رائد الدعوة الإسلامية في كوريا الجنوبية الشيخ عبدالوهاب زاهد رحمه الله

كاتب
المدونة: مبين أحمد الأعظمي الندوي
توفي، يوم السبت 24 المحرم 1447هـ/ 19
يوليو 2025م، الداعية السوري الكبير، المغترب في كوريا الجنوبية لأجل الدعوة،
ومفتي المسلمين فيها، الشيخ د. عبدالوهاب زاهد الحلبي الندوي، الذي قضى أكثر من 4
عقود في نشر الإسلام في كوريا الجنوبية، فاعتنق على يديه الآلاف من الكوريين.
وكان الفقيد ذا علم غزير، ومعرفة واسعة،
في علوم الشريعة من التفسير والحديث والفقه، إلى جانب تمتعه بالورع والتقوى،
والفكر الإسلامي السديد، وروح العمل والجهد من أجل الإسلام، والنصح للأمة.
وكان الشيخ عبدالوهاب على علاقة ودية
أخوية مع علماء الهند منهم محمد الرابع الحسني الندوي، ومحمد واضح رشيد الحسني رحمهما
الله.
رحلته إلى كوريا الجنوبية
أثناء عمله في الموسوعة الفقهية في
الكويت، سمع من وزير الأوقاف د. أحمد سعد جاسر عن زيارة وزير كوري يطالب عالِماً
لتعريف الكوريين بالإسلام، وهو يقول: «نحن نموت على الكفر، لا ترسل لنا من يعلمنا
الإسلام»!
فما إن سمع الشيخ عبدالوهاب هذا الكلام،
حتى قال: أنا أذهب، ورفض الوزير في البداية، ولكن الشيخ ألح، حتى وافق الوزير.
وهكذا ترك الشيخ عبدالوهاب وظيفة قيمة
مريحة في الكويت، وسافر إلى كوريا الجنوبية عام 1984م، وهو لم يكن يعرف عنها
شيئًا، بل ظن في البداية أنه متجه إلى دولة أفريقية!
فلما نزل في مطار كوريا الجنوبية، تفاجأ
برؤية أناس صفر البشرة، ذوي عيون ضيقة آسيوية، فتبين أنها غير ما كان يتوقع، وهكذا
وصل الشيخ إلى بلاد غالبية سكانها الملحدون والبوذيون والنصارى، ولم يكن من
المسلمين فيها إلا عدد ضئيل معدود على الأصابع.
جهوده الدعوية والعلمية
استقر الشيخ عبدالوهاب في كوريا
الجنوبية، وتفرغ لنشر الإسلام منذ ذلك الحين، وكان من الضروري له أن يعرف لغة البلاد،
ويعرف ثقافتها، ومعتقدات أهلها، وعاداتهم وتقاليدهم، فدرس كلَّ ذلك بعمق، واكتشف
جوانب إيجابية وسلبية للكوريين؛ ما أمكنه من تعريفهم بالإسلام.
وبدأ الشيخ دعوته متعاوناً مع عدد من
الدعاة المحليين أمثال قمر الدين مُون، وسليمان لي، لتنظيم لقاءات، وتأسيس مجموعة
دعوية كورية، واهتم بصورة خاصة بتأسيس المساجد، والمصلَّيات، والمراكز الإسلامية،
فالمساجد التي تم بناؤها بفضل جهوده نحو 70 مسجداً، وآثر إقامته في المسجد أيضاً،
وكان يقول: «لن أفارقه حتى يتوفاني الله».
وأَّلف الشيخ عبدالوهاب أكثر من 30
كتاباً، معظمها باللغة الكورية، وباقيها باللغة العربية، أو الإنجليزية. منها: «الإسلام
دين السلام»، و«معاملة المسلم لغير المسلم»، ومنها كتبٌ عن حياة الأنبياء آدم،
ونوح، وإبراهيم، عليهم السلام، وحياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وفي
مكة والمدينة، كما أنه تناول في كتبه موضوع العقيدة، والصراع بين الخير والشر،
وتمييز الحق من الباطل.
ويُذكر أنه قام شخصياً بتوزيع كتبه على
الناس، على اختلاف الأصناف والطبقات، وفي المعابد، والكنائس، والدوائر الحكومية؛ ما
أدى إلى إسلام عدد من الشرطة والجنود كذلك.
وكما بيَّن أحد الكُتَّاب عن شخصيته: أسلم
في أحد مساجده ما يقرب من ألف شخص، وأعداد أخرى في كل مسجد أسسه.
ومن إنجازاته في مجال الدعوة، إسلامُ
كبير قساوسة اتحاد الكنائس البروتستانتية في كوريا الجنوبية السيد شين الذي تسمى
عمر شين، وأسلم بفضله عدد من أتباعه.
رحل الشيخ عبدالوهاب زاهد عن عمر 84
عامًا بعد حياة حافلة بالعلم والعمل، وترك وراءه إرثًا دعويًا عظيمًا ملحوظاً في
كوريا، وبفضل جهوده أصبح تزايد الإقبال على الإسلام في كوريا الجنوبية.