اعترافات صهيونية بالإبادة الجماعية

الاحتلال الصهيوني لفلسطين هو الجريمة
الكبرى، فليس السابع من أكتوبر سبب هذه الجرائم؛ حيث كان مقاومة مشروعة لجريمة الاحتلال،
فالمقاومة حق مشروع بموجب القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة في حق الدفاع عن
الأرض والنفس، وهذه المقاومة مشروعة بجميع أشكالها؛ المسلحة، والناعمة، ولهذا لا
يحق لمحتل أن يخرج على الناس ليتكلم عن القانون أو العدالة أو الفضيلة.
جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان
ما يحدث في غزة منذ السابع من
أكتوبر2023م، وحتى اليوم، ليس جريمة حرب، ولا جريمة ضد الإنسانية، بل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، من حيث الركن الشرعي، والركن المادي، والركن الأدبي أو المعنوي.
فالركن الشرعي هو نص القانون الذي يجرّم
الفعل، فلا جريمة إلا بنص، ولا عقوبة إلا بقانون، والركن المادي هو جسد الجريمة،
أو الفعل المادي للجريمة من الفعل، والأثر المترتب عليه، وعلاقة السببية بينهما
على النحو المبين لدى فقهاء القانون، والركن المعنوي هو نية الجاني، أو قصد الفعل،
وتعمد الجرم.
وقد اجتمعت الأركان الثلاثة في جريمة
الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة.
أولاً: الركن الشرعي: لدينا ترسانة من
القوانين تنص على تجريم هذه الأفعال، بداية من اتفاقيات جنيف الأربع، إلى اتفاقية
منع الإبادة الجماعية، ومبادئ سان ريمو، إلى نظام روما للمحكمة الجنائية.. وغيرها
الكثير.
ثانياً: الركن المادي: وهو الأفعال
الإجرامية التي يرتكبها الاحتلال من قتل وقصف وتدمير، وحصار وتجويع، ومنع الدواء
والماء والكهرباء حتى مات الناس جوعاً وعطشاً؛ فنتج عن هذا جريمة إبادة جماعية.
ثالثاً: الركن المعنوي: وهو نية القتل،
وتعمد الجرم، فلا يشك عاقل أن ما يقوم به الاحتلال من جرائم متعمد الفعل، مقصود
النتيجة المترتبة على هذا الفعل، والاحتلال نفسه يصرح أنه يقصد هذا القتل
والتدمير، بل يفخر به، ويهدد الكثير من دول المنطقة أن يفعل بها ما فعل بغزة!
وسائل الإثبات
ورغم فداحة الجريمة، فإن نتنياهو يزعم أن
الحصار والقتل والتدمير مسؤولية «حماس»، لا مسؤولية المحتل، ويشاركه في هذا الكذب
الولايات المتحدة الأمريكية، وظهر هذا جلياً في «الفيتو» الذي اتخذته أمريكا ضد
مشروع قرار بوقف الحرب في غزة، وهو يعد «الفيتو» السادس لأمريكا في مجلس الأمن بهذا
الشأن، وظهر أيضاً في خطاب نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر
2024م، وفي سبتمبر 2025م حيث قاطعت كلمته الغالبية الساحقة من أعضاء الجمعية
العامة وانسحبوا من القاعة وتركوها شبه خاوية في بداية كلمته.
لكن ما الذي يثبت على وجه الجزم واليقين
أن المحتل الصهيوني هو من ارتكب جريمة الإبادة الجماعية في غزة؟
لقد توافرت كل وسائل الإثبات، ومنها:
ما نشرته صفحة المفوض السامي للأمم
المتحدة لحقوق الإنسان، على الموقع الرسمي للأمم المتحدة، في 16/ 9/ 2025م، وجاء
فيه: لقد انتهت لجنة تحقيق مستقلة دولية تابعة للأمم المتحدة إلى أن «إسرائيل»
ارتكبت جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7/ 10/ 2023م بهدف القضاء على
الفلسطينيين، وكان ذلك بتحريض واضح من كبار المسؤولين «الإسرائيليين»، ومنهم
الرئيس إسحاق هيرتسوج، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف جالانت.
وساقت اللجنة أدلة كثيرة على الإبادة
الجماعية، ومنها: رسالة لنتنياهو كتبها إلى جنود «إسرائيليين»، في نوفمبر 2023م،
وصف فيها الحرب على غزة، بأنها «حرب مقدسة للإبادة الشاملة».
وقالت نافي بيلان، رئيسة لجنة التحقيق
الدولية المستقلة، والقاضية السابقة في المحكمة الجنائية الدولية: خلصنا إلى أن
إبادة جماعية تحدث في غزة، ولا تزال جارية، وأن المسؤولية تتحملها دولة «إسرائيل».
وأضافت بيلان أن الإبادة الجماعية التي
ترتكبها «إسرائيل» في غزة تشبه الإبادة الجماعية في رواندا، التي راح ضحيتها أكثر
من مليون إنسان في عام 1994م.
اعترافات للصهاينة بارتكاب إبادة جماعية
وقد صدرت العشرات من التقارير التي تثبت
جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال في غزة من منظمات حقوقية عالمية، ومنها:
1- نشر كثير من جنود الاحتلال مقاطع
فيديو على الإنترنت، يفتخرون فيها بجرائمهم التي ارتكبوها في غزة من قتل للأطفال
والنساء وحرق للبيوت والممتلكات، وتدمير البنيان، وهدم العمران، وفاتهم أنهم بذلك
يوثقون بأنفسهم جريمتهم، وهذا اعتراف واضح بالجريمة.
2- قال البروفيسور «الإسرائيلي» أومير
بارتوف، أحد أبرز المتخصصين في دراسات «الهولوكوست»، والإبادة الجماعية في العالم،
أستاذ التاريخ في جامعة براون الأمريكية، وقد كتب في صحيفة «نيويورك تايمز»
الأمريكية تحت عنوان «أنا خبير في الإبادة الجماعية وأعرفها حين أراها»، أنه نشأ
في بيت صهيوني، وخدم كضابط في الجيش «الإسرائيلي»، ثم خصص حياته الأكاديمية لدراسة
جرائم الحرب، وذكر في مقاله أن ما يحدث في غزة لا يمكن وصفه إلا بـ«الإبادة
الجماعية».
واعترفت منظمات صهيونية كثيرة بارتكاب
الاحتلال جرائم إبادة جماعية في غزة، ومن هذه المنظمات: منظمة «بتسليم» وتعرف
نفسها بأنها «المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة»، تأسست
في عام 1989م، ومنظمة «يكسرون الصمت»، تأسست في عام 2004م على يد مجموعة من الجنود
«الإسرائيليين»، ومنظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل» تأسست في العام
1988م.
وقد أصدرت كل واحدة منها تقريراً مستقلاً
عن العشرات من الخبراء المعنيين بحقوق الإنسان، وجرائم الحرب، وقد وثقت جرائم
الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال في غزة بالأدلة، وأن الاحتلال قد ارتكب
أفعالاً لا يمكن وصفها إلا بأنها جرائم إبادة جماعية، ومن ذلك:
1- قتل المدنيين الأبرياء بالآلاف دون أن
يمثلوا أدنى تهديد مباشر أو غير مباشر.
2- تدمير البنية التحتية في غزة، وتدمير
الممتلكات العامة والخاصة، وتدمير كل مقومات الحياة.
3- إجبار السكان على التهجير القسري
والنزوح من أماكنهم عشرات المرات.
4- نهب وسرقة وتخريب ممتلكات الفلسطينيين.
5- حصار محكم على قطاع غزة ومنع الغذاء
والماء والدواء، وقصف آبار المياه، فنتج عن ذلك مجاعة رهيبة حصدت أكثر من ألف نفس
من الفلسطينيين جوعاً وعطشاً.