الصحفي الغزاوي فايد أبو شمالة لـ«المجتمع»:

الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين ويعتبرهم جزءاً من النضال الفلسطيني

قال الصحفي والكاتب السياسي الفلسطيني فايد أبو شمالة: إن الاحتلال الصهيوني يستهدف الصحفيين الفلسطينيين ويعتبرهم جزءًا لا يتجزأ من النضال الوطني الفلسطيني، ويضع إجراءات للتضييق عليهم، سواء بالاعتقال أو بمنعهم من الحركة بحرية أو منعهم من السفر، وكذلك الاعتداء الجسدي عليهم.

وأوضح أبو شمالة، في حوار لـ«المجتمع»، أن ما وقع خلال «طوفان الأقصى» من اعتداءات على صحفيي غزة أكبر بكثير من كل ما حدث عبر ثمانية عقود من الاحتلال؛ لافتًا إلى أن صحفيي غزة رفعوا شعار «لن تتوقف التغطية» وهم يعرفون أن حياتهم قد تكون ثمن ذلك.


الدور الإعلامي والصمود التاريخي في غزة.. الدحدوح نموذجاً |  مجلة المجتمع الكويتية
الدور الإعلامي والصمود التاريخي في غزة.. الدحدوح نموذجاً | مجلة المجتمع الكويتية
لم يعد الإعلام في هذا الزمن أمراً هامشياً، فقد أصب...
mugtama.com
×


صحفيو غزة يقومون بدور مهم وأساس في نقل نبض القطاع وما يقع عليه من إبادة وتجويع ومعاناة، كيف ترى أهمية هذا الدور؟

- دور صحفيي غزة كان على الدوام علامة من علامات القوة التي تملكها غزة، بسبب ما تراكم لديهم من تجربة عبر عدة أجيال متلاحقة من الصحفيين، بدأت تقريبا في نهاية الثمانينيات عندما انطلقت انتفاضة الحجارة في عام 1987م.

الاحتلال اغتال نحو 211 صحفيًّا وإعلاميًّا خلال حرب الإبادة

وخلال العقود الأربعة الماضية كان للصحفيين في غزة دور كبير في نقل الصورة والقصة والحكاية وتوصيل رسالة غزة، سواء كانت رسالة البطولة والمقاومة أو الكارثة والصمود.

وما ميّز عمل صحفيي غزة في حرب الإبادة الجارية هو أنها المرة الأولى التي يجدون أنفسهم في ميدان حرب الإبادة وحدهم؛ فقد منع الاحتلال الصحفيين الأجانب من دخول غزة، بل إن المؤسسات الإعلامية الدولية العاملة في غزة حثت موظفيها ومنهم الصحفيون على مغادرة القطاع في الأشهر الأولى للحرب!

وقد تحمل صحفيو غزة عبئًا هائلاً حيث وجدوا أنفسهم في الميدان دون أي حماية ودون أي دعم ودون أدوات عمل كافية، وفي ظروف انقطعت فيها الكهرباء والمياه والغاز والإنترنت وكذلك الطعام والشراب والدواء.

الصحفيون الأجانب ومؤسساتهم تخلوا عن صحفيي غزة

ومع ذلك، فإن صحفيي غزة نجحوا نجاحًا باهرًا في توصيل الصورة والصوت، ونقلوا للعالم ما لا يحصى من المشاهد التي توثق بشاعة العدوان وشراسة الاحتلال الصهيوني.

لا شك أن صحفيي غزة يواجهون معاناة مضاعفة من الإبادة الصهيونية بحق أبناء غزة جميعًا، كيف ترصدون ذلك؟

- واجه الصحفيون وما زالوا عدة أنواع من المعاناة كما ذكرت، ولكن يمكن أيضًا تلخيص ذلك على النحو التالي:

1- الاستهداف المباشر بهدف القتل، وقد اغتال الاحتلال نحو 211 صحفيًّا وإعلاميًّا خلال حرب الإبادة؛ وقد شاهد العالم مؤخرًا كيف كان استشهاد الصحفي أحمد منصور حرقًا بعد استهداف خيمة الصحفيين في مستشفى ناصر بخان يونس!

2- الإصابات ومنع العلاج المناسب، وقد تكرر ذلك في حالات كثيرة.

3- استهداف عائلات الصحفيين وتدمير بيوتهم.

4- الاعتقال دون جريمة أو تهمة، وما يزال عدد من الصحفيين في عداد المفقودين منذ السابع من أكتوبر، وهناك عدد آخر تم اعتقالهم بعد ذلك وما زالوا قيد الاعتقال.

5- التهديد المستمر للصحفيين بالقتل، حيث تصلهم رسائل أو اتصالات من رجال الاستخبارات الصهاينة وهم يهددونهم بهدف تخويفهم ومنعهم من التغطية.


استهداف الصحفيين جريمة صهيونية لارتكاب الإبادة في صمت |  مجلة المجتمع الكويتية
استهداف الصحفيين جريمة صهيونية لارتكاب الإبادة في صمت | مجلة المجتمع الكويتية
ليس قطاع غزة وحده هو المحاصر، وليست دماء الفلسطيني...
mugtama.com
×


الصحافة «مهنة المتاعب».. لكنها في غزة «مهنة الموت»!

6- استهداف مؤسساتهم ومكاتبهم وسياراتهم ومعدات العمل، وخصوصًا أجهزة البث والدرون المخصصة للتصوير من الجو، وكذلك عدم توفر الكهرباء ولا الغذاء والدواء.

هل يمكن القول: إن الصحفيين يقعون في دائرة الاستهداف الصهيوني المتعمد؟

- الاحتلال كان على الدوام يستهدف الصحفيين الفلسطينيين ويعتبرهم جزءًا لا يتجزأ من النضال الوطني الفلسطيني، وكان على الدوام يضع إجراءات للتضييق عليهم واستهدافهم، سواء بالاعتقال أو بمنعهم من الحركة بحرية أو منعهم من السفر، وكذلك الاعتداء الجسدي عليهم وغير ذلك من الإجراءات.

لكن ما وقع خلال «طوفان الأقصى» كان أكبر بكثير من كل ما حدث عبر ثمانية عقود من الاحتلال! ويكفي ملاحظة أن عدد من قتلهم الاحتلال في غزة منذ السابع من أكتوبر هو نحو ثلاثة أضعاف من قُتلوا من الصحفيين حول العالم في أسوأ الأعوام، والذي اعتبر عامًا أسود وهو عام 2022م؛ حيث قتل في ذلك العام نحو ثمانين صحفيًّا في مناطق مختلفة حول العالم، سواء في تغطية الحروب أو ملاحقة الجريمة والتهريب أو الاستقصاء في قضايا الفساد أو غير ذلك.

وكيف ترى رد فعل المنظمات الغربية، لاسيما المتصلة بالعمل الصحفي، تجاه هذا الاستهداف؟

- للأسف، المؤسسات والمنظمات الدولية لم تفعل ما يجب فعله، وكان يجب عليها أن تدافع عن صحفيي غزة وتفرض على الاحتلال التوقف عن استهدافهم، واستخدام ما يتمتع به الصحفيون حول العالم من قدرات ونفوذ، وكذلك نفوذ وتأثير مؤسساتهم والضغط على حكوماتهم لتضغط بالتالي على الاحتلال وتمنعه من الاستفراد بالصحفي الفلسطيني، وكذلك تجبره على فتح المجال لصحفيين أجانب للدخول إلى غزة لتغطية ما يجري؛ وهؤلاء يمكن أن يوفروا نوعًا من الأمان والحصانة لزملائهم الفلسطينيين، وكذلك يساعدون في توفير متطلبات الأمان والحماية من أدوات وأماكن ومعدات ودروع وخوذ وعربات بث وغير ذلك. ومن جانب آخر، فإن وجود الصحفيين الأجانب قد يمنع الاحتلال من ارتكاب المجازر والحماقات بدون خوف.


صحفيو غزة رفعوا شعار «لن تتوقف التغطية»

لكن للأسف، لم يفعل الصحفيون الأجانب ومؤسساتهم ومنظماتهم ما كان مطلوبًا وضروريًّا؛ فسمح ذلك للاحتلال بارتكاب أبشع الجرائم بحق صحفيي غزة.

بالرغم من خطورة العمل الصحفي بغزة، فإننا نرى أجيالاً من الأطفال والشباب يُبدون رغبتهم بالعمل مستقبلاً في هذه المهنة الشاقة، كيف نفهم هذا؟ وهل يُعد ذلك جزءًا من إرادة الصمود والتحدي والتمسك بالحقوق؟

- تعلمنا من بداية عملنا الصحفي أن الصحافة «مهنة المتاعب»، ولكنها في غزة ليست متاعب فقط، بل هي «مهنة الموت».

والحقيقة هي أن كل المهن في غزة تعرضت للاستهداف وليس الصحفيون فقط؛ فالأطباء والمسعفون ورجال الدفاع المدني والشرطة وعمال الإغاثة ومسؤولو وموظفو العمل البلدي والحكومي، وحتى من يصنعون الطعام للجائعين أو رجال الإصلاح والعشائر والمدرسون وكل الشرائح دون استثناء، استهدفهم الاحتلال؛ وأصبح أي عمل يساعد المواطنين على الصمود جريمة عقوبتها القتل.

ومن هنا، أصبح العمل الصحفي جزءًا أساسيًّا من النضال الفلسطيني في مواجهة الغزاة، وأصبح الصحفيون رموزًا ونجومًا يتابعهم العالم ويعرف من خلالهم ما يجري من انتهاكات وجرائم. وهذا الأمر يحفز الأجيال الجديدة من الشباب للاقتداء بسابقيهم محملين بالشعور بالمسؤولية المهنية والوطنية في نفس الوقت؛ حيث رفع صحفيو غزة شعار: "لن تتوقف التغطية" وهم يعرفون أن حياتهم قد تكون ثمن ذلك.

وجهٌ آخر للتضحيات في غزة |  مجلة المجتمع الكويتية
وجهٌ آخر للتضحيات في غزة | مجلة المجتمع الكويتية
ملاحم يومية يسطرها أهل غزة بكل أطيافهم بداية من أط...
mugtama.com
×



تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة