هل نجح الصهاينة في تهويد «الأقصى» وضاعفوا وقت صلاتهم على حساب المسلمين؟

مع حلول عيد الفصح اليهودي (13 - 17 أبريل)، كثف اليهود الصهاينة في الأرض
المحتلة اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، والصلاة فيه، ومنعت شرطتهم كثيراً من المسلمين
من دخوله في أوقات صلاة اليهود، التي كانت ممنوعة منذ عام 1967م، لكنها أصبحت
طقساً تحميه شرطة الاحتلال منذ بضع سنوات.
لا توجد علاقة دينية بين احتفال الصهاينة بعيد الفصح اليهودي، واقتحام
المسجد الأقصى، ولكن منظمات الهيكل التي تريد هدم المسجد وبناء الهيكل مكانه، بدأت
منذ عدة سنوات تربط بين العيد واقتحام المسجد عبر ربط الاقتحام بمحاولة ذبح قرابين
لـ«الهيكل» داخله كنوع من التطهر ليدخله بقية اليهود المنقسمين حول هذا الطقس؛ إذ
يصر اليهود المتدينون المتطرفون من جماعات الهيكل خصوصاً على أن «ذبيحة الفصح» لا
يمكن أن تتم إلا هناك في باحة المسجد الأقصى حيث «الهيكل» المزعوم، ويزعمون أن «جبل
الهيكل»، ومعبد «هيرود» الذي يقول اليهود: إنه بُنِيَ على أنقاض هيكل سليمان،
موجود مكان مسجد قبة الصخرة، وهناك يريدون بناء معبد جديدة وهدم هذا المسجد.
وفي السنوات الأخيرة، صعدت منظمات يهودية متطرفة، مثل «عائدون إلى جبل
الهيكل» و«كهنة المعبد»، من دعواتها العلنية لتقديم هذه القرابين داخل المسجد
الأقصى، غير آبهة بمكانته الدينية عند المسلمين.
سباق قرابين لـ«الهيكل»
وقبل عيد الفصح العبري، دعا «اتحاد منظمات الهيكل» أنصاره لاقتحام المسجد
الأقصى، وتكثيف طقوس الصلاة الالتحامية (الانبطاح على أرض الحرم القدسي)، وتهريب
الذبائح (ماعز صغيرة يسرقونها من الفلسطينيين) لذبحها داخل المسجد، وتم ضبط 4
محاولات ومنعها خشية المصادمات مع المسلمين.
ونشرت جماعات «كهنة الهيكل» المتطرفة صورًا ومجسمات متخيلة لمذبح القربان
داخل المسجد الأقصى، وتحديدًا في موقع قبة السلسلة شرق قبة الصخرة، وذلك في إطار
استعداداتها السنوية لتقديم ما تسميه «قربان الفصح».
وتُظهر إحدى الصور المتداولة مذبحًا توراتيًا محاطًا بطقوس إشعال النار
وخروفاً صغيراً معدّ للذبح، في محاكاة مباشرة لما يسمى بـ«سردية الهيكل».
وقد نشر الاتحاد صورة قربان ضمن دعوته الإلكترونية، في تحريض مباشر لتنفيذ
طقوس ذبح الفصح داخل «الأقصى».
https://x.com/PalinfoAr/status/1910933976866267628
ودعت منظمة «عائدون إلى الجبل» أنصارها إلى الاستعداد لمحاولة ذبح قربان
عيد الفصح داخل «الأقصى» أو على أبوابه قبل حلول العيد، من أجل تحقيق وصايا
التوراة في الوقت المناسب.
وتسعى الجماعات المتطرفة إلى فرض واقع جديد داخل المسجد الأقصى، من خلال
محاولات متكررة لتنفيذ طقوس «ذبح القربان الحيواني»، ضمن محاولاتها لتغيير الهوية
الإسلامية للمكان، وفرض الطقوس التوراتية بداخله.
ومع هذه الاحتفالات بعيد الفصح، شهد المسجد الأقصى استفراد المقتحمين
الصهاينة بساحته الشرقية في جميع أيام الأسبوع، إذ أصبحوا يتعاملون معها وكأنها
كنيسهم غير المعلن في المسجد الأقصى.
وتولت شرطة الاحتلال التضييق على حراس المسجد ومنعهم من الاقتراب من
المقتحمين، والتضييق على المصلين واعتقال وإبعاد المئات منهم عن المسجد، من بينهم
أئمته وخطباؤه.
تهويد «الأقصى» بالخطى البطيئة
الجديد هذا العام هو كشف الباحث في شؤون الأقصى زياد أبحيص أن عمليات التهويد
بالخطى البطيئة التي مارسها الاحتلال وجماعات الهيكل ووزراء الحكومة الصهيونية
المتطرفون ما بين عامي 2008 و2025م نجحت في مضاعفة المدة التي يفرضها الاحتلال على
المسلمين للاقتحامات التي يقوم بها المستوطنون للمسجد، وذلك ضمن محاولتهم تقسيم «الأقصى»
مع اليهود زمانياً؛ أي وقت لهم ووقت للمسلمين.
وأوضح أنه في عام 2008م، بدأت شرطة الاحتلال بمحاولة فرض فترات للاقتحامات
الصهيونية بتحديد الساعات ما بين 7 - 10 صباحاً للمتطرفين الصهاينة، ومحاولة تقييد
دخول المصلين المسلمين إلى المسجد الأقصى وقتها.
لكن اليوم وبعد مرور 17 عاماً، بات المقتحمون يستحوذون على فترتين للاقتحام؛
الأولى: صباحية ما بين 7 - 11:30، والثانية مسائية ما بين 1:30 - 3:00؛ أي جرى
تمديد الاقتحامات بواقع نصف ساعة في كل قفزة، حتى باتت اليوم تشكل ضعف الوقت.
وأكد أبحيص أن منظمات الهيكل لا تكتفي بذلك، بل وتطالب علناً بالوصول إلى
أحد سقفين؛ إما أن يُفتح «الأقصى» مناصفة بين المسلمين واليهود بحيث تتساوى ساعات
الدخول والمنع بينهم، وإما أن يسمح بالاقتحامات في كل الأوقات والأيام؛ ما يعني أن
الهدف هو تقسيم الصلاة داخل المسجد أيضاً مكانياً بتحديد الساحة الشرقية للمسجد يحولونها
إلى معبد خلال اقتحاماتهم المنتظمة، وما يزال التهويد البطيء يواصل خطواته.
وخلال عيد الفصح اليهودي، شهد المسجد الأقصى المبارك، من 13 - 20 أبريل
الجاري اقتحامات واسعة من مجموعات كبيرة من المستوطنين، الذين دخلوا باحاته من جهة
باب المغاربة، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال، وأدى عدد منهم طقوسًا تلمودية
وتوراتية، خاصة في الجهة الشرقية من المسجد، قرب مسجد قبة الصخرة، الذي يخططون
لبناء هيكلهم مكانه، قبل أن يغادروا من جهة باب السلسلة.
وقام المستوطنون داخل المسجد بجولات استفزازية في باحاته، مرددين الأهازيج
والصلوات التلمودية، وسط الغناء والتصفيق، وتزامن ذلك مع تضييقات مشددة فرضتها
قوات الاحتلال على مداخل البلدة القديمة والمسجد الأقصى، حيث نصبت عشرات الحواجز
الحديدية في الشوارع والطرقات المؤدية إلى الموقع، وأوقفت المارة الفلسطينيين لفحص
هوياتهم وأغراضهم، في محاولة لمنعهم من الوصول إلى المسجد.
ولم تقتصر الإجراءات على التضييق فحسب، بل أغلقت سلطات الاحتلال جميع
الممرات والطرقات المؤدية إلى البلدة القديمة، وأبواب المسجد الأقصى، وسط انتشار
مكثف لعناصر الشرطة والقوات الخاصة، ما حوّل القدس إلى ثكنة عسكرية مغلقة.