فوائد البنوك.. الخطر الذي يهدد العالم

الربا حرام في جميع الشرائع؛ اليهودية والنصرانية والإسلام، وقد تطابقت كلمة علماء الاقتصاد المعاصر مع علماء الأديان على حرمة الربا، وحرمة فوائد البنوك، وتواترت الفتاوى على ذلك، وانعقدت المجامع الفقهية على أن فوائد البنوك هي عين الربا المتفق على تحريمه.

فقد نشرت «سي إن بي سي» بالعربية، في 11/ 6/ 2025م: «من جديد، طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رئيسَ الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بسبب ارتفاع نسبة التضخم إلى 2.4% خلال مايو 2025م، وقبل ذلك دعا ترمب لخفض أسعار الفائدة لمواجهة الإجراءات الاقتصادية الصعبة، وعلى رأسها موجة رفع الرسوم الجمركية خلال الشهور الأخيرة».

فالرئيس الأمريكي، وهو ليس من علماء الاقتصاد، قد أدرك خطورة فوائد البنوك على الاقتصاد وعلى الكثير من مجالات الحياة، فحذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بضرورة خفض أسعار الفائدة، بل إنه في 27/ 6/ 2025م هاجم من جديد جيروم بأول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ووصفه بأنه غبي وأحمق بسبب عدم خفض أسعار الفائدة، وقال: يجب أن يكون سعر الفائدة 1%، وأن معدل الفائدة الحالي 4.5% مرتفع جداً، وأن خفض سعر الفائدة نقطتين في المائة يوفر على أمريكا 600 مليار دولار سنوياً، مضيفاً أن أمريكا تخسر هذا المبلع سنوياً بسبب شخص أحمق –يقصد رئيس الاحتياطي الفيدرالي– يجلس هنا ويقول: لا أرى مبرراً لخفض أسعار الفائدة!

ففوائد البنوك توقف عجلة الاقتصاد؛ وذلك لأنها حرب من الخالق على المخلوق؛ (فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ ) (البقرة: 279).

وكانت فوائد البنوك هذه هي السبب الأهم للأزمات المالية العالمية المتعاقبة التي نزلت بالاقتصاد العالمي فكبدته خسائر فادحة، وكانت آخرها الأزمة المالية العالمية في عام 2008م، حيث بلغت 50 تريليون دولار، حسب تقديرات خبراء المصرف الأسيوي للتنمية «إي دي بي»، وذلك حسبما نشر على موقع «الجزيرة نت»، في 29/ 8/ 2009م.

ويقول سيلفيو جيزال (1862 – 1930): إن نمو رأس المال يعوقه معدل فائدة النقود، ولو أن هذه الفائدة أزيلت لتضاعف نمو رأس المال في العصر الحديث لدرجة تبرر خفض سعر الفائدة إلى معدل الصفر في فترة وجيزة.

وعلى إثر الأزمة المالية العالمية في عام 2008م، أكد عالم الاقتصاد الفرنسي الشهير موريس آلييه، الحائز على جائزة «نوبل» في الاقتصاد، أكد أن الأزمات المالية الطاحنة التي تضرب الاقتصاد العالمي بقيادة الليبرالية المتوحشة تجعل الاقتصاد العالمي على حافة بركان يهدد بالانهيار، وقد اقترح للخروج من هذه الأزمات، وإعادة التوازن للاقتصاد العالمي شرطين؛ الأول: تعديل سعر الفائدة إلى حدود الصفر، والثاني: مراجعة معدل الضريبة إلى ما يقرب من 2%.

وهو ما يتطابق تماماً مع تحريم الربا في الإسلام، وقد صدرت الفتاوى بحرمتها بالإجماع، والمقترح الثاني هو ما يتطابق مع نسبة الزكاة في الإسلام.

وقد كتب بوفيس فانسون، رئيس تحرير مجلة «تشالنجر»، في 5/ 10/ 2008م عن الأزمة المالية العالمية، قائلاً: إننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن الكريم بدل الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا؛ لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن الكريم من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات، وما وصلت بنا الحال إلى هذا الوضع المزرى لأن النقود لا تلد النقود.

وفى العام 2024م بلغ حجم الدين العالمي 328 تريليون دولار، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج الإجمالي العالمي، وهو ما ينذر بكوارث وأزمات مالية طاحنة ومدمرة لأي نمو اقتصادي محلي أو عالمي، خصوصاً إذا علمنا أن ديون أمريكا وحدها بلغت 35 تريليون دولار، وهي القوة الاقتصادية الأولى في العالم، وهي في الوقت ذاته المدين الأكبر في العالم.

وتأتي نسبة الاقتصاد المالي في العالم إلى نسبة الاقتصاد العيني كنذير بمصيبة عظمى تهدد الاقتصاد العالمي بخطر كاسح يأكل الأخضر واليابس، فقد بلغ الاقتصاد المالي في العالم أكثر من خمسين ضعف الاقتصاد العيني، والمفروض حسب قواعد السياسة النقدية في علم الاقتصاد أن يكون الاقتصاد المالي مساوياً للاقتصاد العيني، أو يزيد ضعفين أو ثلاثة أضعاف، أما أن يصل إلى 50 ضعفاً فهذه مصيبة لا حدود لها.

ولهذا أسباب كثيرة، منها: فوائد البنوك، وبيع الديون، والتوسع في التعامل في عقود المستقبليات والخيارات، وإصدار السندات، والتوسع في طبع الأوراق النقدية زيادة فاحشة تجاوزت الحد المسموح به في ضوابط السياسة النقدية المتعارف عليها لدى علماء الاقتصاد المعاصر.

يقول جون ماينارد كينز، رائد الاقتصاد المعاصر: إن ارتفاع سعر الفائدة يعوق الإنتاج؛ لأنه يغري صاحب المال بالادخار للحصول على عائد مضمون دون تعريض أمواله للمخاطرة في حالة الاستثمار في المشروعات الصناعية والتجارية، كما أنه من ناحية أخرى لا يساعد رجل الأعمال على التوسع في أعماله، لأنه يرى أن العائد مع التوسع لا يعادل الفائدة التي سيدفعها المقترض، وعلى ذلك فكل نقص في أسعار الفائدة سيؤدي إلى زيادة في الإنتاج، وبالتالي في العمالة، وإيجاد الفرص لتشغيل المزيد من الناس.

الرابط المختصر :

كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة