مساعي تفكيك الأسرة المصرية تتزايد وسط تحذيرات من مختصين
وسط قلق مجتمعي
عام، يشعر العديد من المعنيين بملف الأسرة المصرية بخوف شديد من تزايد ما يرصدونه
من مخططات ومساع لتفكيك الأسرة المصرية، ويتحول القلق إلى سخرية حزينة من الأوضاع
لدى البعض، أو كما يقول ساخرًا أحد من يرى نفسه ضحية لهذا التفكك لـ«المجتمع»: يبدو
أن مياه نهر النيل تعكرت، البيوت تتفكك بسرعة!
مع زيادة نسب
الطلاق، التي ارتفعت هذا العام، طبقاً لإحصاءات رسمية بنسبة 1.6% مقارنة بالعام
الماضي، التي تتم بطريقة متشابهة في الطلبات وبنفس المواصفات تقريبًا، وفق شهادات
متكررة، يرصد المراقبون كثافة في أخبار عقوق الأبناء والقتل والعنف داخل الأسرة،
بشكل غير معتاد يتزامن مع غياب العادات والتقاليد وتراجع الأخلاق الحميدة وقيم
الحارة المرتبطة بالشهامة والرجولة، وغير ذلك مما يتم من سلبيات تنتشر بشكل ممنهج،
كما يرصد البعض، عبر شبكات إلكترونية وفكرية هدامة، تصل إلى التحريض على الجرائم.
4 طرق للتفكك الأسري الممنهج
المستشار الأسري
والنفسي عماد الحكيم، مؤسس أكاديمية الحكيم للإرشاد النفسي والتدريب، يقول لـ«المجتمع»:
نلحظ جميعاً كمختصين في المجال النفسي والأسري تزايداً مقلقاً في مظاهر تفكك
البنية الأسرية داخل المجتمع المصري، حيث لم تعد المشكلات مقتصرة على الطلاق أو
العنف الأسري فقط، بل امتدت إلى انهيار منظومة القيم، وتآكل الروابط العاطفية،
وتراجع الوعي بدور الأسرة كمصدر للأمان والتوازن النفسي والاجتماعي.
الحكيم: نرصد تفريع مفهوم الأسرة من محتواه وتطبيع مع العنف واغتراب اجتماعي
من خلال عمله
كمستشار ومعالج نفسي، رصد الحكيم أبرز عوامل ذلك التفكك الممنهج، ومنها كما يقول:
أولاً: تفريغ
مفهوم الأسرة من محتواه، عبر ترويج بصورة غير مباشرة نماذج مشوهة للأسرة المصرية
عبر بعض الأعمال الدرامية ومنصات التواصل، يتم من خلالها إظهار العلاقات الزوجية
كمصدر ألم أو قيد، وتقزيم دور الأب أو الأم لحساب الفردية واللذة والنجاح الشخصي،
بما يغرس في الأجيال الجديدة فكرة أن الارتباط مسؤولية مُرهقة وليست رحلة نضج ونمو
مشترك.
ثانياً: تطبيع
التفكك والعنف، عبر تكرار ممنهج ومكثف لمشاهد الخيانة، والانفصال، والعدوان اللفظي
والجسدي في المحتوى المرئي في مصر بشكل يجعلها مألوفة، حيث يُعاد تقديم التشوه كطبيعي؛
بما يجعل المجتمع المصري يفقد حسه الأخلاقي تدريجياً؛ وهو ما يدفع إلى انعدام الحس
بالحدود، وفقدان الهيبة الأخلاقية للأسرة المصرية.
ثالثاً:
الاغتراب النفسي والاجتماعي، حيث مع تسارع الحياة الرقمية، انفصل كثير من الآباء
والأبناء عن بعضهم، رغم أنهم يعيشون في نفس البيت، بما فرض العزلة النفسية على
البيت، التي أصبحت مرضاً اجتماعياً صامتاً، فالأب منشغل بالشاشات، والأم مرهقة في
النجاة، والأبناء يبحثون عن الانتماء خارج البيت، ومن هنا تحدث الأزمات.
رابعاً: الضغط
الاقتصادي والإعلام الاستهلاكي أثرا سلباً على الأسرة المصرية، حيث ترسخ الإعلانات
بشكل مكرر أن السعادة تشترى، في حين أن العلاقات الإنسانية تحتاج استثمارًا في
الوعي، وليس في المال، بينما في المقابل لا توجد ثقافة إدارة الخلاف، وفهم
احتياجات النفس، والتعامل الواعي مع الاختلافات داخل الأسر، بما يجعل الأبناء
تتربى على الكبت لا على الفهم، وعلى الخوف لا على الحوار، فتكون النتائج أجيالاً
هشة نفسياً، غاضبة أو منسحبة.
3 قوانين معيبة
في عام 2004م،
انتقلت مصر إلى مرحلة محاكم الأسر المصرية، طبقاً للقانون رقم (10) لسنة 2004م،
حيث اختصت بالنظر في جميع قضايا الأحوال الشخصية، مثل الطلاق، والحضانة، والنفقة،
وإثبات الزواج، بهدف توحيد جهات التقاضي المتخصصة في هذه القضايا وتيسير الإجراءات
على المواطنين، ولكنها كشفت عن عوامل تفكك الأسر المصرية بشكل لافت.
مطر: هناك 3 قوانين معيبة هي سبب قضايا محاكم الأسرة ولابد من تعديلها
في حديثه لـ«المجتمع»،
يحدد أحمد رزق مطر، المحامي المختص بالأحوال الشخصية، مؤسس ورئيس مجلس إدارة
الجمعية المصرية لحقوق الرجل والطفل في قانون الأسرة، المشهرة حكوميًا برقم (7232)
لسنة 2022م بمصر، 3 قوانين معيبة من وجهة نظره هي سبب تفكك الأسر المصرية: قانون
رقم (4) لسنة 2005م، الخاص برفع سن الحضانة، وقانون الخلع رقم (1) لسنة 2000م،
والقانون رقم (100) لسنة 1985م، الذي منح المطلقة المصرية شقة الزوجية.
مختلفًا عن قطاع
يرى أن هذه القوانين مهمة لحقوق المرأة والطفل، يوضح مطر أن قانون رفع سن الحضانة
منح الأم ميزة الحضانة حتى سن 15 سنة، بدلًا من سن 7 للولد، و9 للبنت، ثم منح
الأطفال التخيير، ومن خلاله حدثت أزمات كثيرة في المحاكم والأسر نتيجة التعنت
والعناد.
أما قانون الخلع
فيرى مطر أنه منح العصمة للزوجات المصريات للطلاق في أي وقت تشاء دون ضابط ولا
رابط، وما هو أضر بالعلاقات الزوجية، فيما ينتقد انتزاع الشقة ملك الزوج من ملكيته
لتذهب الي مطلقته التي كثيراً ما تأتي بزوج آخر ليقوم بتربية أبنائه في ملكه، وفق
ما يرصد.
«جروبات» التخريب
أحد أبرز
الأسباب التي تساعد على تفكك الأسر المصرية، بحسب شكاوى رائجة ودراسة أكاديمية، انتشار
مجموعات (جروبات) نسائية على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر تحرض على الطلاق وتفسد
العلاقات الزوجية، وتتبنى خطاباً تمييزيًا.
في دارسة
أكاديمية حديثة صادرة عن المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بمدينة 6 أكتوبر، جاءت
بعنوان «الطرح النسائي للمشكلات الأسرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي: الجروباتالنسائية على موقع فيسبوك نموذجاً»، أوضحت الباحثة دينا محمد صفوت، تعدد الأبعاد
السلبية للطرح النسائي للمشكلات الأسرية في تلك «الجروبات»، وتمثلت في تراجع قيم
الخصوصية والحياء والستر.
وتعددت المشكلات
الأسرية التي تعرضها النساء على «الجروبات» النسائية، بحسب الدراسة، ومنها: مشكلات
تتعلق بتجاهل الزوج، وعدم تحمل الزوج للمسؤولية، وكثرة المشاجرات والعنف، والطلبات
غير الأخلاقية للزوج، والطلاق العاطفي، وخيانة الزوج، ومشكلة الحموات، والزواج في
السر، وإدمان الزوج والأخلاق السيئة، ومشكلات جنسية.
دراسة كشفت أن «الجروبات» النسائية تحرض على الطلاق والضغينة وانتهاك الستر والحياء
كما تعددت
أساليب الطرح النسائي للمشكلات الأسرية، وفق الدراسة، وتمثلت في: عدم الإفصاح عن
شخصية الزوجة، وإظهار الزوج على أنه كله مساوئ، وإظهار بعض الحموات على أنهن
ظالمات، وإظهار الزوجة على أنها ضحية لسلوكيات الزوج.
فيما رصدت
الدراسة أن الحلول المقترحة من أعضاء «الجروبات» جاء في مقدمتها: التحريض على
الطلاق، وتفتيش تليفون الزوج، والمطالبة برد العنف، والتحريض على الحموات،
واستنزاف مال الزوج.
مسارات الحلول
ويرى المستشار
الأسرى عماد الحكيم أن الحماية الحقيقية للأسرة ليست في قوانين جديدة فقط، بل في
إحياء الوعي الأسري في مصر، وأن نعلم أبناءنا الحب الواعي، وأن ندرب الآباء
والأمهات على مهارات التواصل، وأن نعيد تعريف القوة بأنها احتواء لا سيطرة، مشدداً
على أن تفكيك الأسرة لا يبدأ بحدث خارجي، بل يبدأ حين تتآكل النية المشتركة
للتماسك من الداخل.
ويطالب المحامي
أحمد مطر بإعادة التشريعيات إلى ما كانت عليه، حيث كانت سن الحضانة 7 للولد، و9
للبنت، فيما كان يجب على الزوجة قبل قانون الخلع أن تثبت الضرر بشكل جاد لتحصل على
الطلاق، وقبل مرحلة الشقة من حق الزوجة، كانت الشقة تبقى لصاحبها، كي يقوم بتربية
أولاده فيها، مؤكداً أن الحل القانوني المتاح لحين تعديل تلك التشريعيات استمرار
الرجال في المسارات القانونية التي تحمي حقوقهم وحقوق أولادهم من الناشزات، على حد
تعبيره.
وأوصت الباحثة
دينا محمد صفوت، في دراستها، بالاهتمام بتوعية المرأة من مضار الاستخدامات السلبية
للمجموعات النسائية على موقع «فيسبوك».
مقالات ذات صلة:
النسوية
الراديكالية.. مشروع لمعاداة الرجل واستئصال الأسرة
https://mugtama.com/a/aD8wwAXz
خارطة
طريق لحماية المرأة المسلمة من اختراق التيارات النسوية
https://mugtama.com/a/a7rNBdJ7
أنا
غير ملزمة بشيء!