8 ثمرات لذكر الله تعالى

تقترب منا أفضل أيام العام على الإطلاق، وأصبحنا على بُعد أيام قليلة من قدومها، وهي الأيام التي تختص عن غيرها من أيام السنة بالذكر المقيد والمطلق، فتجد شوارع المسلمين تعلوها أصوات الذكر في الأسواق والطرقات وفي الأماكن العامة كما أوصتنا الشريعة الإسلامية الغراء، لتكون أصوات الذكر هذه بمثابة علامة فريدة لحلول عشر ذي الحجة، إيذانًا بقدوم الفريضة الكبرى الحج التي تتميز هي الأخرى بأنها فريضة الذكر لله أثناء أداء المناسك.

فالذكر هنا حالة عامة للكون كله تجاه ربه في خير أيامه، ولذلك فما أفضل أن تلهج ألستنا بالذكر لنصبح في زمام الذاكرين لله في خير الأيام على الإطلاق.

وإذا أردنا أن نوضح أهمية الذكر في حياتنا فربما يكون ضربنا للمثال خير معين في هذا الباب، فكما أن للأرض ربيعاً يطل عليها كل عام، فكذلك للقلوب ربيع له أيام ومواسم خاصة أيضًا، لكن ربيع القلوب يختلف بحسب عناية كل شخص ومدى قدرته على استنزال الغيث الذي يصنع لقلبه بهجة وحيوية ونشاطًا.

وغيث القلوب هو ذكر الله عز وجل، وهو الذي به تهتز القلوب وتخضر وتزهر، وقد أمر الله عز وجل عباده المؤمنين بالاستكثار من هذا الغيث، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) (الأحزاب: 41)، وهذا مما يؤكد أهمية الذكر لقلب المؤمن في هذه الحياة الدنيا، ولو أردنا أن نذكر شيئًا من فوائد الذكر سنجد أنها تتمثل في الآتي:

1- ذكر الله للعبد وثناؤه عليه ومعيته له:

قال الله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) (البقرة: 152)، وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ‌ذَكَرْتُهُ ‌فِي ‌نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأ خَيْرٍ مِنْهُمْ» (رواه البخاري).

2- طمأنينة النفس وانشراحها:

قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد: 28)؛ قال السعدي: أي يزول قلقها واضطرابها وتحضرها أفراحها ولذاتها.

وقال في تفسير قوله تعالى: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)؛  حقيق بها وحريٌّ ألا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له.

3- حصن من الشيطان:

عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أَثَرِه سِراعًا، حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يُحرِز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله» (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

4- غراس الجنة:

عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ، ‌وَأَنَّهَا ‌قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ» (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

5- وقاية للعبد من النار:

عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خُذوا جُنَّتكم (وقايتكم) من النار، قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهنَّ يأتينَ يوم القيامة مقدِّمات، ومُعقِّبات ومُجنِّبات، وهنَّ الباقيات الصالحات» (رواه النسائي، وصححه الألباني).

6- حياة لقلب العبد:

عن أبي موسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الَّذِي يَذكرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذكرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّت» (متفق عليه)؛ يقول ابن تيمية تعليقًا على هذا الحديث النبوي: الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟!

ويقول ابن القيم: وحضَرتُ شيخ الإسلام ابن تيميَّة مرة صلَّى الفجر، ثم جلَس يذكر الله تعالى إلى قُرب من انتصاف النهار، ثم الْتفتَ إليَّ وقال: هذه غدوتي، ولو لَم أتغدَّ هذا الغداء لسَقَطت قوَّتي.

7- سبب للسلامة من الضنك والهموم:

قال الله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه: 124).

8- شهادة للعبد بين يدي الله يوم القيامة:

قال ابن القيم: إن في دوام الذكر في الطريق والبيت والحضر والسفر والبقاع تكثيرًا لشهود العبد يوم القيامة، فإن البقعة والدار والجبل والأرض تشهد للذاكر يوم القيامة، قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا {4} بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) (الزلزلة).


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة