العنف الأسري.. من الحماية إلى الوقاية

للأسرة شأن عظيم في التشريع الإسلامي، والأدلة على ذلك معروفة؛ واليوم، نحن نحصد نتاج الابتعاد عن تعاليم الكتاب والسُّنة في التعامل مع بعضنا بعضاً، حتى وصل الأمر لتصدع وتشقق جدران حصن الأسرة.

في هذه العجالة، نتطرق للوقاية؛ لأن كثيراً من الدول، ومنها الكويت، سَنَّت قوانين للحماية من العنف الأسري، ونهدف هنا أن نقدم حلولاً استباقية لهذه المشكلة المتنامية بكل أسف.

أولاً: على المستوى الفردي.. الوعي من الأسرة:

من الأسرة تبدأ وقاية الأسرة من العنف، وهذا التحرك على المستوى الفردي يكون في كل أسرة؛ حيث يقوم به الأب أو الأم، أو هما معاً، وذلك بِحُسن التربية وغرس مكارم الأخلاق في الجيل الصاعد.

كما أن مما يعين الوالدين هو التنشئة على العقيدة السليمة، ومنها على وجه الخصوص؛ الأسماء الحسنى والصفات العُلا، ولو ركزت الأسرة على ثلاثة منها فقط، لكانت كافية لتعديل السلوك، مثل: السميع، والبصير، والعليم.

فعندما يتربى الناشئة على أن لهم خالقاً يسمعهم؛ سينتقون كلماتهم فلا تجرح أحداً، وأنه سبحانه يرى صنيعهم أينما كانوا، سَيمسكون أيديهم عن إيذاء كل أحد، وأنه تعالى شأنه يعلم ما تخفي الصدور؛ لذلك سيَطردون كل الأفكار التي تدفع نحو الشر.



ثانياً: على المستوى المجتمعي.. قيمة الاحترام:

وعلى المستوى المجتمعي، يمكن عمل الكثير لحل مشكلة العنف الأسري، ولكن سنقتصر على رفع شعار واحد يحوي القيمة التي تحارب العنف، وليكن هذا الشعار: «نصف الحب اهتمام ونصف الزواج احترام»، وهذان الجناحان يطير بهما الزواج السعيد، الذي سيكون الحوار هو الوسيط الأساسي للتعامل.

فما أجمل الأسرة التي يسودها الاحترام، وتراعي بعضها بالاهتمام، وتناقش قراراتها وخياراتها ومشكلاتها بالحوار!

نحتاج على المستوى المجتمعي أن نبدأ بخطة تجعل الاحترام قيمة محورية في حياتنا اليومية، فنحترم الكبير والصغير، الغريب والقريب، المواطن والمقيم، الوزير والخفير، الغني والفقير.

فأيما مجتمع ترسّخ فيه الاحترام، سيكون تربة خصبة لمختلف بذور الخير، التي بدورها ستزهر محاسن الأخلاق وتثمر أطيب السلوكيات.

ثالثاً: على المستوى الحكومي.. تضافر الجهود:

ونختم توصيات الوقاية بالمستوى الحكومي، الذي يقع على عاتق الوزارات التي تحتك وتخدم الأجيال الناشئة؛ مثل وزارة التربية بمناهجها، ووزارة الشباب بمناشطها، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمساجدها.

عندما تركز الكوادر المخلصة في هذه الوزارات على تقدير نعمة الأسرة، ومهارات الحفاظ عليها، وأساليب إدارتها؛ سنُحرز تقدماً ملموساً على أرض الواقع.

ندعو لتضافر الجهود، ومن أمثلتها اليسيرة التطبيق على وزارة التربية، هي توجيه القائمين على مادة التربية الإسلامية والاجتماعيات لإضافة رسائل تربوية عبر مقاطع وقصص قصيرة لمرة كل أسبوع، تخدم الحفاظ على كيان الأسرة.

أما وزارة الشباب، فيمكن لها إقامة الورش والدورات التدريبية على أساليب إدارة الأسرة مالياً، وسلوكياً، وانفعالياً، ويكون لها اهتمام خاص بعقدها في الكليات والمعاهد، حيث نصل للمقبلين على تكوين أسرة.

كما أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يمكنها من خلال المنابر والحلقات والأئمة والخطباء تسليط الضوء على هذه القِيَم، وكيف شرحت لنا السُّنة المطهرة بالقول والفعل أفضل ما يمكن لتكون أسرة سعيدة في الدنيا والآخرة.

ونطالب المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بأن يقوم بوضع خطة شاملة ويوزع الأدوار ويشرف على التنفيذ، حتى نقضي على العنف الأسري، ونكون خير مثال للمجتمعات من حولنا، والله الموفق والهادي لسواء السبيل.

الرابط المختصر :

كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة