اليهود ونقض العهود.. 5 أدلة من الكتاب المقدس تؤكد سمة الغدر

من يقرأ التاريخ الديني للأمم لا يجد أمة أكثر تكرارًا لنقض العهود من بني إسرائيل، حتى أصبح الغدر خيطًا ناظمًا في علاقتهم بالأنبياء والعهود الإلهية والمواثيق البشرية، والعجيب أن هذا السلوك لم يأتِ من روايات خصومهم فحسب، بل تشهد به نصوص الكتاب المقدس نفسه، حيث تكشف صفحاته عن تاريخ متخم بالنقض بعد الوعد، والجحود بعد النعمة.

ونحن إذ نسجل بعض المواقف التي كتبوها بأيديهم نؤكد أن نقض العهود لم يكن حادثًا عارضًا في سلوكهم، بل سمة متجذّرة في بنيتهم الفكرية والدينية، وصدق الله العظيم إذ يقول: (فَبِمَا ‌نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء: 155).

1- اليهود ينقضون عهدهم مع الله بعد خروجهم من مصر:

عاهد الله اليهود أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، فلما خرج موسى عليه السلام لميقات ربه صنعوا العجل وعبدوه من دون الله، ففي «سفر الخروج» (32/ 7- 8): «فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: اذْهَبِ انْزِلْ، لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ الَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، زَاغُوا سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَوْصَيْتُهُمْ به، صَنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ تِمْثَالًا مَسْبُوكًا»، وفي «سفر إرمياء» (34/ 18): «وَأَدْفَعُ النَّاسَ الَّذِينَ تَعَدَّوْا عَهْدِي، الَّذِينَ لَمْ يُقِيمُوا كَلاَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعُوهُ أَمَامِي، الْعِجْلَ الَّذِي قَطَعُوهُ إِلَى اثْنَيْنِ، وَجَازُوا بَيْنَ قِطْعَتَيْهِ».

2- اليهود ينقضون الميثاق الإلهي برفضهم شريعة الله:

صرح اليهود بأنهم سينقضون الميثاق الإلهي ويعبدون غير الله بعد موسى عليه السلام، ففي «سفر التثنية» (31/ 16- 17): «وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: هَا أَنْتَ تَرْقُدُ مَعَ آبَائِكَ، فَيَقُومُ هذَا الشَّعْبُ وَيَفْجُرُ وَرَاءَ آلِهَةِ الأَجْنَبِيِّينَ فِي الأَرْضِ الَّتِي هُوَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا فِي مَا بَيْنَهُمْ، وَيَتْرُكُنِي وَيَنْكُثُ عَهْدِي الَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَهُ، فَيَشْتَعِلُ غَضَبِي عَلَيْهِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَأَتْرُكُهُ وَأَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُ، فَيَكُونُ مَأْكُلَةً، وَتُصِيبُهُ شُرُورٌ كَثِيرَةٌ وَشَدَائِدُ حَتَّى يَقُولَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: أَمَا لأَنَّ إِلهِي لَيْسَ فِي وَسَطِي أَصَابَتْنِي هذِهِ الشُّرُورُ!»، وفي «سفر هوشع» (8/ 1): «إِلَى فَمِكَ بِالْبُوقِ! كَالنَّسْرِ عَلَى بَيْتِ الرَّبِّ، لأَنَّهُمْ قَدْ تَجَاوَزُوا عَهْدِي وَتَعَدَّوْا عَلَى شَرِيعَتِي».

3- اليهود ينقضون عهدهم مع أنبيائهم ويقتلونهم:

تكرر نقض اليهود للميثاق بالتمرد على الشريعة، ورفض الدعوة إلى الرجوع إلى الله، وقتل الأنبياء، ففي سفر نحميا (9/ 25- 26): أن اليهود «أَخَذُوا مُدُنًا حَصِينَةً وَأَرْضًا سَمِينَةً، وَوَرِثُوا بُيُوتًا مَلآنَةً كُلَّ خَيْرٍ، وَآبَارًا مَحْفُورَةً وَكُرُومًا وَزَيْتُونًا وَأَشْجَارًا مُثْمِرَةً بِكَثْرَةٍ، فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا وَسَمِنُوا وَتَلَذَّذُوا بِخَيْرِكَ الْعَظِيمِ، وَعَصَوْا وَتَمَرَّدُوا عَلَيْكَ، وَطَرَحُوا شَرِيعَتَكَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ الَّذِينَ أَشْهَدُوا عَلَيْهِمْ لِيَرُدُّوهُمْ إِلَيْكَ، وَعَمِلُوا إِهَانَةً عَظِيمَةً»، وفي «سفر الملوك الأول» (19/ 14): فَقَالَ: «غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلهِ الْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ، وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا».



4- الأنبياء يقررون نقض اليهود للعهود:

أوضح الكتاب المقدس أن النبي إرمياء يقرّ بأن بيت إسرائيل وبيت يهوذا نقضا عهد الله، ففي «سفر إرمياء» (11/ 10): أن اليهود «قَدْ رَجَعُوا إِلَى آثَامِ آبَائِهِمِ الأَوَّلِينَ الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يَسْمَعُوا كَلاَمِي، وَقَدْ ذَهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِيَعْبُدُوهَا، قَدْ نَقَضَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ وَبَيْتُ يَهُوذَا عَهْدِي الَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ»، وفي «سفر إرمياء» (31/ 31- 32): «هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَقْطَعُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْدًا جَدِيدًا، لَيْسَ كَالْعَهْدِ الَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ يَوْمَ أَمْسَكْتُهُمْ بِيَدِهِمْ لأُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، حِينَ نَقَضُوا عَهْدِي فَرَفَضْتُهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ».

5- اليهود ينقضون عهدهم مع الناس:

الغدر والخيانة سمة متكررة لليهود، لا مع الله فقط، بل مع البشر كذلك، ففي «سفر يشوع (7/ 11): «قَدْ أَخْطَأَ إِسْرَائِيلُ، بَلْ تَعَدَّوْا عَهْدِي الَّذِي أَمَرْتُهُمْ بِهِ، بَلْ أَخَذُوا مِنَ الْحَرَامِ، بَلْ سَرَقُوا، بَلْ أَنْكَرُوا، بَلْ وَضَعُوا فِي أَمْتِعَتِهِمْ»، وفي «سفر القضاة» (2/ 20): «فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ هذَا الشَّعْبَ قَدْ تَعَدَّوْا عَهْدِيَ الَّذِي أَوْصَيْتُ بِهِ آبَاءَهُمْ وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِي»، وفي «سفر هوشع» (6/ 7): «وَلكِنَّهُمْ كَآدَمَ تَعَدَّوْا الْعَهْدَ، هُنَاكَ غَدَرُوا بِي».

من خلال ما سبق، يتبين أن النصوص التي يتربى عليها اليهود تقرر أنهم لا يوفون بالعهود ولا يلتزمون بالمواثيق، فهذا سلوك ثابت لا يتغير عندهم، وقد أكده القرآن الكريم في أكثر من موضع منه، حيث قال تعالى: (فَبِمَا ‌نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة: 13)، وقال عز وجل: (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ ‌يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ) (الأنفال: 56).

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة