6 فئات وعدهم الله بالنصر

يتشوق كل مسلم غيور على دينه إلى نصر الإسلام وعز أهله، بل يبذل كل ما يستطيع من أجل الوصول إلى هذا الهدف، وهو التمكين لدين الله تعالى في الأرض، ولا يشترط لتحقيق النصر كثرة العدد ووفرة العتاد، حيث قال تعالى: (كَمْ مِنْ ‌فِئَةٍ ‌قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ) (البقرة: 249)، ولتحقيق النصر والوصول إلى التمكين شروط جاءت في القرآن الكريم على شكل أوصاف لمن يؤيدهم الله تعالى بالنصر، وهم:

1- الرسل وأتباعهم:

أوضح القرآن الكريم أن الله تعالى ينصر رسله وأتباعهم، فكل من حمل رسالة الله تعالى إلى خلقه؛ فهو منصور بإذن الله، حيث قال الله تعالى: (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ ‌نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) (الأنعام: 34)، وقال أيضاً: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ ‌بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (الأنفال: 26)، وقال سبحانه: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ ‌نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف: 110)، وقال تعالى: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ {171} إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ {172} وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات)، وقال عز وجل: (إِنَّا ‌لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر: 51)، وقال سبحانه: (‌كَتَبَ ‌اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة: 21).

ففي هذه الآيات تأكيد أن الله تعالى ينصر رسله وأتباعهم في الدنيا والآخرة، وفي هذا تبشير لكل مسلم يرقب هذه اللحظة، وهي لحظة الانتصار، فهي آتية بإذن الله تعالى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ ‌عَسَى ‌أَنْ ‌يَكُونَ قَرِيبًا) (الإسراء: 51).

2- المؤمنون المستضعفون:

نصر الله تعالى لا يتخلف عن عباده المؤمنين، ولو كانوا في حال الضعف، فالمؤمن بالله تعالى منصور بثباته ويقينه في موعود ربه تعالى، حيث ذكر القرآن الكريم نماذج عديدة للمؤمنين المستضعفين الذين أيدهم الله بالنصر، ففي قصة أصحاب الأخدود؛ نصر الله الغلام المؤمن الضعيف على الملك الظالم والساحر الماكر.

وفي قصة فرعون والمؤمنين من بني إسرائيل يقرر القرآن الكريم أن الله ينصر المؤمنين المستضعفين ويُمَكِّن لهم في الأرض، حيث قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ {5}‏ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص)، وقال تعالى: (وَلَقَدْ ‌نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (آل عمران: 123)، وقال تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا ‌نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم: 47)، وروى البخاري عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «هَلْ ‌تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ».

3- أهل الصبر والتقوى:

كشفت آيات القرآن الكريم عن تأييد الله تعالى بالنصر لأهل الصبر والتقوى، حيث قال عز وجل: (بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ {125} وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (آل عمران)، فالصبر والتقوى الركيزتان اللتان يجعل الله أهلهما محلاً لعطائه ومدده، لأن الصبر مفتاح كل باب مغلق، والتقوى هي الدرع التي تحمي من كل شر.

وقد وعد الله تعالى أهل الصبر والتقوى أن يحميهما من الضرر، حيث قال تعالى: (وَإِنْ ‌تَصْبِرُوا ‌وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران: 120)، كما أن في التحلي بالصبر والتقوى دليل على تمسك المسلم بعزائم الأمور، والله عز وجل يقول: (وَإِنْ ‌تَصْبِرُوا ‌وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (آل عمران: 186).

4- الناصرون لدين الله:

لا ينصر الله تعالى إلا من نصر دينه، ونصر الدين يعني إقامته في الحياة وتطبيقه عملياً، فما أمر الله به يوضع موضع التنفيذ، وما نهى عنه يجتنب، فمن جاهد في ذلك نفسه ودعا غيره إليه؛ فإن الله تعالى ينصره، حيث قال عز وجل: (‌وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج: 40)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ ‌يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد: 7).

وروي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في وصيته للجيش: «إنكم لا تنصرون على عدوكم بقوة العدة والعتاد، ولكن تنصرون عليه بطاعتكم لربكم، ‌ومعصيتهم ‌له، فإن تساويتم في المعصية كانت لهم الغلبة عليكم بقوة العدة والعتاد».

5- المجاهدون في سبيل الله:

وعد الله تعالى المجاهدين في سبيله بالنصر، حيث قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ {10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {11} يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {12} وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (الصف)، كما جاء الوعد الإلهي بنصر المجاهدين في قوله تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ ‌وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (التوبة: 14).

6- الداعون الله بالنصر:

يؤيد الله تعالى بالنصر من يداوم على الدعاء، حيث يستجيب الله هذا الدعاء، وينصر صاحبه، فقد قال عز وجل: (وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {250} فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ) (البقرة)، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {147} فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران).


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة