكاتب الفلسطيني من غزة إياد القرا مشهدًا مؤلمًا من المجزرة التي ارتُكبت صباح اليوم قرب أحد مواقع توزيع المساعدات جنوب قطاع غزة، قائلاً: شاهدتُ ليلًا مئات المواطنين يسيرون مسافات طويلة، قادمين من مناطق النزوح باتجاه رفح، يحدوهم الأمل بالحصول على طرد غذائي مما يُسمى «مركز التوزيع الأمريكي».

وأضاف بأسى: كانوا ينتظرون كيس طحين.. فكانت الرصاصات أسرع إليهم!

وتابع القرا: في صباح هذا اليوم، قتلت الشركة 35 مواطنًا، وأُصيب المئات، في جريمة تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالمذابح المرتكبة تحت لافتة المساعدات الإنسانية.

واختتم بالقول: الصمت الدولي لا يزال شاهدًا على الجريمة.. يراها، ويسمع صداها، لكنه لا يتحرك، وكأن دماء الفلسطينيين تُسال خارج القانون والإنسانية.

من جانبه، وصف المحلل السياسي عبدالله عقرباوي المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال اليوم أثناء توزيع المساعدات جنوب قطاع غزة بأنها «مجزرة ويتكوف»، في إشارة إلى المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي قال: إنه يتبنّى دعم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ويساهم في تمويل مشروع المساعدات الذي يغطي على جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة.

وفي تغريدة نشرها عبر منصة «إكس»، أشار عقرباوي إلى أن ويتكوف لم يُخفِ نيته استغلال المساعدات لأغراض الابتزاز السياسي، بهدف الحصول على معلومات تتعلق بالأسرى «الإسرائيليين»، تمامًا كما يُستخدم سلاح التجويع لفرض شروط تفاوضية، واصفًا ذلك بأنه «الإرهاب بعينه».

وأضاف: نحن أمام مجزرة جديدة تُرتكب باسم آلية الموت التي أصرّ عليها ويتكوف، ونتنياهو، في محاولة يائسة لتكريس وهم السيطرة على غزة، لكن هذا العدو، رغم جرائمه، لا يزال مرعوبًا من جوعى محاصرين، لأنهم أحرار.

ودعا عقرباوي إلى أن تكون مجزرة اليوم شرارة لغضب شعبي في مصر، يتحرك لفتح معبر رفح فورًا وإدخال المساعدات والبضائع إلى غزة مهما كلّف الأمر، مشددًا على أن العجز العربي ليس قدرًا، وإنما قرار رسمي مختلق هدفه كسر إرادة غزة وهزيمتها سياسيًا وإنسانيًا.

وقال الباحث علي أبو رزق: مجزرة وأي مجزرة! استهدفت دبابات الاحتلال صباح اليوم مئات المواطنين المجوّعين ممن هرع للحصول على الطعام من شركة المساعدات الأمريكية المذلّة.

وأوضح أبو رزق أن دبابات الاحتلال فتحت نيرانها باتجاه الحشود منذ اللحظات الأولى؛ ما أسفر عن استشهاد 30 رجلاً وامرأة وطفلاً، في مشهد أعاد إلى الأذهان مجازر دوّار الكويتي والنابلسي التي وقعت قبل عام، وأودت بحياة المئات.

وتابع: النية كانت مبيتة، والدليل أن الاحتلال أرسل نداءات للناس للتوجه إلى مواقع التوزيع، ثم عاجلهم بالرصاص قبل أن يصلوا، في مشهد يجسّد قمة السادية والقتل العبثي، حيث يُمارَس القتل لأجل القتل.. وللاستمتاع بالقتل.

وأضاف: والأشد إيلامًا، أنه لا أحد قادر على ثني الجائع عن المخاطرة، فالمحاصر المذلول لا تردعه مشاهد الدماء، وجلّ ما يشغل تفكيره كيف يسد رمق أطفاله، بينما العالم مشغول بعدّ الأضاحي ووزنها ونوع لحمها، متجاهلًا مجزرة بشرية تُرتكب في وضح النهار.

أما رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، فوصف المجزرة بأنها جريمة مزدوجة، شاركت فيها وحدات «إسرائيلية» ومرتزقة أمريكيون، أطلقوا النار على آلاف المدنيين العزّل أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات.

دعوات عاجلة لفتح المعابر

وفي ظل استمرار هذه المجازر، جددت حكومة غزة مطالبتها للأمم المتحدة ومجلس الأمن بضرورة فتح المعابر الرسمية فورًا دون تدخل أو إشراف «إسرائيلي»، وتمكين المؤسسات الأممية والدولية من تقديم المساعدات بشكل مستقل وآمن.

كما دعت الدول العربية والإسلامية إلى التحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من سكان غزة، ورفض نموذج الإغاثة المشروطة بالقتل الذي يفتك يوميًا بعشرات المدنيين وسط صمت دولي مخزٍ.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة