; دلالات حول الخطاب السقيم والمنطق العقيم | مجلة المجتمع

العنوان دلالات حول الخطاب السقيم والمنطق العقيم

الكاتب د. محمد بن موسى الشريف

تاريخ النشر السبت 07-أكتوبر-2006

مشاهدات 14

نشر في العدد 1722

نشر في الصفحة 22

السبت 07-أكتوبر-2006

● ما بال البابا وقد ابتلي بدين لا يقبله العقل ولا المنطق السليم، كلامه نفثات المصدور وحزن المفلس فكنائسه تباع في أوروبا، وغزا قومه الإلحاد والشذوذ.

فوجئ العالم كله بحادث مزعج، تناول الإسلام ورسول الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام، واستيقظ على خطاب للبابا نكد، غير موفق ولا مسؤول، أسدل به الستار على مؤتمرات الحوار، وكشف به المستور عما يكنه صدره الموتور، ولقد تابع العالم كله تفصيلات اتهامه الإسلام ورسوله العظيم عليه الصلاة والسلام بما يغنيني عن إعادته هاهنا، وبما لا أجد نفسي في حل من ترداده، لكن كانت هذه مناسبة مهمة لتأكيد المعاني التالية في نفوس المسلمين:

أولًا: قوله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ (البقرة: 120).

فمهما حاولنا أن نبين لهم عظمة ديننا، وسمو شريعتنا، وروعة قيمنا فإن القوم قد تعاهدوا على العماية، واتفقوا على الغواية، فلا يبصرون غير حقدهم الأسود، وإذا تكلموا فلا ينطقون إلا بما تخبئه صدورهم من الغيظ، وإلا فالإسلام أنصع من أن ندافع عنه وأوضح من أن ندل عليه، وأكبر من أن نبين عظمته وسموه، لكن ما الحيلة مع أقوام يرون محاسن الإسلام عيوبًا وكمال شريعته نقصًا، ورحمته قسوة وخيره شرًا، ونفعه ضرًا!

ثانيًا: إفلاس هذا الطاعن هو وكنيسته من المعلوم من شأن العقلاء أن الواحد منهم إذا ابتلي ببلية عظيمة أن يستتر، وأن يخشى على نفسه الفضيحة والانكشاف فما بال هذا الرجل وقد ابتلي بدين لا يقبله العقل ولا المنطق السليم، ورمي بملة شوهاء خلطت الوثنية بالملة السماوية، وأصيب بداهية دهياء أفسدت عليه دنياه وأخراه ما باله يعمد إلى التهجم على المنبع الصافي، ويرمي الإسلام العظيم بما هو أهله وأحق به!

لكني أقول: إن ما قام به من كلام هو نفثات المصدور وحزن المفلس المطعون فكنائسه تباع في أوروبا ويشتريها المسلمون ولله الحمد، وقد انفض شيبهم وشبابهم عن سائر كنائسهم فلا يحضرون إلا قليلًا، وغزا قومه الإلحاد والشذوذ، ولقد رأيت من هذا وسمعت عجائب في عقر ديارهم، وأصبحت النصرانية «حمية» بعد أن كانت «ملة»، وتاريخًا وتراثًا بعد أن مل منها الناس الملة تلو الملة، وليت شعري، كيف لا يقول البابا وأمثاله ما قاله وهو يرى إقبال الناس على الإسلام زرافات ووحدانًا، ويرى نصارى الأمس وقد صاروا مسلمي اليوم، ويرى الإسلام وهو يغزو القلوب والعقول، ويلج إلى الأفئدة فيلقى منها كل القبول؟ وكيف لا تتحرك نفسه وهو يسمع بما تقره المحافل الدولية وعقلاؤها من عظمة الإسلام وسمو رسالته في جميع الجوانب، وتتهم النصرانية في الوقت نفسه بتهم عديدة ويرميها أهلها بكل نقيصة وينفض عنها العقلاء الذين يئسوا من منطقها، وتخلو منها معاقل كانت بالأمس هي المسئولية عليها وفارسها، اللهم لا شماتة!

ثالثًا: الإخفاق في نتائج الحوار مع هؤلاء وأمثالهم: إن المتابع لمؤتمرات الحوار التي جرت بين الإسلام والنصرانية ليلحظ بوضوح ضعف نتائجها، وهزال مقرراتها، ناهيك عن بقاء تلك المقررات حبرًا على ورق غالبًا وأي حوار هذا مع ديانة كان رئيسها السابق «يوحنا» قد جاب برحلاته العالم محرضًا على الإسلام؟ ومع ديانة اجتمع أربابها سنة ١٣٩٨هـ- ١٩٧٨م في كلورادو بأمريكا ليقرروا تنصير مسلمي إفريقيا بكل الوسائل وأنواع الترغيب والترهيب؟

وأي حوار مع ديانة اعتذر رئيسها لليهود ولم يعتذر للمسلمين عن المجازر الرهيبة التي ارتكبتها الكنيسة بالتنسيق مع الدول الاستخرابية الكبرى في القرون الماضية؟ يعتذر لليهود الذين تتهمهم الكنيسة رسمياً بالتحريض على قتل عيسى عليه الصلاة والسلام- كما يزعمون ونحن براء من عقيدة الصلب هذه وتؤمن بأن عيسى رفع إلى السماء ويبرئهم من هذه التهمة التي هي عند النصارى لا تقبل تشكيكًا ولا مراء ولا جدالًا، ثم لا يعتذر للمسلمين الذين ذاقوا من النصارى المر ورأوا منهم الهول!

ويقول د. محمد عمارة: إنه زهد في مؤتمرات الحوار عندما وضع النصارى مقاعد المسلمين أثناء الحوار مع البوذيين ولم يضعوها مع مقاعد اليهود والنصارى، في إشارة لعدم اعترافهم بالإسلام ديانة سماوية وبنبي الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام.

وأي حوار مع نصاري يوصوننا باليهود خيرًا في المؤتمرات الحوارية ويساوون بين الضحية والجلاد؟!

ولم نسمع لهم يومًا كلمة حق في ديننا وفي رسولنا ثم نزعم بعد ذلك أننا تحاور، بل نحن قوم مخدوعون بأمثال هؤلاء.

ومن المعلوم أننا ضعفاء عسكريًا وسياسيًا، فهل يطمع الضعيف يوماً أن ينتزع حقًا من قوي بحوار هو أشبه بحوار الطرشان، وألصق بكلام الخرس ونظر العمي؟! 

ولئن زعم زاعم أننا كسبنا منهم مواقف جيدة في مؤتمرات السكان يوم تمالأ الغرب والشرق على إقرار الفاحشة وتثبيت البائقة فأقول: نعم لكن هل كان ذلك بسبب الحوار أو أنه أمر تابع لقناعاتهم وما يرونه حسنًا؟!

ثم إني لا أقول بعدم جدوى التنسيق لكن الحوار هو الذي أزعم بعدم جديته في ظل عدم اعتراف القوم بالإسلام ونبيه علي الصلاة والسلام، ثم أي حوار نريد مع ديانة هذه وجهة نظر رئيسها حول الإسلام ونبي الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام؟!

رابعًا: وجوب الالتزام بالإسلام:

كل هذا الذي يجري من حولنا اليوم ابتداء من غطرسة أمريكا وعنجهيتها، ومرورًا بتجبر إخوان القردة، وبتخاذل أوروبا والصين عن نصرة المسلمين وبتصريحات البابا الحالي والسابق، هذا التكالب الكبير للأحداث على أمة الإسلام ألا يغري البعيدين منا من دينهم بالاقتراب، وعض النواجد عليه والكف عن الاغتراب؟!

ألا تحث هذه الأحداث العلمانيين منا والمتحررين على مراجعة شأنهم وتغيير طريقتهم وإعلان التوبة النصوح، والتبرؤ من التمرد والجموح؟!

ألا تنبه هذه الأحداث المغرورين من الحكام والمحكومين بخطر ما نحن مقبلون عليه من الأحداث، فيقدموا تقوى الله على كل شيء، ويرجعوا إلى المولى فيحكموا شريعته، ويرفعوا لواء دينه؟ خاصة إذا فهمنا أن تصريحات البابا تزامنت مع تصريحات بوش حول «الإسلاميين الفاشيين»، وتصريحات بلير في أمريكا عندما قارن بين حضارة الغرب وحضارة الإسلام، وهذا كله يدق جرس الإنذار عند أولي الألباب بأن شيئًا عظيمًا كائن، وبأن أمرًا جللًا قادم.

أنا لا أريد الفتنة ولا التهييج، لكن أحذر بأن المسلمين لن يصبروا طويلًا على الاستهانة والاستخفاف بدينهم عقيدة وشريعة، وعلى الهجوم المبرمج المخطط له الذي يتواصى به القوم ويقذفون به في وجوهنا بين الفينة والأخرى. 

ثم أليست هذه الهجمات على الإسلام هي التي تغذي الغلو وتقوي التطرف وتضرب عرض الحائط بكل دعوات التفاهم والتسامح؟!

لذلك كله:

  • أدعو علماء المسلمين ليكون لهم موقف قوي ضد هذه الهجمة القوية -من البابا وغيره من الساسة- على الإسلام والمسلمين، وأن يفندوا شبهاتهم، وأن يقفوا بقوة في وجوههم حتى يظهر للمسلمين مكر أولئك وكيدهم، وليكونوا على بصيرة من دينهم.

  • وأدعو عقلاء الغرب والشرق ومفكريهم من الملل المختلفة لقراءة هذه التصريحات الشوهاء، ودراسة هذا الدين العظيم، والمقارنة بين جواهره وما يتهمه به أولئك، ومن ثم التبين والتبصر، وألا ينساقوا خلف شبهات الطغاة والجبارين والضالين، وليقفوا على مكامن العظمة ليتلمسوها بأنفسهم، عسى أن يهتدوا لهذا الدين ويصبحوا من جنده الموحدين ويفارقوا ملل الضلال والكفر. 

  • وختامًا أخاطب إخواني من المسلمين والمسلمات قائلًا: لا تقلقوا فهذا دين الله تعالى، وهو جل جلاله يريد أمرًا من وراء ذلك كله لن يخذلنا فيه ولن يسلمنا، وإن بوادر النصر التي بدأت تظهر هي التي أفقدت القوم صوابهم وأورثتهم خطأ في القول وخطلاً في العمل، فاثبتوا على دينكم واعلموا أن النصر قادم والإسلام ممكن له في الأرض ولو بعد حين، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله والله أكبر والعاقبة للمتقين، وأقول للعالمين: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ (ص: 88).

الرابط المختصر :