قراءة في كتاب «تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية»
«إن كان تعدد
الزوجات حقاً للرجال، فهو كذلك حق لمجموع النساء يجب أن يناضلن من أجله حتى يكون
لكل امرأة زوج»، هكذا سطر أستاذ القانون المدني د. عبدالناصر توفيق العطار، مقدمة
كتابه «تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية».
يقول العطار: إن
منع تعدد الزوجات والتحريض عليه يؤدي إلى مشكلات أكبر منها تفشي الزنى والزواج
العرفي، وكثرة الطلاق، وفساد المجتمع، محذراً من أن المجتمعات التي تأخذ بنظام
الزواج الفردي وعدم التعدد تحرم كثيراً من النساء من الزواج، وبالتالي تكون فريسة
للشيطان والذئاب البشرية.
يتناول الكتاب،
وعدد صفحاته 226 صفحة، أسباب تعدد الزوجات في فصله الأول، مشيراً إلى أن خصوم
التعدد يرون فيه دلالة على فساد الرجل، وشرهه في طلب اللذائذ، دون النظر إلى أن
الزوجة الأولى قد تكون مريضة، أو لا تنجب، أو ناشزاً، وهو لا يريد تطليقها حفاظاً
على الأولاد.
يضيف الكاتب: وقد
تكون الزوجة الثانية قريبة له أرملة أو عانسًا أراد أن يكفلها، متسائلاً: أيهما
أفضل؛ التعدد أم تعيش المرأة كراهبة بلا زواج؟
أما الفصل
الثاني، فيرصد التداعيات والنتائج المترتبة على التعدد، منها الخلافات الزوجية
والنزاع بين الضرائر، والتعثر المالي في الإنفاق على زوجتين، وكثرة النسل بسبب
تزايد معدلات الإنجاب، وربما التقصير في رعاية الأبناء من الأولى، لكن الكاتب يرى
أن المكاسب التي يحققها التعدد للمجتمع تفوق أضراره.
ويستعرض الفصل
الثالث من الكتاب الصادر عام 2014م، موقف القرآن الكريم من تعدد الزوجات، مؤكداً أن
القرآن لم يأمر بالتعدد، ولكن ذكر أنه مباح، في قوله: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى
وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) (النساء: 3)، ولكن قيّده بأربع، فقال تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا
فَوَاحِدَةً) (النساء: 3).
وبيَّن المؤلف
أسباب زواج النبي صلى الله عليه وسلم من كل امرأة، وأنه صلى الله عليه وسلم ضرب
أروع الأمثلة في تعاليم الإسلام لمقاصد ونظم الزواج، كما كان لأنبياء الله عدد من
الزوجات كإبراهيم، ويعقوب، وداود، وسليمان، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ويشرح الكاتب،
في الفصل الرابع، القيود الشرعية للتعدد، ومنها وضع حد أقصى لتعدد الزوجات، وهو
ألا يزيد على أربع، وتحريم الجمع بين المحارم، مثل الأختين، والمرأة وعمتها،
والمرأة وخالتها، حتى لا يعاني المجتمع من قطيعة الرحم.
ويشدد العطار
على ضرورة العدل بين الزوجات، والمساواة في النفقة، والمساواة في المبيت، وعدم
جواز دفع الزوجة مالًا للزوج ليزيد عدد أيام المبيت لها؛ لأنه يأخذ حكم الرشوة في
أخذ حق الغير، وحال إخلال الزوج بالعدل بين الزوجات، ووقوع الضرر على إحداهن فلها
طلب الطلاق للضرر.
وانتقد المؤلف
في الفصل الخامس القيود الوضعية لتعدد الزوجات، وحمل الناس على استئذان القضاء عند
التعدد، مشيراً إلى هذا القانون تَقوّل في دين الله بغير علم، وأنه يؤدي لتحريم ما
أحل الله، وارتفاع معدلات الطلاق، والزواج السري، أو فضح الزوجة الأولى بما فيها
ليسمح له القاضي بالتعدد.
وانتقد العطار
لجوء السلطات في بعض البلدان العربية والإسلامية إلى حرمان من عدد زوجاته من بعض
الحقوق والمزايا، أو فرض ضريبة إضافية عليه، أو معاقبته قانونياً، أو التطليق
للضرر، وهو التطليق لمجرد تعدد الزوجات.
كما انتقد
المؤلف تغذية آلام الزوجة إزاء التعدد، والمتاجرة بها إعلامياً لإيقاف العمل
بالشريعة، لافتاً إلى أن هناك آلاماً أخرى في المجتمع تحيط وتفتك بالأرامل
والعوانس والمطلقات، ومن حكمة الشرع احتواء هؤلاء حتى لا يعشن حياة الرهبنة، أو
اللجوء للزواج العرفي الذي يضيع حقها كزوجة.
واختتم الكاتب
كتابه القيم والثري بالأسانيد القرآنية والنبوية، بالقول: إن التعدد إعجاز تشريعي،
وحاجة مجتمعية ملحة، وحل ناجع لمشكلات المجتمع في جميع العصور.
اقرأ
أيضاً:
جدل متكرر..
لماذا لا يتقبل المجتمع المصري تعدد الزوجات؟
شبهات وردود..
الإسلام ظلم المرأة عندما أباح تعدد الزوجات (6)