الأمن اللغوي

د. جابر قميحة

04 أغسطس 2025

93

 

 

... وأخيرًا: علينا أن نُحقِّق ما يمكن أن نسمِّيه "الأمن اللغوي"، وأقصد بهذا الأمن اللغوي: استقرار اللغة على نحوٍ صحيح وسليم بعيدًا عن كل ما يُهدِّدها، ويعبَث بها، ويَهبط بمستواها، ويكون ذلك باتِّباع وسائل وقائية جادَّة تضمن لها حياتها وبقاءها ونقاءها.

ولتحقيق ذلك، أرى تشكيل هيئة "للرقابة اللغوية" تتكوَّن من لجان متعددة يقوم عليها علماء وخبراء مشهود لهم بالقدرة اللغوية، وتكون مهمتها:

أ‌- المراجعة النهائية للصحف قبيل طبعها؛ وذلك من الناحية اللغوية والقواعدية، بحيث لا تُطبع الصحيفة إلا إذا أُجيزت من (الرقيب اللغوي)، وتمتدُّ هذه الرقابة كذلك إلى المواد الإذاعية والتلفازية.

وقد يبدو هذا الأمر - في تصوره - غريبًا، ولكننا إذا تأملناه لم نجد فيه أية غرابة أو شذوذ، ففي بعض البلاد العربية رقابة سياسية على الصحف؛ ترفع منها قبل الطبع ما يتعارض مع النظام السياسي، أو ما يُسيء إلى أمن الدولة والناس، سواء أكان ذلك خبرًا أم مقالًا، أم معلومة ذات طابع سرِّي.

اللغة العربية.. شعار وهُوية المسلمين |  Mugtama
اللغة العربية.. شعار وهُوية المسلمين | Mugtama
تعدُّ اللغة خصيصة من الخصائص التي تميز بها الإنسا...
mugtama.com
×

كما أن العدوان على اللغة العربية بالذات في معناها ومبناها وقواعدها يُعدُّ عدوانًا على دين الأمة المسلمة؛ فكتابها القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين، والعدوان اللغوي يُبعد الأمة تدريجيًّا عن هذا البيان، وهو عدوان كذلك على تراثنا العربي الذي يُمثِّل ثروة تاريخيَّة ضخمة، فمُباعدتنا عن لغتنا السليمة بارتِكاب الأخطاء، يُحقِّق تباعدنا عن هذا التراث التاريخي العظيم، وقد يتحوَّل إلى انفصام نكد بيننا وبين ماضينا العظيم بكل ما ضم من ذخائر، وكل ما جمع من أمجاد.

وعَودًا على بَدءٍ نقول: إن ما قدمناه في هذا الفصل الأخير لا يمثِّل خطة مفصَّلة متكاملة؛ فذلك يحتاج إلى مباحث مطولة، ولكنها - كما قلنا - مجرَّد "معالم على طريق الإنقاذ" اعتمادًا على اجتهاد شخصي آمل أن يكون صوابًا، والحمد لله رب العالمين.

المصدر: شبكة الألوكة

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة