حقوق العامل في الإسلام.. 10 حقوق للكرامة

نستعرض في هذه السطور 10 حقوق للعمال تؤسس لكرامتهم وسد حاجتهم:

1- الأجر العادل قبل أن يجف عرقه:

الأجر في الإسلام يتبع سياسة العدل، بمعنى أن الأجير يتقاضى أجره الملائم لمهنته دون بخس حتى ولو توفر عمال غيره يقبلون أجراً أقل تحت ضغط شح العمل، وليس من حق صاحب العمل أن يماطل أو يسوّف في دفع الأجر الملائم، فعن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».

وتلك الوصية النبوية تتعلق بعدم تأخير أجر العامل، فما بالنا بمن يأكلون حقوقهم، ويمنعوهم إياها وذلك من كبائر الذنوب، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره» (رواه البخاري)، وقال تعالى: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) (هود: 85).

2- كرامة العامل قبل كفاءته:

العامل إنسان في المقام الأول، وليس أسيراً لدى صاحب العمل، يقول تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) (الإسراء: 70)، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم العامل أخاً لا عبداً، فعن أبي ذر الغفاري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، ويلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم، ومن لم يلائمكم منهم فبيعوهم، ولا تعذبوا خلق الله» (أخرجه البخاري، ومسلم).

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في حسن معاملة الخدم والعمال، فعن أنس بن مالك قال: «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فوالله ما قال لي أفٍّ قط، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا؟» (متفق عليه).

3- لا يكلف إلا وسعه:

بعض أصحاب العمل قبل أن يعطي للعامل أجره المتفق عليه مسبقاً، يريد أن يستنفد قواه جميعاً، فيرهقه فوق ما يطيق، ويحمله ما لا يستطيع، يقول تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: 286)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُكَلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» (رواه البخاري).

4- تأمين بيئة العمل:

النفس في الإسلام محرمة ومقدسة لا يجب الاستهانة بها، فمن حق العامل أن تكون بيئة عمله آمنة بها كافة وسائل الحماية والرعاية، فالإهمال جريمة في حق الإنسان قبل أن يكون مخالفة قانونية، ويجب أن تكون بمكان العمل كافة أدوات السلامة المهنية، وأن يكون العامل نفسه على دراية كاملة بما يمكن أن يقع أثناء عمله حتى يكون جاهزاً وينتبه.

5- حق أداء العبادات على وقتها:

من حق العامل أن يقطع عمله لأداء الصلاة في وقتها، وكذلك تناول إفطاره إن كان صائماً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسلمان، وأبي الدرداء: «إنَّ لربك عليك حقًا، وإنَّ لنفسك عليك حقًا، وإنَّ لأهلك عليك حقًا، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه» (رواه البخاري).

6- رعاية العامل عند العجز أو المرض:

العمال في هذا أنواع حسب نوع العمل وطبيعته، فهناك من يعمل حتى يبلغ سناً معينة، وبعدها يحال العامل للتقاعد، في هذه الحالة واجب على صاحب العمل أن يؤمن العامل في حال وصوله هذه السن وعدم قدرته على العمل، وهناك من يعمل لفترة زمنية محددة، أو حتى إنهاء عمل معين، فإذا كان بهذه الحال، وأصيب مثلاً أثناء العمل، أو تعب أو مرض فلم يعد قادراً على استكمال عمله في الوقت الحالي، فلا يتركه صاحب العمل نهبة للحاجة والفقر.

يقول تعالى: (وفي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (الذاريات: 19)، فالضمان الاجتماعي ليس منة من صاحب العمل، وإنما هو حق من حقوق عامله فرضه الله تعالى عليه، إنه التكافل في الإسلام الذي يحفظ كرامة العامل في ضعفه وحاجته أو عجزه، ويعكس روح المجتمع المؤمن الذي يشد بعضه بعضاً كالبنيان.

7- العدالة والمساواة:

يقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: 90)، فالعدالة والمساواة بين العمل ليس المقصود بها مساواة الأجور مع اختلاف نوع العمل، وإنما العدالة في توفير فرص العمل للجميع على حد سواء، فلا عنصرية أو محاباة، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح، المقصود بها ليس المساواة في الثروة، وإنما المساواة في توفير الفرص التي تساعد الإنسان على الانطلاق لبناء حياته والمساهمة في تنمية مجتمعه وفقًا لإمكاناته، «ومن الطبيعي أن تختلف النتائج والعوائد من فرد لآخر، ولن يحدث تساوٍ كامل في الثروة أو في المخرجات، لكن الأهم هو إتاحة فرص التعليم الجيد لكل المواطنين، وكذلك توفير العلاج، وفرص العمل، والحقوق العامة»(1).

8- حق التدريب والتعليم والتهيئة:

الإتقان واجب على العامل؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (رواه الطبراني)، وحتى يصل إلى مرحلة الإتقان، فعليه أن يتدرب جيداً خاصة إذا كان مجال العمل جديداً عليه، وتلك مسؤولية صاحب العمل، فكل فرصة للتدريب أو التطوير المهني حق مشروع للعامل، وواجب على المؤسسات التي يعمل لديها.

9- المشاركة في القرار:

يقول الله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر) (آل عمران: 159)، مبدأ الشورى في الإسلام لا يستثنى منه أحد، حتى لو كان عاملاً بسيطاً، فقد يرى ما لا يراه صاحب العمل نفسه من زاويته الخاصة، خاصة إذا كان مدرباً بشكل جيد، أو عمل من قبل في نفس المجال واكتسب خبرة ما، فالعامل ليس ترساً في آلة الاقتصاد، بل إنسان له رأي وخبرة وتجربة يجب الاستفادة منها.

10- الكرامة بعد العمل:

كما أنه لا يجوز انتهاك كرامة العامل أثناء عمله، فكذلك يجب أن تظل كرامته محفوظة حتى بعد الانتهاء منه، يقول تعالى: (ولَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) (البقرة: 237)، فكذلك بعد انتهاء الخدمة يبقى العامل مكرماً، فلا ينسى من أفنى عمره في خدمة عمله، ففي ثقافة الإسلام قيمة الإنسان ثابتة لا تتغير، بل في فترات الكبر والعجر يجب تكريمه بشكل أعلى والاعتراف بعطائه، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس» (رواه الترمذي).




__________________

(1) د. حاتم عبدالمنعم، أستاذ علم الاجتماع البيئي بجامعة عين شمس.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة