كارثة «الفاشر» السودانية.. حصار وجوع وموت صامت

تعيش مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث للسودان، حيث حصار مستمر منذ مايو 2024م فرضته مليشيات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرم المدينة من الغذاء والدواء، ودفع السكان إلى مشاهد مأساوية، بما في ذلك تناول الجيف وعلف الحيوانات للنجاة من الجوع.

هذه الكارثة تتكشف أمام أعين العالم، وسط صمت شبه مطلق من المجتمع الدولي تجاه الأزمة المتفاقمة.

الفاشر.. نداءات استغاثة وسط كارثة صامتة

تتصاعد هذه الأزمة في وقت أطلقت فيه منظمات محلية ودولية نداءات عاجلة لفتح ممرات إنسانية لتقديم المساعدات.

ورصدت الأمم المتحدة أرقاماً صادمة تشير إلى أن واحداً من كل أربعة أشخاص يواجه خطر الجوع الشديد، بينما تجاوز عدد القتلى 10 آلاف شخص منذ اندلاع الهجمات، 70% منهم دُفنوا بلا أكفان.

وحذرت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر من أن الجميع يموت يومياً إما بالقصف أو الجوع أو المرض.

وقال المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بالسودان آدم رجال لوكالة «الأناضول»: الظروف الإنسانية بالغة التعقيد في دارفور، وخاصة الفاشر، إنها موت بطيء وكارثة صامتة، دون أن يشعر بها أحد.

وأطلقت شبكة أطباء السودان (أهلية) نداء استغاثة عاجلاً للسلطات المحلية والمنظمات الدولية لإنقاذ الفاشر بسبب وصول الجوع إلى المرحلة الثالثة للطوارئ.

وذكرت الشبكة، في بيان، أن الحصار أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية والصحية بشكل كارثي، مع تعرض آلاف الأطفال والنساء لخطر الموت بالجوع.

وأكدت أن آلاف الأسر تعاني نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، مع انقطاع الإمدادات نتيجة للحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية، محذرة من أن حياة المدنيين، خصوصاً الأطفال وكبار السن، تحت تهديد المجاعة والأوبئة.

تحذير أممي من تصعيد العنف ضد الفاشر

وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من تصعيد خطير في العنف ضد المدنيين في الفاشر، مؤكداً عبر تحليل صور الأقمار الصناعية ارتفاعاً حاداً في الهجمات التي يُعتقد أن قوات «الدعم السريع» نفذتها ضد الملاجئ والمساجد والمستشفيات والأسواق خلال سبتمبر الماضي وأكتوبر الجاري.

وتفرض مليشيا «الدعم السريع» حصاراً مشدداً على المدينة، آخر المواقع المهمة التي تحت قبضة الجيش السوداني في دارفور، مانعة مرور الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية، ورفضت هدنة إنسانية لمدة أسبوع عرضها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رغم موافقة الجيش عليها.

وفي 3 أغسطس 2025م، حذرت «يونيسف» من تعرض أكثر من 640 ألف طفل دون سن الخامسة لخطر متزايد من العنف والجوع والمرض، وسط تفشي الكوليرا في شمال دارفور.

حصار الفاشر وتداعيات النزوح والمجاعة

في ظل الحصار، بات نحو 260 ألف شخص في الفاشر يقتاتون على علف الحيوانات، فيما يعاني مليون شخص في شمال دارفور من المجاعة، وفق الأمم المتحدة.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، تراجع عدد سكان المدينة من أكثر من مليون نسمة إلى نحو 413 ألفاً؛ أي انخفاض بنسبة 62% منذ اندلاع الحرب، فيما فر أكثر من مليون شخص من الفاشر؛ أي ما يعادل 10% من إجمالي النازحين داخل البلاد.

ومنذ منتصف أبريل 2023م، يخوض الجيش السوداني ومليشيا «الدعم السريع» حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، ونزوح ولجوء نحو 15 مليون شخص، وفق تقارير محلية وأممية.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة