الأكاديمي أبو بكر محمد لـ«المجتمع»: مسلمو مالي يتصدون للتنصير في أفريقيا

سُميت مالي بـ«مملكة
الذهب»، وقد دخلها الإسلام في القرن الخامس الهجري، ويشكل المسلمون الآن 98% من
جملة سكانها، وبسبب الاستعمار الفرنسي صارت من أفقر دول العالم.
وعلى الرغم من
الغالبية العظمى من المسلمين في مالي التي تعتبر دولة حبيسة وليست ساحلية، تحدها
الجزائر شمالاً، والنيجر شرقاً، وبوركينا فاسو وساحل العاج في الجنوب، وغينيا من
الغرب والجنوب، والسنغال وموريتانيا في الغرب، فإنها تتعرض لحملات تنصيرية واسعة.
«المجتمع»
تحاورت مع أبو بكر محمد، عميد جامعة أفريقيا الفرنسية العربية الأهلية، الأستاذ في
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمالي، الذي كشف عن تفاصيل وأحوال المسلمين في
مالي، حيث يمثلون الأكثرية في البلاد ويسعون إلى نشر الإسلام ومواجهة التنصير، مع
وعي تام بمستجدات عصرهم وتأسيس المزيد من الجامعات الإسلامية لنشر الإسلام وتعليم
اللغة العربية.
- بداية،
حدثنا عن سكان مالي وطبيعتها، ولماذا لقبت بـ«مملكة الذهب»؟
- يتكون سكان
شعب مالي من عشائر وقبائل مختلفة تجمعهم دولة واحدة، أغلبهم مسلمون، بنسبة تصل إلى
حوالي 98%، وتداول اشتهارها بمملكة الذهب في الأغلب لأن أحد ملوكها منسا موسى كان
يمتلك ذهباً كثيراً فلقب بـ«ملك الذهب»، بسبب كثرته في العام الذي أدى فيه فريضة
الحج، فأنفق كثيراً منه على الفقراء.
لا نملك عملة خاصة بسبب تدخل الاستعمار
الفرنسي
مسلمو مالي هم
الغالبية من جملة السكان، الذين يبلغون حوالي 24 مليون نسمة، ويعتبر هذا نقلة
نوعية وكبيرة لعدد المسلمين الذين كان يبلغ عددهم حوالي 6 ملايين عند الاستقلال
عام 1960م، ويرجع الفضل إلى الله أولاً ثم العلماء والتجار قديماً وحديثاً في نشر
الإسلام بالبلاد، وذلك منذ عهد الإمبراطوريات وحتى عصر الجمهوريات الحديثة.
- على
الرغم من لقب «مملكة الذهب»، فمالي ليس لديها عملة خاصة، ما تفسيرك؟
- هذا صحيح،
فجمهورية مالي رغم أنها تحمل لقب «مملكة الذهب» كما هو متداول إعلامياً، لكن لا
تمتلك عملة خاصة بسبب تدخل الاستعمار الفرنسي، وعدم استقلال مالي استقلالاً كاملاً؛
حيث لا يزال موجوداً في بعض أشكاله، وعلى الرغم من وجود عملة خاصة بمالي عقب
استقلالها منذ عام 1960 وحتى 1984م، فإن فرنسا حاصرتها اقتصادياً حتى خضعت لتداول
عملة المجموعة الأفريقية الاقتصادية المشتركة.
- رغم
ارتفاع عدد المسلمين، فإن هناك حملات تنصيرية واسعة، ما صحة ذلك؟
- نعم تزامنت
الحملات التنصيرية مع وجود المستعمر الفرنسي منذ القرن التاسع عشر وتحديداً في عام
1893م، ولكنها كانت مفروضة على الشعب المالي، حيث لا يزال المستعمر يعاود استمرار
فرضها في ظل رفض تام من المسلمين في البلاد.
- ما
مدى صحة أن مدينة تمبكتو لم تدخلها عبادة الأوثان قط؟
- نعم مدينة «تمبكتو»
لم تدخلها الأوثان قط، لأنها مدينة أنشئت في القرن الخامس الهجري، وتزامن إنشاؤها
مع وجود الإسلام في مالي؛ لذلك لم يُعبد فيها غير الله تعالى، ولم تدخلها الأوثان.
- حدثنا
عن العمل الدعوي، وهل هناك عدد معين يعتنق الإسلام سنوياً؟
- العمل الدعوي
على ما يرام، ولا يوجد حواجز بين المسلمين وممارسة دعوتهم ونشرهم للإسلام،
وبالنسبة لعدد من يدخل الإسلام فلا توجد جهة معينة تقوم بإحصاء ذلك، ومع ارتفاع
عدد المسلمين في مالي، نجد هناك من يعلن إسلامه بالمساجد في أيام الجمعة معظمهم من
المسيحيين، وهناك أعداد أخرى تعتنق الإسلام من البلدان المجاورة.
نستخدم الذكاء الاصطناعي في الدعوة ونشر
الإسلام
يشار أيضاً إلى
أن الدعوة إلى الإسلام ونشره في البلاد لا تتوقف على الحكومة، بل بمجهود المسلمين
قديماً وحديثاً، فهم على نفس الطريقة لا يخضعون لشيء في نشر الإسلام ودعوته.
- ما
علاقة مسلمي مالي بغيرهم وكيفية التواصل معهم؟ وإلى أي مدى تنتشر اللغة الفرنسية؟
- من المعلوم أن
مالي محكومة بقانون علماني، لكنه يسمح للجميع بممارسة حرية الأديان، والأمر في
مالي وصل إلى حد «قد تبيّن الرشد من الغيّ»، فالأكثرية للمسلمين، وبالرغم من وجود
المسيحيين في البلاد لأزمان طويلة، فإن عددهم لا يصل إلى 1% من جملة عدد المسلمين.
كما أن البعض
ممن كان يتفاخر بتعلم اللغة الفرنسية أعرب عن ندمه بسبب فواته تعلم اللغة العربية،
لأنها لغة القرآن، وكثرة المسلمين في البلاد فرضت قوة وإرادة تعلم اللغة العربية
وعلوم الشريعة.
- مع
تقدم وسائل التواصل الحديثة، كيف يستخدم المسلمون الذكاء الاصطناعي دعوياً؟
- المسلمون في
مالي كغيرهم من مسلمي العالم، يستخدمون كل وسائل التواصل الاجتماعي ومنها الذكاء
الاصطناعي، حيث يستخدمونه في كل المجالات ومنها الدعوة ونشر الإسلام، ومنهم
متخصصون في ذلك.
- هل
للاستعمار الفرنسي دور في إذكاء الصراعات داخل مالي خاصة عبر الجماعات المتطرفة؟
- لا شك أن
للاستعمار الفرنسي دوراً بارزاً في إذكاء الصراعات ليس في مالي فقط، بل في كل دول
الساحل الأفريقي، وذلك عبر ما يسمى بـ«الجماعات الجهادية»، ونحن لا نسميها هنا
جماعات جهادية؛ لأنها ليست مجاهدة شرعاً، وقد أصدر العلماء في مالي بياناً ووثيقة
بذلك بأنهم ليسوا مجاهدين، وكل الشواهد لدى الدولة تؤكد أن وراء كل ذلك أصابع
الاستعمار الفرنسي.
هناك دور خليجي بارز في دعم العمل الخيري
بمالي
- كيف
يتغلب المسلمون على النزاعات الداخلية؟ وكيف يتم توعية الشباب؟
- لا يوجد
نزاعات داخلية بين شعب مالي، والشباب يعلمون ذلك، ويعلمون أيضاً أن النزاعات فقط
بين السياسيين الماليين؛ الذين تختلف آراؤهم في كيفية إدارة البلاد، ولا يوجد صراع
بين أبناء الشعب المالي.
- ما
تقييمكم لحجم وتأثير العمل الخيري الخليجي في مالي؟
- نعم هناك دور
بارز لدول الخليج في البلاد من العمل الخيري، يتمثل في بناء المساجد والمراكز
العلمية وحفر الآبار وإغاثة اللاجئين واليتامى، إضافة إلى اللاجئين بسبب الحروب
التي فرضت علينا، فحجم الدور الخليجي كبير جداً، ولدول الخليج حقيقة قدم صدق في
مساعدة المسلمين في مالي ومشهود لهم بذلك، فالجميع له دور بارز في جميع وجوه
الخير.
اقرأ أيضاً: