الحركات الصهيونية الجديدة (1)

العنصرية الصهيونية ضد الفلسطينيين.. «لهافا» نموذجاً

د. خالد سعيد

22 أبريل 2025

152

رغم حداثة عهدها وعدم اطلاع الكثيرين على أهدافها الصهيونية المعلنة والصريحة، وتبني العديد من المسؤولين «الإسرائيليين» الحاليين لأفكارها المتطرفة، فإن حركة «لهافا» تعد إحدى أخطر الحركات الصهيونية التي ظهرت خلال العقود الماضية.

عند البحث عن كلمة «لهافا» باللغة العبرية، فإننا سنجد، مباشرة، ارتباط اسم الحركة بشخص ما، وهو رئيسها بن تسيون غوبشتاين، أحد مستشاري وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير، وصديقه المقرب؛ فقد أوضحت صحيفة «هاآرتس» العبرية، في 8 نوفمبر 2024م، أن الوزير يتبنى نصائح رئيس حركة «لهافا» المتشددة، ويعتمدها في الكثير من قراراته.


أبرز المنظمات الصهيونية الداعمة لإقامة الكيان المحتل |  مجلة المجتمع الكويتية
أبرز المنظمات الصهيونية الداعمة لإقامة الكيان المحتل | مجلة المجتمع الكويتية
يشكل تاريخ التنظيمات الصهيونية السياسية والعسكرية...
mugtama.com
×


مراسلات «واتساب» غوبشتاين وبن غفير

وأظهرت الصحيفة أن هناك مراسلات متواصلة بين الجانبين، آخرها ما كشفته عن تواصل أخير بينهما كان عبر منصة «واتساب»، يقضي باعتبار بن تسيون مستشارًا مهمًا لبن غفير، وبعض أفكار رئيس الحركة الصهيونية قد تبناها وزير الأمن القومي فعليًا، على رأسها وجوب القيام بعمليات اغتيال انتقائية للفلسطينيين، وإغلاق أحياء كاملة بمدينة القدس المحتلة، فضلاً عن فكرة استمرار حملات الاعتقال الموسَّعة لجمع أسلحة الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية؛ بل والغريب إشارة الصحيفة ذاتها إلى أن «الكابينيت» المصغر قد اعتمد اقتراحًا لبن غفير قدمه له بن تسيون، رئيس حركة «لهافا»؛ وذلك للدلالة على خطورة ما تحمله الحركة الصهيونية من أفكار متطرفة.

فكرة تدشين الحركة

تعود فكرة تشكيل بن تسيون لحركة «لهافا» إلى العام 1999م، وكان يهدف، آنذاك، إلى الحيلولة دون انتشار ظاهرة «الزواج المختلط» بين اليهود والعرب ومحاربتها بكل الطرق الممكنة، وهي اختصار باللغة العبرية لمقولة تفيد بـ«منع الانصهار في الأرض المقدسة»، وكلمة تعني في اللغة العربية «اللهب» أو «الشعلة».

في 6 أكتوبر 2024م، نشر غوبشتاين مقالاً في «القناة السابعة» العبرية، كشف من خلاله نجاحه في الاحتفال بزفاف 30 فتاة يهودية خلال عام واحد -وهو عام عملية «طوفان الأقصى»-  سبق لهن إقامة علاقات مع الفلسطينيين، باعتباره الهدف من تدشينه للحركة المتطرفة «لهافا»، أو بمعنى آخر إنقاذ الفتيات اليهوديات من الاندماج في حياة العرب، سواء من خلال الزواج المختلط، وهو أمر مرفوض، تمامًا، أو عبر إقامة علاقات غرامية معهم؛ حيث ينوه الحساب الرسمي للحركة على موقعها الإلكتروني بأن المغزى من تشكيل الحركة يعود إلى العمل، بشكل قوي، على معالجة مشكلات الفتيات اليهوديات من جذورها، وعدم الاختلاط بـ«الأغيار» (غير اليهود، سواء كانوا من المسيحيين أو المسلمين)، وكذلك تعليم الأطفال وتربيتهم على أسس دينية متطرفة وتقوية ما تطلق عليه الحركة الانتماء للوطن اليهودي.

ومن بين ما تتبناه الحركة شعار «حب إسرائيل»؛ وهو مصطلح تأسست عليه الحركة الصهيونية وتعمل من أجله 24 ساعة؛ بدعوى إنقاذ أرواح اليهود من الأغيار، وهي الشعارات التي دفعت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، في 12 يوليو 2024م، إلى فرض عقوبات على الحركة ورئيسها غوبشتاين، حيث لفت الأخير، غير مرة، إلى أن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، قد فرض العقوبات على الحركة وعلى شخصه، ووضع العصا في عجلات نشاطها، على حد وصفه.


حركة «حباد» اليهودية.. النفوذ والتأثير داخل الكيان وخارجه |  مجلة المجتمع الكويتية
حركة «حباد» اليهودية.. النفوذ والتأثير داخل الكيان وخارجه | مجلة المجتمع الكويتية
رغم تأسيسها قبل 250 عاماً، فإن حركة «حباد» قد عادت...
www.mugtama.com
×


«لهافا» وترمب!

غير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد وقَّع على رفع العقوبات التي فرضها سلفه بايدن، في الساعات الأولى من وصوله إلى البيت الأبيض، وهو ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، في 21 يناير 2025م، حينما أكدت أن ترمب قد رفع العقوبات عن حركة «لهافا» ورئيسها غوبشتاين، ضمن سياق الحديث عن إلغاء الرئيس الأمريكي الجديد لعقوبات بايدن التي وقعها من قبل على مستوطنين ارتكبوا أعمال عنف ضد مواطنين فلسطينيين بالضفة الغربية، حيث سبق أن وقعهَّا الرئيس السابق، في فبراير 2024م.

على الفور، رحب صديق غوبشتاين الشخصي، بن غفير، ومعه رفيقهما في الفكر الصهيوني بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، بقرار ترمب، الذي وُصِف بالقرار العادل، بزعم أن العقوبات المفروضة كانت بمثابة عمل خطير يعني التدخل الخارجي الصارخ في الشؤون الداخلية لدولة الاحتلال، وهو ما أضر بالديمقراطية والعلاقات الثنائية بين الدولتين الصديقتين، في وقت وصف سموتريتش هذا القرار بالتاريخي.

التنسيق بين نتنياهو وغوبشتاين

الثابت أن هناك حالة من التوافق والتنسيق في الرؤى والمعتقدات الصهيونية المتشددة بين غوبشتاين، ونتنياهو، إذ أكدت صحيفة «كالكاليست» الاقتصادية العبرية، في 29 نوفمبر 2023م، أن الممول الأول والرئيس لحركة غوبشتاين هو الملياردير المعروف سيمون فاليك، أحد المقربين من رئيس الوزراء الصهيوني، ولغوبشتاين شخصيًا؛ وللدلالة على ذلك، أكثر فأكثر، هو محاولة بن غفير الالتفاف على العقوبات التي تُفرض، دومًا، على غوبشتاين، حيث أشار الموقع العبري «سيروغيم»، في 17 نوفمبر 2024م، إلى تأجيل مشروع قانون بالكنيست حاول حزب «عوتسما يهوديت/قوة يهودية» فرضه، في العام الماضي، وتم تأجيله حتى إشعار آخر، وهو القانون الذي أطلق عليه «قانون غوبشتاين».

غوبشتاين وفكرة «إسرائيل الكبرى»

تقوم الحركة على مجموعة من الأفكار المتشددة والمعتقدات الدينية المتطرفة، مثل الإيمان بفكرة دولة «إسرائيل الكبرى»، حيث تتبنى «لهافا» رؤى وأفكار الحاخام المتطرف مائير كاهانا، الذي قتل في العام 1990م، وآمن بدولة يهودية متجانسة لا وجود فيها للعرب، وتُدار بحسب شرائع التوراة، حيث ادعى كاهانا ومن خلفه غوبشتاين، وغيره من المسؤولين «الإسرائيليين» الحاليين، مثل سموتريتش، وبن غفير، أن القدس والضفة الغربية ودول الأردن ولبنان وسورية حتى نهر الفرات وشبه جزيرة سيناء المصرية حتى نهر النيل، هي جزء من مملكتي «يهودا والسامرة» (المصطلح الصهيوني للضفة الغربية)، أو أرض «إسرائيل الكبرى».

يتبنى أعضاء الحركة -ليس معروفًا عددهم الحقيقي- الفتاوى المتطرفة، ويؤمنون بالأفكار الصهيونية لزعماء وقادة التطرف الصهيونيين المعروفين، ويؤمنون بضرورة ضم الضفة الغربية لـ«إسرائيل»، حيث يتبنون شعار «الموت للعرب»، حتى إن غوبشتاين وبعض أعضاء الحركة خضعوا للاستجواب أمام الشرطة «الإسرائيلية»، عدة مرات، كانت أولها في عام 2014م، بعد إحراق أتباع الحركة لمدرسة عربية يهودية في مدينة القدس المحتلة.


المنظمة الصهيونية العالمية (1 - 2) |  مجلة المجتمع الكويتية
المنظمة الصهيونية العالمية (1 - 2) | مجلة المجتمع الكويتية
أُسِّست المنظمة الصهيونية العالمية عام 1897م في ال...
www.mugtama.com
×


حرق الكنائس وبناء «الهيكل» المزعوم

لم يكتف رئيس حركة «لهافا» بذلك، بل استدعته الشرطة في العام 2015م، على خلفية تصريحاته القاضية بحرق الكنائس، بزعم أن القانون اليهودي يوصي بتدمير الأوثان في أرض «إسرائيل»، فضلاً عن دعوة الحركة إلى البدء بتفكيك قبة الصخرة من أجل إفساح المجال لبناء «الهيكل» المزعوم في باحات المسجد الأقصى؛ حيث يؤمن غوبشتاين بأن المسجد الأقصى هو قمة سرطان يوجد لدينا، وعلى الحكومة «الإسرائيلية» إزالة هذا الورم السرطاني، وهي الدعوة التي يكررها، دومًا، وهو ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في 26 نوفمبر 2019م.

تدعو حركة «لهافا» المتطرفة إلى وجوب استخدام العنف والقوة ضد الفلسطينيين، وترفع على الدوام شعار «الموت للعرب»، كما تنادي بإقامة صلوات تلمودية في باحات المسجد الأقصى، وتكثيف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومن هنا، فإن حركة «لهافا» تعد إحدى الحركات الصهيونية التي ظهرت خلال العقود القليلة الماضية، وهي من بين الأكثر تطرفًا وتشددًا، وتحظى بدعم مادي ومعنوي من قبل حكومة نتنياهو.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة