سيول غزة.. حين يتحوّل المطر إلى كارثة على النازحين

سامح ابو الحسن

18 نوفمبر 2025

24

على مدى الأسبوعين الماضيين، وجد سكان قطاع غزة، لا سيما النازحين في مخيمات الجنوب والوسط، أنفسهم أمام موجة جديدة من المعاناة، بعدما اجتاحت المنطقة سلسلة من المنخفضات الجوية العميقة التي جلبت أمطاراً غزيرة وسيولاً جارفة، هذه الأمطار، التي كان يفترض أن تكون نعمة، تحوّلت إلى كابوس يومي يلاحق آلاف العائلات التي تعيش داخل خيام لا تقوى على الصمود أمام الرياح والمياه المتدفقة.

خيام تغرق وأطفال بلا مأوى

مع بداية المنخفض الأول قبل نحو 15 يوماً، بدأت الخيام تتهالك واحدة تلو الأخرى، إذ تسربت المياه من كل جانب، وتحوّلت الأراضي الترابية التي تقوم عليها الخيام إلى برك طينية غمرت محتوياتها بالكامل، آلاف الأطفال اضطروا لقضاء ساعات طويلة تحت المطر، بعدما فقدت أسرهم القدرة على حماية أماكن نومهم، فيما انتشرت مشاهد عائلات تحمل ما تمكنت من إنقاذه من فراش وأغطية مبللة.

وتسببت السيول في غمر مناطق واسعة داخل المخيمات المؤقتة؛ ما أعاق حركة الناس وأوقف أنشطة توزيع المساعدات الغذائية، ووفق مصادر ميدانية، فإن بعض الخيام فُقدت بالكامل بعد أن جرفتها المياه، فيما انهارت عشرات الخيام الأخرى بسبب تسرّب المطر عبر سقوف بلاستيكية رقيقة.

البنية التحتية المنهارة تزيد المأساة

غياب شبكات الصرف الصحي العاملة أدى إلى اختلاط مياه الأمطار بالمياه العادمة؛ ما رفع مخاوف انتشار الأمراض بين السكان، خصوصًا الأطفال وكبار السن، ومع كل ساعة مطر، ترتفع مستويات المستنقعات حول الخيام؛ ما يجعل الحركة شبه مستحيلة ويحول مناطق واسعة إلى بيئة خصبة للبعوض والتلوث، كما تضاعفت المشكلة بسبب محدودية إمكانات البلديات المحلية التي تعمل بموارد ضئيلة، فيما تُركت العديد من الأسر دون أي وسيلة لتسريب المياه بعيدًا عن أماكن سكنهم المؤقتة، ما جعلهم عرضة للغرق وللبرد الشديد في آن واحد.

عجز حقيقي في المستلزمات الشتوية

خلال الأيام الماضية، ظهرت بوضوح الفجوة الكبيرة في المساعدات الشتوية داخل القطاع، وغابت الخيام المقاومة للمطر، وقلّت البطانيات الدافئة، ولم تكن مواد التدفئة متوفرة سوى بشكل محدود للغاية، هذا الواقع جعل آلاف النازحين يواجهون البرد القارس بلا حماية، فيما تسجل العيادات الميدانية زيادة في حالات الالتهابات الصدرية وأمراض الجهاز التنفسي.

تحديات أمام فرق الإغاثة

فرق العمل الميداني التي حاولت تقديم المساعدة واجهت تحديات كبيرة بسبب الطرق الموحلة وصعوبة الوصول إلى المناطق الغارقة، حيث إن بعض الفرق تطلبت ساعات طويلة للوصول إلى خيمة واحدة، وأحيانًا اضطرت لإلغاء التوزيعات بسبب السيول التي قطعت الطرق المؤدية للمخيمات.

أصوات النازحين.. الشتاء أصبح عدواً آخر

من داخل المخيمات، روى النازحون قصصًا مروعة عن الليالي التي أمضوها في مواجهة المطر والبرد، إحدى الأمهات تحدثت عن اضطرارها لحمل طفل رضيع طوال الليل لتفادي ملامسته للمياه التي غمرت أرض الخيمة، بينما قال أحد كبار السن: إن الشتاء هذا العام يبدو أقسى من السنوات السابقة، لأننا نواجهه بلا جدران، وبلا سقوف، وبلا دفء.

منظمات محلية ودولية تحذر من تفاقم الأزمة

وخلال الأيام الماضية، صدرت عدة تحذيرات من منظمات أممية ومحلية بشأن موجة الأمراض المتوقعة نتيجة تكدّس السكان داخل خيام غارقة بالمياه واختلاط الأمطار بالصرف الصحي، ودعت تلك الجهات إلى ضرورة توفير خيام مقاومة للمطر، ومواد تدفئة، وبطانيات، إضافة إلى مصارف مياه مؤقتة تمنع السيول من الوصول إلى أماكن التجمعات السكنية.

خطر متواصل وانتظار للتدخل العاجل

مع استمرار تقلبات الطقس، يخشى سكان المخيمات من تعرضهم لموجات جديدة من الأمطار والسيول خلال الأيام القادمة، وفي ظل غياب حلول هندسية عاجلة وتراجع المساعدات، تبقى آلاف العائلات في مواجهة مباشرة مع فصل الشتاء القاسي الذي يهدد حياتهم كل يوم.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة