الهوية الكويتية في ظل العولمة.. صمود القيم وسط تيارات التغيير

في زمن الحدود المفتوحة والمعلومات التي تنساب بلا توقف، تواجه الكويت تحديًا جوهريًا، وهو كيف تثبت هويتها الوطنية من قلب العولمة المتسارعة؟ هل يمكن أن تحافظ الكويت على انعكاس تراثها وقيمها وتماسكها الاجتماعي، في مجتمع ينهل من ثقافات متعددة، وأجيال تنظر إلى المستقبل أكثر من الماضي؟

لقد كثرت الدعوات مؤخرًا لتعزيز الوعي بالهوية الوطنية في المناهج التعليمية، خصوصًا في المدارس والجامعات، حيث حذَّر مسؤولون من أن الجيل الحالي متأثر بالثقافات العالمية عبر المنصات الرقمية دون ربط كافٍ بجذوره الحضارية.

كما أشار خبر صدر مؤخرًا إلى أن وسائل الإعلام تركز بشكل مكثف على الإنتاجات الغربية؛ ما يجعل الشباب أقل تفاعلًا مع الإنتاج الوطني، وحاجة المدارس إلى دمج قيم الهوية في أنشطة التعليم أصبحت أكثر وضوحًا.


الهوية الثقافية الكويتية: بين تحديات العولمة ومسؤولية الحفاظ عليها | مجلة المجتمع
الهوية الثقافية الكويتية: بين تحديات العولمة ومسؤولية الحفاظ عليها | مجلة المجتمع
مجلة المجتمع الكويتية: منصة إعلامية رائدة تُعنى بالشأن الإسلامي وتقدم تقارير ومقالات تعزز الوعي الحضاري للأمة الإسلامية انطلاقاً من مرجعية إسلامية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وهي تابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي بدولة الكويت، وترفع شعار "مجلة المسلمين حول العالم".
mugtama.com
×


تحديات أمام الهوية الكويتية

أولًا: الانفتاح الإعلامي والثقافي:

لا شك أن وسائل التواصل التي تصل الشباب بصورة يومية تقدّم محتوى متنوعًا وجذابًا، لكنه غالبًا يغيب عنه الصبغة المحلية؛ ما يقلل من ظهور ثقافتنا وسط التدفق الإعلامي الكثيف.

ثانيًا: التعليم بين الهوية والتنمية:

تشكو بعض المدارس من غياب نشاطات تربط الطلبة بهويتهم، وأن المناهج تركز على المعلومات العالمية دون أهمية كافية للتاريخ المحلي، وهو ما دعا معلمين إلى اعتماد مشاريع تربط الشباب بتراث بلدهم من خلال ورش عمل ومخيمات ثقافية.

ثالثًا: غياب القدوة الوطنية:

في ظل بروز المؤثرين الأجانب كمثل يحتذى به، تتضاءل بصمة الشخصية الوطنية للإعلاميين والمثقفين المحليين، في وقت باتت الكلمة الأجنبية تؤثر أكثر، كما انتقد نشطاء وكتَّاب محليون.

مساهمات وطنية رائدة

على الرغم من هذا الواقع، برزت جهود ميدانية مثمرة، منها:

- وزارة التربية أطلقت سلسلة ورش مرورية عن الهوية الوطنية في المدارس، من خلال إشراك الطلبة في مشاريع تراثية وحفلات ثقافية، بحسب ما أعلنه وكيل الوزارة في تصريح إعلامي.

- برامج التوعية في التلفزيون الكويتي تناولت الهوية من خلال حلقات ثقافية تحدثت عن الإنجازات الكويتية وأبطالها؛ ما ساهم في تعزيز الشعور بالفخر الوطني بين المشاهدين.

توصيات لتعزيز الهوية الوطنية

- إدراج مناهج الهوية في التعليم: عبر مقررات تراثية وتاريخية تربط الطلبة بوطنهم وممارسة يومية لقيم المجتمع.

- إنتاج إعلامي محلي جذّاب: مثل مسلسلات واقعية وشبابية وثائقية، تحكي قصص نجاح الكويتيين في التعليم، والعلم، والرياضة.

- إقامة مبادرات شبابية وطنية: مسابقات ثقافية، وبرامج تبادل بين المدارس لترسيخ الهوية من خلال الزيارات والفعاليات المشتركة.

- تفعيل القدوات الكويتية: عبر استضافة شباب موهوبين وإنجازاتهم في الإعلام، شريطة أن يمثلوا القيم المحلية ويعكسوها بالحياة اليومية.

- تحفيز الجامعات على أبحاث الهوية: دعم بحوث أكاديمية عن الهوية الوطنية ودورها في التنمية الاجتماعية، ونشر نتائجها عبر المجتمع.

الهوية الوطنية ليست إرثًا يُكتفى بالاحتفاء به في المناسبات، وإنما هي حياةٌ تُبنى بالتربية والعمران، وبالكتابة والحوار.

__________________

1- مقابلات تربوية مع مسؤولين في وزارة التربية (تصريحات شهر نوفمبر 2025).

2- افتتاحية ثقافية محلية حول الإعلام والهوية (ديسمبر 2025).

3- تحليل لمحتوى التلفزيون المحلي بخصوص برامج الهوية الوطنية.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة