نظام القرآن.. حين يقود التفسير إلى التدبر

محمد الحداد

16 مارس 2025

393

تفسير القرآن علم يعنى بكشف اللثام عن معانيه اللغوية والشرعية وما هو منهما؛ فهو إعمال للقوة العلمية، أما التدبر فيعنى بإدراك مغزى الآيات ومقاصدها، وتلمس هداياتها، وعقد القلب عليها؛ فهو إعمال للقوة العقلية، ومتى ما قاد التفسير إلى التدبر تحقق المقصود الأمثل من إنزال الكتاب، (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص: 29).

وإن من أعظم مناهج التفسير المُعبِّدة لتدبر كتاب الله منهج نظام القرآن، وهذه كلمات في التعريف به وبيان شرفه والحث عليه.

أصل «نظام القرآن»

لعل أول إشارة لأصل نظام القرآن لغويةً؛ فإن كلمة قرآن من «قرأ»؛ أي: جمع، و«مقروء»؛ أي: مجموع، و«قرآن»؛ يعني: مجموع بعضه إلى بعض.

وقد اتخذ ذلك منهجًا بشأن التفسير عدد من أهل العلم متقدمين ومتأخرين، قال مسلم بن يسار (ت 100هـ): «إذا حدثت عن الله حديثًا فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده» (نقلًا عن تفسير ابن كثير 1/ 17)، وسماه عدد من أهل العلم الترتيبات والروابط.

قال الفخر الرازي: «أكثر لطائف القرآن مودَعة في الترتيبات والروابط» (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2/ 138)، وسموه علم المناسبات أيضًا، قال الرازي أيضًا: «علم المناسبات علم عظيم أودعت فيه أكثر لطائف القرآن وروائعه، وهو أمر معقول إذا عرض على العقول تلقته بالقبول» (نقلًا عن البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/ 35)، واصطلحوا عليه بتلك التسمية في الغالب.

قال الزركشي: «واعلم أن المناسبة علم شـريــف تحزر به العقول، ويعرف به قدر القائل فيما يقول» (البرهان 1/ 36)، وكان أول من أظهره أبو بكر النيسابوري (ت 324هـ) في بغداد، وكان يزري على علماء بغداد لجهلهم وجوه المناسبة بين الآيات، وكان إذا قرئت عليه آية أو سورة يقول: لِمَ جُعلت هذه الآية إلى هذه؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة (نقلًا عن الإتقان 2/ 217).

وإذا نظرنا إلى تلك التعريفات، نجد أنها تبحث التناسب بين الآيات وترتيبها وكذلك السور للوصول إلى أوجه التفسير المرضية، ثم تطور هذا المنهج لاحقًا حتى وصل إلى العناية بالنظام بوجه أكثر دقة وأعمق رؤية.


 خطوات لتدبر القرآن.. في الصلاة وناشئة الليل

كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة