ماذا تعرف عن عمرة ذي القعدة؟
عند الحديث عن العمرة، يتبادر إلى الذهن على
الفور شهر رمضان، وهو أمر طبيعي وبديهي؛ نظرًا للحديث الشهير في الصحيحين الذي أخبرنا
عبره النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة»، وفي رواية أخرى:
«تعدل حجة معي».
وبالطبع، فضل العمرة في شهر رمضان ثابت بالأدلة
كما سبق ذكره، ولكن الذي لا يعلمه الكثيرون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في
رمضان ولو مرة واحدة، وأن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه اعتمر في ذي القعدة؛ ما
يجعل أداء العمرة في ذي القعدة سُنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولعلنا عندما نتحدث عن شهر ذي القعدة، تقفز
إلى الذهن فضائله سريعًا، وقد تميز هذا الشهر بفضيلتين في غاية الأهمية؛ الأولى: أنه
من الأشهر التي يدخل الحاج فيها للنسك سواء كان متمتعًا أو مفردًا أو قارنًا، وغالب
من يُحرمون في ذي القعدة يحرمون متمتعين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه
أن يحلوا إحرامهم إلى التمتع رفقًا بهم ورحمة.
والفضيلة الثانية: أن جميع المرات التي عزم
فيها النبي صلى الله عليه وسلم على أداء العمرة كانت في ذي القعدة، حتى عمرته التي
قرنها بحجته أحرم بها في ذي القعدة، وقد كانت عُمَرُ النبي صلى الله عليه وسلم أربعًا،
وهي: عمرة الحديبية ولم يتمها بل تحلل منها ورجع، وعمرة القضاء من قابل، وعمرة الجِعرانة
عام الفتح في السنة الثامنة عندما قسم غنائم حنين، وعمرته في حجة الوداع، وذلك كما
دلت عليه النصوص الصحيحة، وعلى هذا القول جماهير أهل العلم.
ومن خلال الأدلة التي ذكرناها سابقًا، فقد
رأى جمع من أهل العلم ومن قبلهم طائفة من السلف أفضلية عمرة ذي القعدة على عمرة رمضان؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القعدة ولم يعتمر في رمضان؛ ولذلك كان كثير
من السلف يحرص على أداء العمرة في ذي القعدة؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن
في ذات الوقت فهذا لا ينفي أو يقلل من أجر العمرة في رمضان كما ورد حديث النبي صلى
الله عليه وسلم في الصحيحين.