المرأة في التصور الإسلامي.. حقوق كاملة وشخصية مستقلة

جاء الإسلام
والمرأة كائن مهمل، ليس لها مكانة اجتماعية أو حقوق من أي نوع، ولم يكن الرجل
يُسأل في الجاهلية: لِمَ قتل المرأة، أو أعضلها، أو أهانها؟ فإنما هي أعراف أقرتها
تلك المجتمعات وقد توارثوها جيلاً بعد جيل، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
«والله إن كنا في الجاهلية ما نعدُّ للنساء أمراً حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم
لهن ما قسم».
- لقد منع
الإسلام أولاً وأد البنات؛ (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ {8}
بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) (التكوير).
- ثم أعلن الحرب
على العادات والتقاليد التي تحرِّض على كراهية الأنثى، وقد وصف فاعليها ببلادة
العقل وتفاهة المنطق؛ (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى
ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ {58} يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن
سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ
أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) (النحل).
- وحبَّب أتباعه
في البنات، وبشَّر من يرزق بهن، وحذر من كراهيتهن وظلمهن والإساءة إليهن، يقول
النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُكرهوا البنات؛ فإنهن المؤنسات الغاليات» (رواه الطبراني)،
ويقول: «إذا وُلدت الجارية بعث الله عز وجل إليها ملكاً يزف البركة زفاً يقول:
ضعيفة خرجت من ضعيفة، القيم عليها معانٌ إلى يوم القيامة» (رواه أحمد).
- ومنع التمييز
بين النوعين؛ الذكر والأنثى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اعدلوا بين أولادكم
في النُّحل (أي العطاء) كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف» (رواه الطبراني).
لقد سما الإسلام
بالمرأة وحافظ على كرامتها، ورقتها وجمالها، وجعل لها شخصيتها المستقلة، وألغى
النظرة الدونية الشهوانية إليها؛ (وَمِنْ
آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)، وأعلن حريتها واستقلالها، وخوّلها
جميع الحقوق الإنسانية، واعترف بكفاءتها التي لا تقل عن كفاءة الرجل، ولقد عرض
القرآن الكريم لكثير من شؤون المرأة في أكثر من 10 سور من سوره، عُرفت إحداها بـ«النساء
الكبرى» (النساء)، وعُرفت أخرى بـ«النساء الصغرى» (الطلاق).
- فالمرأة في
التصور الإسلامي أحد شطري النوع الإنساني؛ يقول تعالى: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى)
(النجم: 45)، وأحد شقي النفس الواحدة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) (النساء: 1)، (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) (النساء: 25)،
«إنما النساء شقائق الرجال» (رواه أبو داود).
- وهي كالرجل
تماماً في التكاليف الدينية؛ (مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ) (النحل: 97)، (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ
عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) (آل
عمران: 195)، (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ) (البقرة: 228)، باستثناء
بعض التكاليف، ليس لعدم أهليتها للقيام بها، فلو فعلتها لم تُحرم ثوابها، إنما رخص
لها ترك هذه التكاليف تخفيفاً عنها، وبُعداً عن مزاحمة الرجل وتفريغاً لها في
القيام بأعباء أسرتها، وذلك كما في صلاة الجمعة والجهاد. (الحقوق التعليمية
للمرأة، د. منى السالوس).
حقوق
مكتسبة قررها الإسلام
- فلها حق
الميراث، ولها ذمتها المالية المستقلة، وهي تشارك الرجل في الحياة الاجتماعية،
وتتقاسم معه المحن والشدائد والأزمات، وتشارك الرجال في ميدان القتال، ولها الحق
في اختيار الزوج، ولها -كزوجة- حق المعاشرة باللطف والإحسان، ومن حقها الخلع كما
للرجل الطلاق، ولها الحق في طلب العلم، ولها الحق في الإجارة، والعمل خارج البيت
وفق ضوابط الإسلام، وبما يتفق مع فطرة المرأة ومصلحة المجتمع.
- ولها الأهلية
الكاملة والشخصية المستقلة؛ فالإسلام يقدر مسؤولياتها؛ (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور: 21)؛
ويقدر حريتها، عن ابن عباس: أن زوج بريرة كان عبداً، يقال له: مغيث، كأني أنظر
إليه يطوف خلفها ويبكي، ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
لعباس: «يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا؟!»، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم لها: «لو راجعته»، قالت: يا رسول الله، تأمرني؟ قال: «إنما أنا
أشفع»، قالت: لا حاجة لي فيه» (رواه البخاري).
وحرية المرأة في
الإسلام مكفولة، مثل الرجل، بدءاً من حريتها في اختيار عقيدتها وانتهاءً بحريتها
في إبداء رأيها دون خوف من مساءلة أو إقصاء.
- وهي ذات شخصية
قوية؛ فهي لا تتشبه بالرجال؛ إحساساً بالعجز والنقص، وتحافظ على عفتها وطهارتها،
وتتستر في لباسها وزينتها، ولا تصارع الحياة كما يصارع الرجل، تعتز بنفسها، وتتعهد
عقلها بالعلم والمطالعة، بعيدة عن الخرافات، وفية لكل الناس، تجتنب أذاهم وغيبتهم
وظن السوء بهم.
- وهي بريئة من
كونها المسؤولة عن عصيان آدم عليه السلام لربه؛ وقد نفى الإسلام عنها النجاسة التي
تحدثت عنها الكتب السابقة، جاء في الإصحاح الثاني عشر من «سفر اللاوين»: «وكلّم
الرب موسي قائلاً: إذا حملت امرأة وولدت ذكراً تكون نجسة سبعة أيام، كما في أيام
طمث علَّتها».
- ولا تقوم
الدعوة الإسلامية إلا بجناحيها؛ الرجل والمرأة؛ لقد كانت خديجة رضي الله عنها أول
من آمن من العالمين، وقد بذلت كل ما تملك في سبيل نصرة دين الله، وكانت سمية بنت
خياط أول شهداء الإسلام، وشاركت المرأة المسلمة فيما تعرض له المسلمون من محن
مشاركة أساسية، فها هي أسماء بنت أبي بكر تضرب المثل في تحمل المشاق والجرأة في
الحق، والثبات في الشدائد، بالمساهمة في نجاح خطة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
- وهي متساوية
مع الرجل في الدم؛ والحكم فيهما واحد إذا وجب القصاص، كما يتساويان بالتالي في
الدية، فعبارة القرآن الكريم في الدية عامة مطلقة لم يتميز الرجل بشيء منها عن
المرأة؛ (وَمَنْ قَتَلَ
مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى
أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) (النساء: 92).