«إسرائيل» من الداخل!

د. جاسم الشمري

04 أبريل 2025

133

لم تكن «طوفان الأقصى» مُجرّد هجوم شَنّته المقاومة الفلسطينية على مناطق غلاف قطاع غزة، بل كان عبارة عن زلزال زَلْزَل أركان الكيان الصهيوني بالكامل.

وسنحاول هنا تأكيد هذه الحقيقة عبر بعض المعطيات المعلنة من الدوائر الرسمية التابعة للكيان.

من أبرز صور الزلازل البركانية هو نشر الخوف والرعب لدى سكّان المستوطنات القريبة والبعيدة بما فيها «تلّ أبيب»؛ بحيث إن الملاجئ صارت هي المكان الآمن، ومحلّ الاستقرار لآلاف العوائل بسبب الضربات الصاروخية اليومية للمقاومة الفلسطينية.

وتسبّبت هذه الضربات الزلزالية بالهجرة العكسية أو السلبية من الأراضي الفلسطينية المحتلّة إلى أرجاء العالم، وقد ذكر المركز الفلسطيني للدراسات الفلسطينية (مدار) بأنه، خلال العام 2024م، غادر «إسرائيل» نحو 82700 «إسرائيلي» انتقلوا لأماكن أخرى من العالم.

وهذه الهجرة السلبية لم تكن إلا نتيجة الضربات الموجعة للمقاومة التي خلّفت منذ بداية المعركة في 7 أكتوبر 2023 وحتّى وقف إطلاق النار في 15 يناير 2025م، أكثر من 1200 قتيل «إسرائيلي»، فيما يُقدّر عدد الجرحى بنحو 11 ألفاً و549 جندياً، وكذلك أكثر من 12 ألفاً و500 من العسكريين المعاقين خلال عام من الحرب!

وبخصوص أوضاع الجيش الصهيوني ذكرت قناة «N12» العبرية، في 25 مارس 2025م، عبر مقال للكاتب الصهيوني عوفر شيلح بعنوان «جيشنا ينهار ومجتمعنا منهك.. وفي النهاية نحن سنهاجر وليس أهالي غزة»، بأنه في الوقت الذي يقرّ رئيس الأركان الجديد خططه، فإن الجيش «الإسرائيلي» يتفكّك، وقد انخفضت نسبة التطوّع بين الاحتياطيين إلى 50%، وتستمرّ مغادرة الطبقات الوسطى، والتأثير الكبير لذلك في الحوافز، وفي رتب الضبّاط، أو في الجيش النظامي، سيبرز في السنوات المقبلة، وتنوي المنظومة مواجهة هذا كله من خلال طريقتين؛ المال وغضّ النظر، وهذا لن ينفع!

وقد هزّت تداعيات «طوفان الأقصى» المؤسّسات العسكرية والأمنية «الإسرائيلية»، وأطاحت بكبار القادة، وربما، من أبرزهم وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، ووزير الأمن القومي المتطرّف إيتمار بن غفير، ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، وقائد المنطقة الجنوبية يارون فيلكمان، وقائد فرقة غزة آفي روزنفيلد، وقائد وحدة الاستخبارات «8200» السابق يوسي شارئيل وغيرهم من كبار قادة الجيش والأمن!

ومن أبرز علامات الانهيار في «إسرائيل» المعارضة الشديدة للحرب داخل الكابينة الحكومية وسقوط العديد من التنظيرات السابقة ومنها قدرات الردع العسكري التي لا تُقْهَر، ونظريّة الأمن «الإسرائيلي» وفقدان الملاذات الآمنة وغيرها من صور الهشاشة الأمنية في المدن «الإسرائيلية»!

ومن الزلازل الشعبية المظاهرات العارمة في عموم المدن المحتلة، حيث تشهد «إسرائيل» ومنذ أكثر من عام وحتى الآن مظاهرات ضخمة ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وبلغت لمرحلة مطالبة 25 جنرالاً من قادة الأجهزة الأمنية الأساسية السابقين، في 19 مارس 2025م، ببدء إجراءات قانونية لفرض العزل على نتنياهو، وخصوصاً مع انهيار الهدنة من الطرف «الإسرائيلي» واحتمالية مقتل من بقي من الأسرى «الإسرائيليين» في غزة نتيجة الضربات العشوائية للجيش!

وأظهر استطلاع سابق للرأي نشرته صحيفة «معاريف» العبرية، في 24 يناير 2025م، أن 62% من «الإسرائيليين» يعتقدون أن على نتنياهو الاستقالة بسبب مسؤوليته عن الإخفاق بمنع هجوم 7 أكتوبر!

وقد هزّت «طوفان الأقصى» قدرات «إسرائيل» الاقتصادية، وسبق لمحافظ بنك إسرائيل أمير يارون أن حذر، في 22 يناير 2024م، من ارتفاع تكلفة الحرب في غزة، وأشار إلى أنها قد تبلغ 255 مليار شيكل (68 مليار دولار)، في حين تُقدّر خسائر الاقتصاد «الإسرائيلي» بأكثر من 70 مليار دولار.

ورغم هذه الفواتير العسكرية والأمنية والسياسية والمجتمعية المرتفعة رضخت «إسرائيل» لوقف إطلاق النار، وأطلقت سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، ولكنها، وبعد أن أُحْرِجَت أمام المنظومة العسكرية والأمنية نكثت العهود، وعادت لحربها الشرسة ضد المدنيين العزل لعلّها تُحقّق أيّ انتصار يمكن أن يحفظ ماء وجهها أمام المجتمع العبري!

الواضح أن «إسرائيل» بعد «طوفان الأقصى» ليست «إسرائيل» قبلها، وستكون هناك عشرات القنابل الموقوتة التي ستنفجر أمام حكومة نتنياهو، أو الحكومة التي تليها، وذلك من هول تداعيات زلزال المعركة التي لم تتوقّف حتى الساعة!

 

 

 

 

 

___________________

@dr_jasemj67


كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة