طفل هندي يخطّ المصحف كاملاً بيده.. إنجاز فريد من ولاية كيرالا

 

في إنجاز غير مسبوق أعاد تسليط الضوء على مكانة الخط العربي وقيمة العمل اليدوي، استطاع طفل هندي في التاسعة من عمره من ولاية كيرالا، أن يُنجز بخط يده نسخة كاملة من المصحف الشريف، مستغرقاً في ذلك قرابة عامين ونصف عام من العمل المتواصل والدؤوب.

الطفل محمد مدلاج، المولود في 11 مايو 2016م، أتمّ هذا المشروع الجليل في 26 مايو 2025م، بعد أن خصّص ساعة يومية من وقته لكتابة صفحات من المصحف، باستخدام أقلام الرصاص على أوراق من حجم «A4»، ملتزماً بجماليات الخط ودقة التشكيل.


الطفل محمد مدلاج

وقد أبدى الطفل خلال هذه التجربة عزيمة لافتة، ووعياً ناضجاً يفوق عمره، وحرصاً شديداً على إنجاز عمل متقن يليق بجلال كتاب الله تعالى.

وينتمي مدلاج إلى أسرة مهتمة بالعلم والدين، حيث تعمل والدته فاطمة الوفية مدربة في «اتحاد المحل السنية»، ووالده جابر الهدوي يعمل عميداً في أكاديمية دار الإرشاد، كما يشغل منصب منسق لمدارس «البر» الموجهة للأطفال.


وقد وفّرت الأسرة بيئة حاضنة ومشجعة ساعدت الطفل على المضي قدماً في مشروعه، حيث تابعت الأم مراحل الكتابة بدقة، وساعدت في تصويب الأخطاء ومواصلة التحفيز.

وبدأت رحلة محمد في كتابة المصحف يوم 16 ديسمبر 2022م، وهو في السادسة من عمره، بعد أن أبدى رغبته في تطوير خطه العربي إثر مشاركته في إحدى المسابقات المحلية للأطفال دون سن السابعة، وشارك محمد في 4 مسابقات ضمن هذا المهرجان: الخط الإنجليزي، والقراءة باللغة المليالمية، وتلاوة سورة «الفاتحة»، والخط العربي، وحصل على المركز الأول في المسابقات الثلاث الأولى، بينما نال المركز الثاني في مسابقة الخط العربي؛ ما أثار في نفسه حافزاً فريداً لتطوير قدراته في هذا المجال.

وبعد انتهاء الكتابة، خضع المصحف لمراجعة دقيقة من قِبل عشرات الحفّاظ والحافظات الذين وزّعت عليهم أجزاء المصحف لمراجعته وتصويبه، لضمان خلوّه من الأخطاء، والحفاظ على دقة النصوص، بما يتناسب مع قدسية المصحف الشريف، واستغرقت هذه المرحلة قرابة شهرين، وتمت خلالها مراجعة كل صفحة أكثر من مرة، قبل اعتماد النسخة النهائية.


ويتابع محمد دراسته النظامية في مدرسة محلية، إلى جانب تعلم القرآن بأكاديمية لتحفيظ القرآن الكريم عبر الإنترنت، حيث أتمّ حتى الآن حفظ جزأين من كتاب الله تعالى عن ظهر قلب، ويتمتع بمهارات واضحة في التجويد والتلاوة، حيث ظهرت في مقطع مصوّر له نُشر مؤخراً ولاقى تفاعلاً واسعاً عبر وسائل التواصل.

ولاقت تجربة الطفل محمد مدلاج صدى واسعاً داخل كيرالا وخارجها، إذ توافد عليه الزوّار من مختلف أنحاء الهند، من أفراد وممثلين عن مؤسسات تعليمية وثقافية، للاطلاع على النسخة المكتوبة بخط يده من المصحف الشريف، التي أبهرت كل من شاهدها، كما تلقى دعوات رسمية من جهات تعليمية ومجتمعية لتكريمه والاحتفاء بجهده العظيم.

وتُعدّ ولاية كيرالا من أبرز المناطق ذات الحضور الإسلامي العريق في الهند، وتزخر بمعاهد ومراكز تعليم القرآن الكريم، وتُولي اهتماماً خاصاً بفن الخط العربي؛ ما يجعل من قصة مدلاج امتداداً طبيعياً لهذا الإرث، ونموذجاً تربوياً يُحتذى في زمن تراجع فيه الانشغال بالقيم التربوية العميقة.

وتجدر الإشارة إلى أن محمد مدلاج لم يُقدّم فقط عملاً فنياً، بل ترك أثراً روحياً وتربوياً واسعاً، وأثبت أن حب القرآن الكريم إذا سكن في القلب، يمكن أن يتجلّى في أبهى صوره، حتى على يد طفل صغير، في بلدة بعيدة من جنوب الهند، بخطٍ يفيض نوراً ويصل مداه إلى السماء.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة