إعلاميون لا يُنسون أبد الدهر
                    د. محمد فرمان الندوي
مدير تحرير مجلة «البعث الإسلامي»، ندوة العلماء (الهند)
تغطية الأحداث
ونشر الأخبار الصحيحة من وظائف الإعلام الإسلامي، فهو آلة صماء، يمكن استعمالها في
زرع الخير وبث الشر، فالإعلام الهادف يُعتبر وسيلة بناء لا معول هدم، ويُستخدم في
صالح الإنسانية، أما الإعلام الماجور المرتزق فإنه يُستعمل في تشويه الحقائق، وبيع
الضمائر، وترويج بضائع النفاق، وخدمة المصالح الحقيرة، ويستغله أصحاب أغراض ساقطة،
وأفكار هزيلة. 
وقد احتكر
الإعلام المؤسسات اليهودية، فإنها تصرفها كيفما تشاء، وتجعل الحبة قبة، أو تصغر
الوقائع الكبرى، وتشوِّه الحقائق، وتنشر الخلاعة والاستهتار والدعارة والمجون، فيعجب
الناس بصورها الجذابة، ولافتاتها الخلابة، ويسحرون بعناوينها المزخرفة، وإعلاناتها
المسترعية للانتباه، هذا الإعلام سواء كان مطبوعاً أو إلكترونياً أو رقمياً له
آثار سلبية على المجتمع الإنساني. 
دور الإعلام في «طوفان الأقصى»
وقد ظهر كلا
النوعين من الإعلام في «طوفان الأقصى» منذ اندلاع حرب الإبادة، إن الإعلام الغربي
الماجور أراد أن يسدل الستار على الحقائق الثابتة والظواهر المعترف بها، لكن الله
تعالى قيض الصحفيين والإعلاميين الغيارى الذين أدوا واجباتهم بأمانة وصدق نحو
الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الاحتلال «الإسرائيلي»، ويئن بآلام الجروح
المتتابعة، ومسلسلات القهر والظلم والاستبداد الشنيع، وكان نصيب قناة «الجزيرة»
أوفر وأكثر، فانكشف أمام مرأى الناس ومسمعهم قتل «إسرائيل» الممنهج، والتجويع
المدقع والتهجير القسري والإبادة الجماعية، وإخلاء أرض غزة من سكان الأصلاء
الآهلين بها منذ زمن لا بأس به، ولولا هذا الإعلام الهادف البناء ما أمكن الاطلاع
على الأوضاع والظروف المستمرة في غزة، وبالتالي الاحتجاجات والاعتصامات التي جرت
ولا تجري في العالم كله مساندة وحماية لفلسطين. 
الإعلاميون والصحفيون وشهادتهم في «طوفان الأقصى»
التقارير الآتية
من غزة تكشف هذا الواقع المرير أن الصحفيين والإعلاميين الذين استشهدوا جراء
الاستهدافات «الإسرائيلية» يبلغ عددهم حتى 11 أغسطس 2025م حوالي 238 صحفياً، حيث إن
هذا العدد الهائل لم يكن لديه أي مسؤولية سوى تغطية الأحداث في غزة، وقد أدى هذا
الإعلام دوراً قيادياً في سبيل تحرير الأرض المقدسة، ومن بينهم: الصحفي أنس الشريف،
الصحفي الفلسطيني الشاب الذي وُلد في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ونال شهادة البكالوريوس
في الإعلام، وتخصص في الإذاعة وقراءة الأنباء. 
وقد بدأ عمله
الصحفي منذ عام 2014م، لكنه التحق بقناة «الجزيرة» قبل سنتين، وقد قام بإعداد
تقارير موسعة عن المجازر والإبادة الجماعية، حتى لقي تحديات سافرةً وتهديدات
خطيرةً، وأخيراً استشهد في 10 أغسطس 2025م في قصف «إسرائيلي»، واستشهد معه الصحفي
محمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومحمد رياض نوفل.. وغيرهم، فهؤلاء الشهداء لم يفارقوا
الدنيا، بل لا تزال ذكرياتهم تحيي الضمائر الميتة، والقلوب الخامدة. 
ودفن الشريف بعد
شهادته، لكنه لم يمت، ولن يموت، فإنه ترك وراءه عزة وإباء، ونفخ في النفوس روح
الهمة والطموح، وقدم مثالاً رائعاً للصحفيين والإعلاميين الذين يبيعون كل شيء بدل
حطام الدنيا، ويؤثرون العاجلة على الآجلة، فطوبى لهذا الصحفي المجاهد، وبشرى له
بالفردوس. 
جريمة نكراء في القوانين الدولية
إن اغتيال
الصحفيين والإعلاميين جريمة نكراء في القوانين الدولية، وقد صدرت لصيانتهم قرارات
وتوصيات توفر لهم الأمان والسلامة في كل دولة، لكن يا لقساوة الاحتلال فإنه لا
يرعى قانوناً ولا دستوراً، ولا يحمل مثلاً إنسانيةً ولا قيماً نبيلة، فإنه لا يعرف
إلا لسان القوة، ولا يفهم إلا لغة الدمار!