أبعاد المواجهة القانونية للصهاينة بعد محرقة غزة (2 - 2)

التكييف الجنائي.. وخيارات الملاحقة القضائية

- تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة ومساعده للشؤون الإنسانية ومدير عام وكالة الأونروا.. وغيرهم تدخل ضمن أدلة الإدانة

- العالم وجد نفسه أمام نموذج إجرامي تتضاءل أمامه المحرقة النازية المزعومة.. حتى بكل المبالغات التي أوردتها الروايات اليهودية

- جرائم النظام العام الدولي لا تسقط بالتقادم.. كما أنها جرائم شخصية لا يصلح معها أي تبرير أو تذرع للإفلات من العقاب

- جرائم الحرب التي عالجتها المادة الثامنة من نظام روما ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيونية جمعاء بطريقة منهجية شاملة

- السلطة الفلسطينية لا تتمتع بأي شخصية قانونية دولية.. لأنها ليست حكومة دولة قائمة بل إدارة فلسطينية للأراضي المحتلة!

- اتفاقية الأمم المتحدة لمنع إبادة الجنس البشري تنزع الصفة السياسية عن جرائم الإبادة.. وتلزم الدول الأطراف بتسليم المتهمين في هذه الجرائم

- شيمون بيريز أشاد بشجاعة الجنود وتفانيهم في القتل.. كما أشاد إيهود باراك بالأخلاق القوية للجيش الصهيوني!

 


من أهم دوافع السلوك الإجرامي الصهيوني في فلسطين، الحماية والضمان اللذان تقدمهما الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني، فضلا عن اطمئنان سلطات الاحتلال بالعمل في بيئة إقليمية مريحة لا يتصدى أحد لوقفها، فضمنت الحال والمآل!، ولكن الجرائم البشعة التي ارتكبتها مؤخرا في غزة، وتهافت التفسيرات والذرائع الصهيونية، دفعت منظمات دولية متعددة إلى التحرك لملاحقة المجرمين الصهاينة، وأصبح لزامًا على الدول التي تنوي الانضمام إلى هذه الملاحقة أن تطلب من الحكومة الصهيونية أسماء القادة والجنود في الميدان.

هذا التحرك دفع جيش الاحتلال إلى التكتم على كل الأسماء، كما دفع رئيس الوزراء الصهيوني «إيهود أولمرت» إلى أن يعلن في الحملة الانتخابية لحزب «كاديما» (25/ 1/ 2009م) أن حكومته ستحمي كل من يتعرض للملاحقة الجنائية بشأن أحداث غزة، وهذا الموقف يجب أن يضاف إلى أسباب فقدان «إسرائيل» لصفة الدولة وتحولها إلى عصابة لا يجوز أن تبقى عضوًا في أسرة الأمم المتحضرة!

وسوف نقدم -بشيء من التفصيل- التكييف القانوني للجرائم الصهيونية والبدائل القضائية للملاحقة.. غير أننا يجب أن نلاحظ أنه لا بد من وقفة حاسمة لتحديد موقف الكيان الصهيوني بعد سجله الإجرامي لستة عقود.. فمن غير المعقول أو المقبول أن يستمر الإجرام على هذا النحو في ظل الدعم والمساندة والتشجيع من الولايات المتحدة وبعض الدول العربية، وهو ما يحتاج أيضاً إلى معالجة!

إن جميع محاكمات الحرب العالمية الثانية التي أرست مبادئ القانون الجنائي الدولي الحديث كانت ترتكز في معظمها على مأساة اليهود و«الهولوكوست» في ألمانيا، وقد دار الزمن دورته الكاملة حتى يُعاقب اليهود بالطريقة نفسها التي عوقب بها جلادوهم، وتم العقاب بطرق عدة:

أولاها: معاقبة ميدانية للمتورطين من كبار القادة السياسيين والعسكريين.

وثانيتها: تعقب الأسماء التي تورطت كثيراً أو قليلاً في إراقة دم اليهود.

وثالثتها: توظيف هذه الجرائم للسيطرة السياسية على قرار ألمانيا والحصول على تعويضات مستمرة، فضلًا عن زرع عقدة الشعور بالذنب لدى الشعب الألماني... فهل يفلح العالم العربي في ممارسة الطرق الثلاث نفسها؟ وهل يأتي يوم يشعر فيه اليهود بعقدة الذنب بسبب إحراق غزه؟!

جرائم غير مألوفة!

المعلوم أن القيادة السياسية والعسكرية في الكيان الصهيوني هي التي اتخذت قرار الهجوم على غزة وأعلنته ونفذته، وحاولت تحديد أهداف الهجوم بتطوير واستمرار هذا الهجوم، حتى إذا ما أوقفت القتل بعد 22 يومًا من الهجوم الضاري احتفل رئيس الحكومة «إيهود أولمرت»، ووزيرة الخارجية «تسيبي ليفني»، ووزير الحرب «إيهود باراك» بهذا «النصر المبين» (حسب زعمهم) على المدنيين الفلسطينيين، وبدمار غزة التي تمني الرئيس الصهيوني «شيمون بيريز» أن يصحو ذات يوم وقد ابتلعها البحر! وأشاد «بيريز» بشجاعة الجنود وتفانيهم في القتل كما أشاد «باراك» بالأخلاق القوية للجيش الصهيوني!

وبغض النظر عن سرور السلطات الصهيونية بأنها سددت ضربة قاصمة لحركة «حماس» (حسب ادعائها)، وأن العملية قد حققت؛ بل تجاوزت أهدافها! فإن الثابت أن الكيان الصهيوني قد تلقى مساندة رسمية من واشنطن وبعض الدول الأوروبية الكبرى، بل ووصل زعماء هذه الدول إلى «تل أبيب»؛ مرورًا بـ«شرم الشيخ» وذكرت الصحف الحكومية المصرية أنه مؤتمر للبحث في تثبيت وقف إطلاق النار! كان واضحًا أيضًا أن السلطات الصهيونية تورطت بشكل لا رجعة فيه في أعمال لا جدال في أنها من جرائم النظام العام الدولي، وابتدعت طوائف أخرى من الجرائم ليست مألوفة في سجل هذا النوع من الجرائم.

لقد تعمد الجيش الصهيوني قصف المنازل وتسويتها بالأرض بمن فيها من الأحياء؛ بحجة أن بها مقاتلين، أو بعبارة أدق أعضاء من حركة حماس، وأنها بذلك تساهم في القضاء على الإرهاب!

وتذرعت السلطات الصهيونية بأنها تمارس حقها في «الدفاع عن النفس»! ولكن حجم الدمار والإبادة في غزة لا يترك لهذا الدفاع مكاناً.. كما تذرعت برغبتها في تحقيق أهداف سياسية مثل القضاء على «حماس» أو تأديبها، بل إن المحللين فسروا هذا الهجوم في إطار الانتخابات «الإسرائيلية»؛ حيث اعتاد المجتمع الصهيوني على التصويت للأكثر قسوة في التعامل مع الفلسطينيين، وقد تساوي كل من «باراك»، و«ليفني» في هذا المضمار.

المحكمة الجنائية الدولية

غير أن فداحة ما حدث دفع المجتمع الدولي بجميع شرائحه إلى الذهول ومحاولة معرفة أبعاد الكارثة خاصة بعد أن تكشفت أبعاد المأساة من خلال شهادات وروايات الضحايا وممثلي المنظمات الإنسانية ومراسلي الإعلام الدولي والأطباء من مختلف الجنسيات، وأنواع الجروح والأسلحة التي استخدمت في هذا الهجوم مما جعل المجتمع الدولي أسرع من المجتمع العربي للدفاع عن الشعب الفلسطيني، بعد أن انكشف وجه الكيان الصهيوني الحقيقي، الذي كان يقدم نفسه دائمًا على أنه ضحية الإرهاب الفلسطيني.. ووجد العالم نفسه أمام نموذج لإجرام تتضاءل أمامه مأساة «الهولوكوست»، حتى بكل المبالغات التي قدمت بها في الروايات اليهودية.

هذا القلق العالمي الذي دفع منظماته إلى ملاحقة المجرمين الصهاينة قابله حركة حكومية عربية ودولية لاحتواء الموقف وتجاهله تمامًا وهو ما بدا في أول تصريحات للرئيس الأمريكي الجديد «باراك أوباما» التي ركز فيها على أمن «إسرائيل»، وإرهاب «حماس»، ومعاناة الأبرياء الفلسطينيين، دون أن يشير بكلمة واحدة إلى الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في حق هؤلاء الأبرياء!

وفي هذا المناخ المتحفز ضد الصهاينة، سارعت جمعيات وأفراد إلى رفع دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولكن المدعي العام للمحكمة «لويس مورينو أوكامبو»، الذي كرس نفسه لملاحقة الرئيس السوداني عمر البشير، قال: «إن المحكمة لا تختص بملاحقة «إسرائيل» لأنها ليست طرفاً في نظام المحكمة، وإنه لكي يتم تحريك الدعوى ضدها يتعين أن يتم ذلك بمعرفة مجلس الأمن»، وهو أمر مستحيل.. فما مدى دقة هذا الموقف؟ وهل أوصدت أبواب المحكمة تماماً أمام الكيان الصهيوني؟

أدلة إدانة

في هذا الصدد، يجب أن نوضح عددًا من القضايا:

وفي مقدمتها مدى اختصاص المحكمة من حيث نوع الجرائم، فلا شك أن الأفعال الصهيونية تتوزع بين الجرائم الأربع الكبرى الواردة في نظام روما، وكلها ثابتة ومنسوبة للقيادة وجنود الجيش الصهيوني الرسمي كما أنها موثقة، وكذلك تفاصيل العمليات الجوية والبحرية والبرية ونوعيات الأسلحة وهي أمور تلتزم السلطات الصهيونية بتقديم تفاصيل عنها، بصرف النظر عن عجز مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن إدانة الهجوم الصهيوني بشكل محدد يصلح كأداة للإثبات في المحاكمة عن هذه الجرائم... ولكن تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» ومساعده للشؤون الإنسانية ومدير عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وغيرهم ممن أدلوا بتصريحات في هذه الكارثة تصلح ضمن أدلة الإدانة.

الاختصاص الموضوعي

من ناحية الاختصاص الموضوعي، لا شك أن الأفعال الصهيونية في غزة تقع في عداد الجرائم التي تختص المحكمة بنظرها، وقد عددت المادة السادسة من نظام روما نماذج للأفعال التي تشكل جرائم إبادة جماعية مثل قتل أعضاء الجماعة (أي الفلسطينيين) والتسبب في أضرار بدنية وعقلية جسيمة لأعضاء هذه الجماعة، وتعمد فرض شروط على الجماعة من شأنها أن تؤدي إلى الفناء المادي كلياً أو جزئياً وهو ما يتحقق في الحصار والإغلاق والقضاء على مخازن الغذاء والدواء والأراضي الزراعية وتحويل الحياة بالعدوان إلى جحيم دائم.

من أعمال الإبادة أيضاً فرض إجراءات تهدف إلى وقف توالد هذه الجماعة، وهو ما يتحقق باستخدام أنواع الأسلحة التي تدمر البيئة وتلحق الأضرار الوراثية بالأجيال القادمة، وقتل الأطفال أمام ذويهم، وكذلك حرمان الأطفال من أسرهم.

وتورد المادة السابعة نماذج الجرائم ضد الإنسانية، وهي: القتل المتعمد العشوائي الهادف إلى الإزالة، وجريمة اقتلاع النوع الفلسطيني من الحياة، واسترقاق الفلسطينيين وذلك بإذلالهم وخطفهم، وقتلهم بعد تعذيبهم، وحرمان السكان من منازلهم، ولجوئهم خلال الشتاء القارس إلى الشارع الذي تهاجمه القوات الصهيونية بقصد القتل.

أما جرائم الحرب التي عالجتها المادة الثامنة من نظام روما فقد ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيونية جميعاً وبطريقة منهجية شاملة، وهي القتل العمد، والتعذيب والمعاملة غير الإنسانية بما في ذلك الاختبارات البشرية البيولوجية التي مارسها الصهاينة في غزة، وتعمد إحداث أكبر قدر من المعاناة، أو الأضرار الفادحة أو الصحية والتدمير المكثف وسلب الممتلكات بشكل عشوائي، وأخذ الرهائن، والهجمات العمدية الموجهة ضد السكان المدنيين ممن لا علاقة لهم بأية أعمال قتالية، والهجوم المتعمد على الأهداف المدنية وضد الأشخاص والمنشآت والسيارات الطبية والعاملة في مجال الخدمات الإنسانية، كذلك الهجوم الهادف إلى إزهاق الأرواح وإحداث الجروح والقصف الجوي للمدن والقرى والتجمعات السكنية المكشوفة، وقتل المحاربين والمدنيين الذين استهدفهم العدوان، وغيرها مما نصت عليه المادة الثامنة بالتفصيل.

الاختصاص المكاني

أما الاختصاص المكاني فهو إقليم دولة طرف، أو دولة غير طرف تتفق مع المحكمة، ولكن «غزة» ليست دولة طرف في نظام روما؛ بل هي إقليم محتل.. فهل تتبع الكيان الصهيوني، وتخرج بالتالي من اختصاص المحكمة المكاني مادام الكيان الصهيوني ليس طرفًا؟

الواقع أن فلسطين تحت الاحتلال الصهيوني تختلف عن أحكام الاحتلال في أي مكان آخر، ذلك أن «إسرائيل» لم تحتل الأراضي الفلسطينية احتلالًا مؤقتًا كما يفترض في أي احتلال، ولكن الاحتلال الصهيوني احتلال إحلالي يهدف إلى الاستحواذ على الأرض وطرد السكان وهذا ما يفسر كل هذا العنف ضد السكان لإجبارهم على الرحيل في الأرض أو منها.

وترتب على هذا الطابع الاستيطاني للاحتلال أن طال أمده بشكل ظاهر، ولا أمل في إنهائه بالطبع، ولذلك فإن كل ما يتعلق بحقوق المحتل والضرورات العسكرية لا ترد في شأن هذا الاحتلال؛ بل يعطي ذلك الوضع للسكان الحق في مقاومة هذا الاحتلال المستديم أو الطويل.

ويترتب على ما تقدم أنه وإن لم تملك فلسطين صفة الدولة في المجال الدولي، إلا أنه يمكن أن يكون للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص على ما يقع من جانب السلطات الصهيونية من جرائم ضد سكانها، والقول بغير ذلك سيكون إغفالًا لحالة فلسطين الخاصة، وتخليًا عن مسؤولية المجتمع الدولي عن ملاحقة المجرمين الصهاينة الذين كان يتعين عليهم كمحتلين دائمين مراعاة الأحوال المعيشية والإنسانية للسكان بدلًا من الانقضاض عليهم وتعريضهم لكل أنواع الأخطار.

ملاحظتان مهمتان

وقد بادرت السلطة الوطنية الفلسطينية يوم 27/ 1/ 2009م إلى التصديق على اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية ضمن محاولات توفير الشروط القانونية اللازمة لاختصاص المحكمة على الجرائم الصهيونية في غزة، ولكن هذه الخطوة عليها ملاحظتان:

الأولى: أن السلطة ليست حكومة دولة قائمة، وإنما هي إدارة فلسطينية للأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان يفترض وفق اتفاق أوسلو أن تنتهي بقيام الدولة الفلسطينية في مايو ۱۹۹۹م، ولذلك لا تتمتع السلطة بأي شخصية قانونية دولية كما رفض القضاء الأمريكي الاعتراف لها بهذه الصفة!

أما الملاحظة الثانية: فهي أنه إذا افترضنا جدلًا أن السلطة لها الحق في الانضمام إلى المحكمة، فإن ذلك يعني إفلات الكيان الصهيوني من جرائم غزة، لأن اختصاص المحكمة لا يبدأ إلا بعد مضي شهرين على الانضمام بالنسبة للطرف المنضم، كما لا تختص المحكمة بالنظر في الجرائم التي وقعت قبل تاريخ الانضمام!

محاكمة كيان أم أفراد؟

نظرًا لخطورة الجرائم، والطابع الشخصي لهذه الجرائم، فإن الكيان الصهيوني ليس مطلوبًا جلبه إلى المحاكم، وإنما المطلوب أن يحاكم المسؤولون عن الجرائم كأفراد.. وما دامت الجرائم قد ارتكبت ضد شعب غزة على إقليم محتل، فإن العدل يقتضي إخضاع الإقليم لحماية دولية وتكون الجرائم قد ارتكبت ضد إقليم يتمتع بهذه الحماية، وهذا مؤكد بموجب اتفاقية جنيف الرابعة التي انتهكتها السلطات الصهيونية.

المنابر القضائية المختصة

المعلوم أن جرائم النظام العام الدولي لا تسقط بالتقادم، كما أنها جرائم شخصية لا يصلح معها أي تبرير أو تذرع للإفلات من العقاب.. فإذا انتهينا إلى أن المحكمة الجنائية مختصة بالنظر في هذه الجرائم بحكم الاختصاص الموضوعي والشخصي والمكاني، فإن تحريك الدعوى ممكن من جانب المدعي العام الذي حاول التملص من القيام بدوره؛ لأنه يعمل على أسس سياسية، ولا يجرؤ على التصدي للكيان الصهيوني بالطبع.

كما أن تحريك الدعوى ممكن من جانب إحدى الدول العربية الأطراف، وهي الأردن وجيبوتي وجزر القمر، أما تحريك الدعوى من خلال مجلس الأمن فهو مستحيل بسبب «الفيتو» (حق النقض) الأمريكي والقول بغير ذلك يؤدي إلى إفلات المجرمين الصهاينة من العقاب.

أما المنابر القضائية الأخرى المختصة فهي القضاء الوطني في جميع الدول أطراف اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص مادتها الأولى على تضامن هذه الدول على كفالة احترام أحكام هذه الاتفاقية والتصدي للانتهاكات الجسيمة لأحكامها.

وتنص المادة (146) على أنه: «يُلزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها، وبتقديمهم إلى المحاكمة أيًا كانت جنسيتهم، ولكل طرف أيضًا وطبقًا لأحكام تشريعه أن يسلمهم إلى طرف معني آخر بمحاكمتهم، ما دامت تتوافر لدى الطرف الآخر أدلة اتهام كافية ضد هؤلاء الأشخاص».

تدابير واجبة

وتلزم المادة (149) كل الأطراف باتخاذ التدابير الواجبة لوقف جميع الأفعال التي تتعارض مع أحكام الاتفاقية، بخلاف المخالفات الجسيمة الوارد بعضها في المادة (147)، كما تُلزم المادة (148) كل طرف بألا يتحلل أو يحل طرفاً آخر من المسؤوليات التي تقع عليه بشأن هذه المخالفات.

من ناحية أخرى، تشير اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع إبادة الجنس البشري إلى أن العقاب يشمل مرتكبي إبادة الجنس البشري، والتواطؤ لارتكابه، والدعوة والتحريض المباشر والعلني على ارتكابه، وهو ما حدث في المساندة الرسمية والعلنية لما سماه بعض الزعماء الغربيين «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، كما تشمل الجريمة والمتآمر لارتكابها، ولا يجوز التستر بأي منصب أو حصانة من العقاب بموجب المادة الرابعة.

وتؤكد المادة السابعة من الاتفاقية نزع الصفة السياسية عن جرائم الإبادة، وتلزم الدول الأطراف بتسليم المتهمين في هذه الجرائم وفق القوانين والمعاهدات السارية.

كذلك فتحت هذه الاتفاقية لأي دولة طرف فيها فرصة الاستعانة بأي جهاز في الأمم المتحدة لاتخاذ الإجراء المناسب لقمع أعمال الإبادة، أي أنها تعطي الاختصاص المحكمة العدل الدولية للتصدي لهذه الجرائم(1).

 




__________________

(1) نشر بالعدد (1840)، 2 ربيع الأول 1430هـ/ 21 فبراير 2009م، ص32. 


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة