3 كنوز نبوية لتطوير الذات والنجاح

يبحث المسلم دائماً عن إعداد النفس وتطويرها، فضلاً عن تطوير مهاراته العملية والسلوكية والنفسية والأخلاقية.

والقرآن الكريم يرشد المسلم إلى ضبط سلوكه العام مع الناس، وكذلك تزخر السُّنة النبوية بالتوجيه ليكون المسلم في أسمى الصور الإنسانية، ويتحلى بأعلى المهارات وأسمى المفاهيم.

سنعرض في هذه السطور 3 أحاديث نبوية تنقل من يعيها ويدرك مقاصدها ثم يعمل بها لأن تكون حياته كلها عبادة:

المفهوم الأول: «فليقل خيراً أو ليصمت»:

عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت» (رواه البخاري، ومسلم).

لقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم اكتمال الإيمان عنده، حتى تكون فيه هذه الخصال التي منها: «ليقل خيراً أو ليصمت»، فالبعض قد يورط نفسه في قول الباطل، أو شهادة الزور، أو الكذب، بحجة أنه لا يستطيع قول كلمة الحق لأسباب يعدها، لكن الحديث جعل له مخرجاً، فإن لم تستطع قول كلمة الحق، فيسعه السكوت، فلا تنطق بالباطل ولا تؤيده، إن كنت عاجزاً أو ضعيفاً.

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» (رواه البخاري ومسلم).

وسلامة اللسان من الوقوع في الخطأ تعدل أهم الأعمال بعد الصلاة على وقتها، فعن عبدالله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة على ميقاتها»، قلت: ثم ماذا؟ قال: «أن يسلم الناس من لسانك» (رواه الطبراني).

ويلقي أحدنا بالكلمة يريد بها السخرية من مسلم، أو يريد بها اللعب أو إضحاك المحيطين، وهو لا يدري أنها تكبه على وجهه في النار، فعن معاذ بن جبل أنه قال: يا رسول الله، أكل ما نتكلم به يكتب علينا؟ قال: «ثكلتك أمك، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، إنك لن تزال سالِمًا ما سكت، فإذا تكلمت كتب لك أو عليك» (رواه أحمد).

وكثير الكلام قد يقع في الكبائر دون أن يشعر، منها شهادة الزور، والغيبة والنميمة، والسب، وقذف المحصنات، واليمين الغموس، والكذب، والوعد الكاذب؛ وهو من إحدى علامات النفاق.

أما مِن قول الخير ذِكْر الله تعالى في كل وقت وحين خاصة كلمة التوحيد، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصاً إلا فتحت له أبواب السماء حتى يفضي إلى العرش، ما اجتنبت الكبائر» (رواه الترمذي)، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: «لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه» (رواه البخاري).

المفهوم الثاني: الانشغال بالنفس عن الآخرين:

الفضول عادة بشرية تدفع صاحبها لمحاولة التجسس على الناس، ومعرفة أخبارهم، والحديث في شؤونهم، وإبداء الرأي فيما لا يحق له الحديث أو الخوض فيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (رواه الترمذي)، وهو من أهم الأحاديث التي تهتم بالأدب العام بين المسلمين، وهو يرشد إلى عدد كبير من أصول الشريعة، منها:

1- ترك كل محرم وشبهة ومكروه وحتى فضول الكلام التي لا طائل منها إلا تضييع الوقت دون الاستفادة منه في قول كلمة طيبة أو ذكر من الأذكار، وكل ذلك دليل على حسن الإيمان.

2- الانشغال بحسن الكلام بدلاً من سيّئه أو فضوله، فعن عَبْدِاللَّهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُؤَاخَذُ الرَّجُلُ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: «مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا كَانَ عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِر» (متفق عليه).

3- أهمية الوقت واستثماره فيما ينفع، فماذا يعود على المسلم من انشغاله بالسؤال عما يخص هذا؟ ومن أين أتى ذاك؟ وإلى أين؟ وماذا كسب فلان؟ وماذا خسر؟ فليستثمر وقته فيما يعود عليه بالحسنات، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ» (أخرجه البخاري).

4- الانشغال بأمور الغير يوقع في الحرام؛ فقد يوقع الانشغال بالغير لوقوع العداوة، خاصة أن دافعه غالباً سوء الظن بالمسلمين واتهامهم دون تبيُّن، ومن ثم يتثاقل المسلم عن العبادات؛ لأن هناك ما يثقل القلب عن الله تعالى، وهو مدعاة لتتبع أعراض المسلمين وربما الخوض فيها والزلل.

المفهوم الثالث: تجنب الغضب:

عن أبي هريرة، أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: «لا تغضب»، فردد مرارًا، قال: «لا تغضب» (رواه البخاري).

وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يملك نفسه عند الغضب فقال: «ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (رواه البخارين ومسلم).

وأشاد القرآن بصفة العفو عن الناس وعدم الانسياق للغضب؛ (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) (آل عمران: 134)، وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كظم غيظًا -وهو يستطيع أن ينفذه- دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من أي الحور العِين شاء» (رواه أبو داود، والترمذي).

وهناك طرق للتخلص من الغضب، منها:

  • الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
  • يتذكر المسلم فضل الحلم وكظم الغيظ.
  • تذكر المفاسد الناجمة عن الغضب.
  • تغيير الحال، والوضوء.
  • تذكر قدرة الله عليه وكم ضعفه أمامه سبحانه وحاجته لحلم ربه.
الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة