‏«إسرائيل» في مرآة صحافتها..‏

استئناف الحرب على غزة وأوهام التصفية النهائية للقطاع ‏‏(2-2)‏

دون مقدمات لا تحتملها الأحداث الملتهبة، واستكمالاً للمقال السابق نقول: إن الهدف الرئيس من استئناف الحرب بكل هذه الوحشية إنهاء أمر القطاع للأبد، وهو ما نطقت به وسائل إعلامهم والتي تفيد بأنهم يسعون لبلوغ هذه الغاية القذرة عبر واحد من طريقين:

أولاً: إفراغ القطاع من سكانه (التهجير):

فكرة التهجير قائمة في أذهان الصهاينة منذ ما يقرب من 9 عقود، وهو ما ذكره أيضاً زلمان شوفال، سفير «إسرائيل» السابق في واشنطن، في مقال نُشر في فبراير الماضي على صفحات جريدة «معاريف»، ومما جاء فيه: إن فكرة نقل السكان من غزة لم تولد على يد دونالد ترمب، ولا حتى سموتريتش، بل وُلدت في أوساط حركة العمل الصهيونية عام 1937م، عندما تطرق أحد كبار قادتها، بيريل كتسنلسون، إلى وجود العرب في أرض «إسرائيل» بوجه عام قائلًا: أن يكون لنا جار بعيد خير من أن يكون لنا عدو قريب، في الحساب النهائي لن يخسروا شيئاً من خلال نقلهم، ونحن بالتأكيد لن نخسر، هي عملية إصلاح سياسي تصبّ في صالح الطرفين، إن هذا هو أفضل الحلول: النقل إلى خارج أرض «إسرائيل»، لكن هذا لم يتحقق في نهاية المطاف(1).

هذا يعني أننا إزاء مشروع شيطاني قديم، غاية الأمر أن الظروف والأوضاع لم تسمح سابقاً لوضعه موضع التنفيذ، فعملوا على إحيائه توهماً منهم أن الوقت والظرف الراهنين مناسبان لتحقيقه.

في هذا السياق، وبعد انطلاق «طوفان الأقصى» بنحو أسبوعين، كتب أميتي جازي، على موقع «كلكاليست: إن الحكومة «الإسرائيلية» تدفع حالياً بأفكار جديدة تتعلق بقطاع غزة، وبحسب وثيقة حصل عليها، فإن وزيرة الاستخبارات جيلا جمليئيل توصي بنقل سكان غزة إلى سيناء في نهاية الحرب، هذه الوثيقة تحمل شعار وزارة الاستخبارات، ويتم تداولها في النقاشات الداخلية بين الوزارات الحكومية، ولم يكن مقرراً أن يصل الأمر إلى الرأي العام، لكنه وصل إلى مجموعة تعمل حالياً على إنشاء حركة تُدعى قيادة الاستيطان- قطاع غزة التي تسعى إلى إعادة الاستيطان إلى غزة.


استئناف الحرب على غزة وأوهام التصفية النهائية للقطاع |  مجلة المجتمع الكويتية
استئناف الحرب على غزة وأوهام التصفية النهائية للقطاع | مجلة المجتمع الكويتية
منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؛ انقشع غبار...
www.mugtama.com
×


ثم يضيف: وينطوي هذا المسار على 3 مراحل: إنشاء مدن خيام في سيناء جنوب غرب قطاع غزة، وإنشاء ممر إنساني لمساعدة السكان، وأخيرًا بناء مدن في شمال سيناء، وبالتوازي مع هذا سيتم إنشاء منطقة مؤمَّنة بعرض عدة كيلومترات في عمق الأراضي المصرية جنوب الحدود مع «إسرائيل»، حتى لا يتمكن السكان الذين تم إجلاؤهم من العودة(2).

أضحت فكرة التهجير هوساً ملازماً لهم، وإن اختلفوا في التفاصيل الفرعية، إذ اقترح بعضهم فكرة التهجير الطوعي مع توزيع سكان القطاع على عدد من دول العالم وليس إلى سيناء حصراً، من بينهم على سبيل المثال رام بن باراك، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن السابق وعضو الكنيست عن حزب يِش عتيد، وداني دانون، عضو الكنيست عن حزب الليكود وهو سفير سابق للكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة، اللذان أعلنا عن مبادرة تقترح الهجرة الطوعية لجميع أبناء غزة موزعين على دول العالم كحل مناسب لمشكلة القطاع، وذلك في مقال مشترك لهما نشرته الصحيفة الأمريكية «وول ستريت جورنال»، في 14/ 11/ 2023م، طبقاً لما ذكره الموقع الإخباري العبري «كيكار هشبات»(3).

وقد أعلنت بعض الشخصيات الرسمية الكبيرة داخل الكيان آنذاك عن تأييدها للمبادرة بشدة، من بينهم وزير المالية سموطتريتش، الذي نقل عنه ذات الموقع السابق أيضاً ترحيبه الشديد بالمبادرة بقوله: إن الهجرة الطوعية واستيعاب عرب غزة في دول العالم حل إنساني ينهي معاناة اليهود والعرب على حد سواء، ثم أوضح قائلاً: أرحب بمبادرة عضوي الكنيست رام بن باراك، وداني دانون، عن الهجرة الطوعية لعرب غزة إلى دول العالم، إن هذا هو الحل الإنساني المناسب لسكان غزة والمنطقة بأكملها بعد 75 عاماً من اللجوء والفقر والأخطار.

ثم ختم بقوله: لن تكون دولة «إسرائيل» قادرة بعد الآن على التسليم بوجود كيان مستقل في غزة، الذي يرتكز، كما ذكرنا، بشكل متأصل على كراهية «إسرائيل» والرغبة في تدميرها(4).

ومن الشخصيات البارزة المؤيدة لعملية التهجير الطوعي أيضاً يسرائيل كاتس، وزير دفاع الكيان، الذي ذكر موقع الأخبار «الإسرائيلي» الشهير «واللا»، أنه قرر في فبراير الماضي إنشاء مديرية في وزارة الدفاع تكون مسؤولة عن تنفيذ عملية النقل من القطاع، وأنه من المتوقع أن تضم المديرية ممثلين عن الوزارات الحكومية الأخرى والأجهزة الأمنية.


لماذا استأنف الاحتلال حرب الإبادة في غزة؟ |  مجلة المجتمع الكويتية
لماذا استأنف الاحتلال حرب الإبادة في غزة؟ | مجلة المجتمع الكويتية
عاد الاحتلال الصهيوني إلى حرب الإبادة وارتكاب مجا...
www.mugtama.com
×


كما أورد الموقع أنه تم تقديم خطة أولية حول الموضوع من قبل منسق أعمال الحكومة في المناطق، التي تم إعدادها بناء على طلب وزير الدفاع، ونقل عن مكتب كاتس قوله: إن الخطة تتضمن مساعدات واسعة النطاق تسمح لأي مقيم في غزة يرغب في الهجرة طواعية إلى دولة ثالثة بالحصول على ظرف يحوي، من بين ما يحويه، ترتيبات خروج خاصة عن طريق البحر والجو والبر(5).

ثانياً: تولَّي مصر إدارة القطاع:

المسار، أو الخيار الثاني المطروح في أوساط الصهاينة، يتمثل في تولي مصر الإدارة الداخلية الكاملة لشؤون القطاع، من أبرز من طرحوا هذا الخيار يائير لبيد، زعيم المعارضة في الكيان الإجرامي، في فبراير الماضي، وذلك طبقاً لما أورده الموقع الإخباري المعروف «بحدري حرديم» آنذاك، ناقلاً عن لبيد فحوى اقتراحه: تضطلع مصر بمسؤولية إدارة قطاع غزة لمدة 15 عامًا، وفي الوقت ذاته، يتولى المجتمع الدولي وحلفاؤه الإقليميون سداد ديونها الخارجية، خلال هذه الفترة سيُعاد إعمار غزة وتُهيأ الظروف لإقامة حكم ذاتي. ستكون مصر اللاعب الرئيس وستشرف على إعادة الإعمار؛ ما سيعزز اقتصادها بشكل أكبر(6).

هذا يعني أنهم اتخذوا القرار باغتيال القطاع، سواء كان بالتهجير، أو بالخيار الثاني، وأن استئنافهم الحرب على غزة ليست سوى لهذا الغرض اللعين.

لكن، ومع أن الأوضاع والمواقف الدولية والإقليمية في معظمها تقف في خندق العدو، ومع أن أغلب القوى الكبرى منها لا تكتفي بدعم العدو سياسياً ومعنوياً ودعائياً، بل تمده بكافة أشكال الدعم العيني، فأبطال غزة ما زالوا ثابتين صامدين شامخين قابضين على الجمر، ضاربين مثالاً قلَّ نظيره في البطولة والجهاد، ويكفيهم أن الله مطّلع على جهادهم وصبرهم وتضحياتهم، وهو سبحانه حسيبهم، وهو القائل جلّ في علاه: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج: 40).





 

__________________________

(1) שובל, זלמן: עזה כנטל: טראמפ מבין את מה שישראל מסרבת להודות, מעריבת, 11/02/2025.

(2) גזית, אמיתי: ההצעה של שרת המודיעין: טרנספר של תושבי עזה לסיני, כלכליסט, 24-10-2023.

(3) אטינגר, קובי, אתר החדשות כיכר השבת, 14-11-2023.

(4) אטינגר, קובי: סמוטריץ' מגיב ליוזמת 'הטרנספר': הפתרון היחיד לקץ הסבל, כיכר השבת 14-11-2023.

(5) בוחבוט,אמיר: שר הביטחון ישראל כץ: תוקם מנהלת מיוחדת לביצוע הטרנספר לתושבי עזה, וואלה, 17-2-2025.

(6) חבר, אביחי: לפיד בוושינגטון: מצרים תנהל את עזה, הקהילה הבינלאומית תמחק את חובותיה, אתר בחדרי חרדים, 25-2-2025.

الرابط المختصر :

كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة