إصلاح التعليم وتطويره بالكويت يحتاج إرادة وإدارة

التعليم عماد نهضة الأمم، وسبب رقي الحضارات؛ ولذلك يجب أن يكون الارتقاء به وتطويره في مقدمة أي خطة تطويرية، وأن تفرغ له الكفاءات وترصد له الميزانيات.
في هذا الحوار، ذهبت "المجتمع" لأهل الذكر في هذا المجال، من خلال هذا اللقاء الذي اتسم بالشفافية والوضوح والموضوعية مع د. غازي الرشيدي، الأستاذ في كلية التربية بجامعة الكويت الرئيس السابق لمركز تطوير التعليم بالكويت.
ما واقع جودة ومستوى التعليم في الكويت حالياً؟
- الحكم على مستوى التعليم ومدى جودته وكفاءته يجب أن يخضع إلى معايير دقيقة ومقاييس علمية واضحة، حتى لا يكون عرضة للاجتهادات والجدل الذي لا طائل منه؛ فنحن في الكويت لا توجد عندنا اختبارات معيارية وطنية محايدة، يتم إجراؤها من قِبل جهات مستقلة، بحيث تقيّم مدى جودة ومستوى تعليم أولادنا.
لذا، فالذي يحدث هو أن وزارة التربية هي الخصم والحكم، وهي التي تقيّم وهي التي تعلِّم، وهي التي تصدر الأحكام، وبذلك نجد أن هذا الأمر لا يتناسب مع العلمية في الطرح، وتجد أن أعداداً كبيرة من التلاميذ في المرحلة الابتدائية يحصلون على الامتياز، ومع ذلك نلاحظ معاناة الكثير من الأهالي في تدريس أبنائهم المهارات الأساسية، كما أننا نلاحظ تضخم درجات ونسب الطلبة في الثانوية العامة، وهناك أخبار عن عدم قدرة البعض منهم على إكمال دراسته الجامعية في دول الابتعاث التي أوفدوا إليها بسبب ضعف مستواهم التعليمي، ولذلك نحن نحتاج إلى اختبارات معيارية مقياسية، نستطيع من خلالها أن نحكم على جودة التعليم.
لكن بالنظر إلى توافر مجموعة من الأدلة على وجود خلل ما، هو مشاركة الكويت في الاختبارات الدولية في العلوم والرياضيات المسماة بـ”التمس”، التي شاركت فيها الكويت منذ العام 1995م، وإلى وقتنا الحاضر، وقد شهدت نتائجها تدنياً كبيراً في مستوى الطلبة، والسبب في ذلك يعود إلى أن هذه الاختبارات تركز على مهارات التفكير العليا، مثل التحليل والتركيب، وحل المشكلات، والتفكير النقدي، بدلاً من التدريس التلقائي، أو النمط التلقائي في التدريس في الكويت، الذي يعتمد في مجمله على التلقين، ولذلك لم يحالف التوفيق طلبتنا في هذه الاختبارات، وهذا مؤشر كبير على أن هناك إشكالية في مستوى التعليم في دولة الكويت، وإذا أخذنا مؤشرات عامة منه كما قلنا -مثل انتشار الدروس الخصوصية بأشكالها المتنوعة، من معلم خصوصي، إلى معاهد موجودة وبدأت تتوسع في المناطق السكنية، إلى غيرها من أشكال الدروس الخصوصية- لوجدنا أن هناك خللاً واضحاً في العملية التعليمية، يحاول أولياء الأمور أن يسدّوها من خلال الدروس التعويضية ما بعد الظهر.
ما السبيل إلى إصلاح وتطوير منظومة التعليم؟
- إصلاح التعليم وتطويره في ظني إرادة وإدارة، وذلك من خلال عدة نقاط:
الأولى: يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية، على مستوى الدولة، لإصلاح منظومة التعليم، يتم ترجمتها باختيار الأشخاص المناسبين، لتسلم ملفات التعليم الصعبة، دون أي محاولة انتقاء، أو اختيار من لا يتصف بمواصفات الشخص المؤهل.
الثانية: دعم تلك القيادات التي يتم اختيارها، دعماً قوياً وسياسياً، بحيث تقوم بمهمتها على أكمل وجه.
الثالثة: يجب أن تقدم تلك القيادات خطة علمية وعملية لإصلاح منظومة التعليم، بمعنى لا يتم اختيارهم إلا بعد مقابلتهم، وسؤالهم عن رؤيتهم في إصلاح منظومة التعليم، ثم بعد ذلك يتم السير في خطوات إصلاح وتطوير التعليم، وهي خطوات تحتاج أيضاً إلى فريق كفء، يعرف كيف يتعامل مع مراحل التغيير، وكيف يدير التغيير، بطريقة صحيحة، وأعتقد أنه ليس لدينا وقت يكفي، لذا يجب أن نسرع بعملية إصلاح وتطوير التعليم بطريقة جادة وحقيقية، وليست فقط بطريقة شكلية، ووفق الله الجميع.
ما جهود وزارة التربية في إصلاح المنظومة التعليمية خلال السنوات الماضية؟
- الوزارة في الفترة الماضية، وبالتحديد خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، ومن خلال مراقبتي لها، قامت بتجربة الكثير من البرامج والمشاريع التي أدخلتها تحت مسمى مشاريع تطوير التعليم، ولم تبخل الدولة على التعليم بميزانية تعزيزية بلغت 500 مليون دينار عام 2006م، تم رصدها فقط لتطوير العملية التعليمية، وقد باءت كثير من هذه الخطط بالخذلان والفشل، واستعانت الكويت بكثير من الجهات الخارجية لدعم مشاريعها، وكان آخرها مشروع المدارس الفاعلة التي أشرف عليها البنك الدولي، والذي كان من ضمنها أيضاً منهج الكفايات، وغيرها من الممارسات والتقييم الذاتي وغيرها من القضايا، ولكن من الواضح أن البيئة التعليمية في النظام التعليمي لا تساعد على نجاح هذه المشاريع التطويرية.