الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة (2 - 10)

وقد تضاءلت
أهمية دور المنظمة الصهيونية الأمريكية بعد تأسيس الكيان الصهيوني، وخصوصاً أن
إعلان الدولة نتج عنه تفجُّر التناقض الكامن بين الصهاينة الاستيطانيين والصهاينة
التوطينيين، وأثار الجدل حول دور ومهام كل منهما. ومن أجل تبرير استمراريتها
التاريخية، أعطت المنظمة نفسها لقب «الحد القاطع ليهود أمريكا»، كما أكدت أنها
ساعدت في تأسيس دولة إسرائيل. ويتحدد دورها الآن في الدفاع عن إسرائيل. وتتبنَّى
هذه المنظمة سياسات تحالف الليكود الإسرائيلي وتتمسك بالسياسة الإسرائيلية
الرسمية، ويتركز نشاطها الآن في جباية الأموال لإسرائيل والدعاية لها والضغط من
أجلها في الولايات المتحدة.
وهي ترصد نشاطات
الكونجرس الأمريكي والبيت الأبيض والمكاتب الحكومية الأمريكية وتوزع المذكرات
المتعلقة بإسرائيل على موظفي الدولة ووسائل الإعلام. كذلك تهتم المنظمة بالتعليم
الصهيوني وما يُسمَّى «الثقافة العبرية»، ولها حركة شبابية تابعة لها تنشط داخل
المدارس والجامعات الأمريكية وتنظم زيارة الشباب اليهودي الأمريكي إلى إسرائيل.
وللمنظمة نشاط في إسرائيل أيضاً حيث أسَّست بيت المنظمة عام ١٩٥٣ ومجمع كفار سيلفر
للمدارس في عسقلان عام ١٩٥٥ وهما يقدِّمان خدمات ثقافية وتعليمية.
وتعاني المنظمة
الصهيونية الأمريكية، مثلها مثل غيرها من التنظيمات الصهيونية، من تآكل أهميتها
وفعاليتها، فمنذ عام ١٩٦٧ لم يَعُد هناك ما يُميِّز المنظمات الصهيونية عن
المنظمات غير الصهيونية من حيث العمل من أجل إسرائيل والدعاية لها وجباية الأموال
والضغط من أجلها. بل إن المنظمات غير الصهيونية، التي تتمتع بخبرة تنظيمية أكبر
وقاعدة جماهيرية أوسع، تقوم بهذا الدور بقدر أكبر من الكفاءة والفعالية.
والمنظمة
الصهيونية الأمريكية منظمة معفاة من الضرائب، ويقدَّر حجم عضويتها حالياً بنحو ٤٥
ألف عضو بعد أن كان ١٦٥ ألفاً عام ١٩٥٠. وهي تُصدر مجلة فصلية ونشرة أسبوعية
إعلامية.
والمنظمة
الصهيونية الأمريكية إحدى التنظيمات الصهيونية، وهي عضو في الكونفدرالية العالمية
للصهاينة المتحدين العموميين (وهي خلاف الفرع الأمريكي للمنظمة الصهيونية
العالمية)، كما تختلف عن الاتحاد الصهيوني الأمريكي.
هاداساه
«هاداساه» كلمة
عبرية تعني «شجرة الآس» أو «شجرة الريحان»، وتُستخدَم الكلمة للإشارة إلى اسم
الملكة التوراتية إستير. وهاداساه منظمة نسائية صهيونية أمريكية أسَّستها هنريتا
زولد عام ١٩١٢ حين قرَّرت هي ومجموعة من السيدات من أعضاء حلقات بنات صهيون
الدراسية أن تتوسع لتصبح منظمة قومية. وهي تعتبر الآن أكبر منظمة نسائية صهيونية
في العالم إذ يقدَّر عدد أعضائها بنحو ٣٧٠ ألف عضو. وعند تأسيسها، حددت منظمة
الهاداساه أهدافها بتنمية التعليم اليهودي والصهيوني في الولايات المتحدة من جانب،
وتحسين الأوضاع الصحية للتجمُّع الاستيطاني اليهودي في فلسطين من جانب آخر. وقد
بدأت هاداساه، في سبيل ذلك، بالتمريض وتدريب الممرضات في فلسطين. وقد بدأت نشاطها
في فلسطين على نطاق ضيق عام ١٩١٣، ولم يتسع نشاطها إلا عام ١٩١٨ عندما اشتركت مع
المنظمة الصهيونية الأمريكية واللجنة اليهودية الأمريكية للتوزيع المشترك في إرسال
الوحدة الطبية الصهيونية الأمريكية إلى فلسطين والتي أصبحت تُسمَّى فيما بعد
«منظمة هاداساه الطبية». ومنذ ذلك الحين، ساهمت الهاداساه في إنشاء المراكز الصحية
والمستشفيات والوحدات العلاجية ومراكز رعاية الطفل، كما قامت بافتتاح مركز
الهاداساه الطبي بالجامعة العبرية عام ١٩٣٦. وكذلك وضعت هاداساه البرامج التعليمية
وافتتحت المدارس والمراكز للتعليم المهني ولتدريب الممرضات، كما تعاونت بشكل وثيق
مع الصندوق القومي اليهودي حيث تعهدت منذ عام ١٩٢٦ برعاية عشرين مشروعاً خاصاً
للصندوق كل ثلاث سنوات. وساهمت هاداساه، بالفعل، في استصلاح وزراعة مئات الآلاف من
الدونمات وفي زراعة ملايين الأشجار. وقد وصفت الهاداساه نفسها بأنها "شريك
أساسي للصندوق القومي اليهودي"، كما أنها تعتبر نفسها "أكبر مساهم فرد
[فيه] في العالم".
وتُعَدُّ
هاداساه، بين المنظمات الصهيونية في العالم، أكبر مساهم في مجال تهجير الشباب. وقد
أنفقت منذ عام ١٩٣٥ وحتى عام ١٩٧٠ نحو ٦٠ مليون دولار في هذا المجال وعملت على
توطين واستقرار ١٣٥ ألف شخص في فلسطين. وهي تُعَدُّ المنظمة الصهيونية الرئيسية
(في الولايات المتحدة) العاملة في مجال تهجير الشباب وتوفر نحو ٤٠% من الميزانية
اللازمة لذلك سنوياً.
وفي الولايات
المتحدة، يتركز نشاط منظمة الهاداساه في المجال التعليمي والتثقيفي حيث تقوم بوضع
برامج لتعليم ما يُسمَّى «التراث والتاريخ اليهوديان» وكذلك تعليم اللغة العبرية،
كما تقوم بتزويد الجمهور الأمريكي بالمعلومات عن إسرائيل وتطوُّرها وأمنها. وكان
أعضاء الهاداساه يقومون، قبل تأسيس الدولة الصهيونية، بجولات دعائية في الولايات
المتحدة في محاولة لتهيئة الأذهان لتقبُّل الفكرة الصهيونية وإقناع الناس بالأسباب
التي تكمن وراء اهتمام يهود العالم بأرض فلسطين بالذات. أما الآن، فإنهم يقومون
بالدعاية لإسرائيل وجمع المال لبرامج المنظمة ومشاريعها في الدولة الصهيونية.
وتقوم هاداساه برعاية برنامج الشئون الصهيونية الذي يعمل على تنمية المصالح
الصهيونية من خلال التعليم والدعاية والتنسيق مع المنظمات اليهودية والصهيونية
الأخرى التي تنتمي إليها الهاداساه. وتهتم الهاداساه بشكل خاص بالشباب، ولها حركة
شبابية تابعة لها هي هشاحر (الفجر) تقدم من خلالها برامج متنوعة عن الهوية
اليهودية في إطار صهيوني داخل مخيماتها الصيفية ونواديها المفتوحة طوال السنة.
وتنظم هاداساه حلقات التدريب على القيادة، كما تنظم برامج إسرائيلية ورحلات صيفية
للشباب إلى إسرائيل. وتقوم هاداساه بتدريب الشباب اليهودي في الجامعات الأمريكية
على تكوين مراكز صهيونية داخل حرم الجامعات والتصدي للجماعات المناهضة لإسرائيل
والصهيونية والمتعاطفة مع القضية الفلسطينية.
والهاداساه
مسجلة كمنظمة دينية (رغم أنها لا علاقة لها بالدين)، وهو ما يعفيها من تقديم تقرير
سنوي علني، وهي أيضاً معفاة من الضرائب. ويُعَد المجلس القومي الهيئة العليا في
الهاداساه ويجتمع مرتين في السنة للنظر في القرارات السياسية الكبرى، أما القرارات
السياسية الثانوية فيتخذها المجلس التنفيذي. ولحماية وضع الإعفاء من الضرائب، تقوم
هيئة موازية لهاداساه ومتحدة معها هي رابطة هاداساه للإغاثة الطبية بتوجيه الأموال
إلى المشاريع الإسرائيلية، وذلك في حين أن منظمة هاداساه تتولَّى النشاط داخل
الولايات المتحدة. ومنظمة هاداساه عضو في الاتحاد الصهيوني الأمريكي ومرتبطة
بالمنظمة الصهيونية العالمية عبر الاتحاد الكونفدرالي العالمي غير الحزبي
للصهيونيين المتحدين، كما أنها عضو في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية
الكبرى ولها صفة منظمة غير حكومية في هيئة الأمم المتحدة وصفة مراقب في البعثة
الأمريكية للأمم المتحدة.
وقد قرَّرت
منظمة هاداساه عام ١٩٨٣ أن تصبح منظمة دولية بعد أن ظلت حتى ذلك التاريخ منظمة
أمريكية، الأمر الذي يسمح لها بإنشاء مجموعات خارج الولايات المتحدة يتم ربطها
برابطة هاداساه للإغاثة الطبية لتوجيه الأموال عبرها إلى إسرائيل. وقد وصل حجم ما
تنفقه الهاداساه من أموال عام ١٩٨٢/١٩٨٣ إلى نحو ٤٩ مليون دولا
رابطة
الصهاينة الإصلاحيين في الولايات المتحدة
«رابطة الصهاينة
الإصلاحيين في الولايات المتحدة» منظمة صهيونية أمريكية تأسَّست عام ١٩٧٧
واختصارها «أرتسا ARTZA»، من عبارة عبرية معناها: إلى الوطن.
ويُعَدُّ ظهورها في الولايات المتحدة من أهم التطورات على الإطلاق في تاريخ
المنظمة الصهيونية إذ تمثل اليهود الإصلاحيين الذين كانوا من المعادين للصهيونية
منذ ظهور الاتجاه الإصلاحي (وهو موقف أخذ يتآكل بعد تأسيس الدولة الصهيونية). ومنذ
عام ١٩٧٣، أصبح إثراء وتقوية دولة إسرائيل (بوصفها المثل الأعلى النابض للقيم
اليهودية الأزلية) أحد أهداف اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة.
وفي عام ١٩٧٣،
انضم الاتحاد العالمي لليهودية التقدمية (الذراع الدولي للحركة الإصلاحية) إلى
المنظمة الصهيونية العالمية كهيئة يهودية دولية (غير حزبية) أي أنها لا تتمتع
بجميع الحقوق والامتيازات. وعندئذ فكرت القيادات الإصلاحية في تكوين منظمة صهيونية
يحق لها العضوية الكاملة لتمثل اهتمامات الحركة الإصلاحية داخل المؤسسة الصهيونية.
ومن ثم، تأسَّست رابطة الصهاينة الإصلاحيين عام ١٩٧٧ وأصبح لها عضوية كاملة في
المنظمة، أي أن الرابطة أصبحت اتحاداً صهيونياً دولياً حزبياً، وقد تم إرسال تسعة
مندوبين عنها لهم حق التصويت إلى المؤتمر الصهيوني التاسع والعشرين (١٩٧٨). وتتوجَّه
هذه المنظمة توجُّهاً صهيونياً غربياً توطينياً كاملاً، ومن بين أهدافها الدفاع عن
أمن إسرائيل ومساعدة من يود الهجرة من الأمريكيين كأفراد وجماعات صغيرة، وتشجيع
السياحة إلى دولة إسرائيل، وتحسين نمط الحياة في إسرائيل، وكذلك تشجيع تطوُّر
اليهودية الإصلاحية الإسرائيلية.
وتحرص رابطة
الصهاينة الإصلاحيين على أن يكون لها اتصال دائم بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية
الأمريكية والكونجرس، وذلك لكي تؤمن الالتزام الأمريكي قبَل إسرائيل، كما تقوم
بالدعاية لصالح الحكومة الإسرائيلية.
وتنتمي رابطة
الصهاينة الإصلاحيين إلى اتحاد الجماعات الدينية العبرية الأمريكية، وهي المنظمة
الأم لليهودية الإصلاحية، كما أنها عضو في الاتحاد الصهيوني الأمريكي ومُمثَّلة في
لجنته التنفيذية، وهي كذلك عضو في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية
الكبرى، وفي القسم الأمريكي الشمالي من المؤتمر اليهودي العالمي. وقد زادت عضويتها
من ٩٥٠٠ عام ١٩٧٧ إلى ٧٠ ألف عضو في منتصف الثمانينيات.
وقد انضمت رابطة
الصهاينة الإصلاحيين إلى الروابط الصهيونية الإصلاحية المماثلة، والتي تأسَّست في
كلٍّ من كندا وبريطانيا وجنوب أفريقيا وأستراليا وهولندا، لتكوِّن عام ١٩٨٠
الرابطة الدولية للمنظمات الصهيونية الإصلاحية واختصارها «أرتسينو Artzeinu» ومعناها
بالعبرية «أرضنا». وقد اعترفت المنظمة الصهيونية بها رسمياً.
__________________
المصدر: كتاب
«موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية».