العنوان قضايا المجتمع (118)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 19-سبتمبر-1972
مشاهدات 14
نشر في العدد 118
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 19-سبتمبر-1972
كلمة للمستقبل
على الرغم من كل ما قيل وما سيقال عن عملية الفدائيين في ميونيخ، ففي رأيي أنها من أنجح العمليات، وأنها استعادة للمعنى الذي افتقدته هذه الأمة طويلًا، المعنى القتالي، المعنى الاستشهادي أن الأمة التي يبحث أكثر أفرادها عن الشهرة والظهور بمظهر الأبطال دون أن يقدموا على أية مخاطرة تساوي حياتهم، هذه الأمة كانت في طريقها إلى الزوال عن استحقاق وجدارة.
أما الفدائيون الأبطال فقد غيروا الصورة، وعلمونا أن هذه الأمة لم تفقد بعد قوى الحياة، بل علمونا أن ثمة من ينتسبون الى هذه الأمة هم أعداؤها الحقيقيون، إنني لم أبالغ من الاهتمام بالهجوم على سوريا ولبنان، إننا أمة يجب أن تتعلم، يجب أن تعي عبرة التاريخ، يجب أن تخرج عن دلها وبحثها، في ذل لم نشهده في تاريخنا كله، عن أي خداع تعيش به فترة أخرى إلى أن يتمكن الإسرائيليون من التهام البقية في أحشائها.
لقد ذكرت في حديث سابق - نقلًا عن الفدائي الياباني - أن أمتنا في نظر هذا الفدائي - وفي نظري - ينقصها الحافز الروحي.. ينقصها إرادة القتال.. البحث عن الحياة من خلال التعرض للموت.
وقد أعادت عملية ميونيخ إلى قلبي بعض الأمل وقد أثبتت بجلاء أن الذين يتكلمون غير الذين يعملون، وأن أصحاب الشعارات التي تتاجر بفلسطين منذ ربع قرن هم آخر من يعمل لفلسطين أو قل هم أول البائعين لفلسطين وللأمة العربية والإسلامية كلها.
● هكذا علمنا تاريخنا
أيها العرب ملأتم قلبي قيحًا
معذرة للإمام علي رضى الله عنه أن اقتبسنا منه هذا التعبير ولئن كان المنافقون من أهل الشقاق والنفاق قد ملأوا قلبه رضي الله عنه قيحًا..
فإن الأمة التي أصبحت كلها - إلا قليلًا ممن رحمهم الله - منافقة ومتاجرة بالشعارات ومتسولة على موائد الأفكار، لا تريـــد القتال لا صيفا ولا شتاء.
هذه الأمة قد ملأت قلبي قيحًا حقيقة، إن القتال «كره لنا» لكنه «كتب علينا» وهو قدرنا وسنة الله في البشر.
عندما انتهت غزوة الخندق بادر الرسول عليه الصلاة والسلام فورًا إلى بني قريظة الخائنين اليهود وأصدر توجيهاته بأن لا يصلين أحد من المسلمين إلا في بني قريظة.. هكذا استوجب الشرف وبهذا أمرت العقيدة، أما الذين لا يحسون بشرف ولا يملكون عقيدة فحسبهم رفع الشعارات والتبعية الذليلة.
ولا شيء ينتظرهم غير موت الأذلاء.
الخطر من هنا
إنني أنظر إلى التجربة الجزائرية بعين الخوف والحرص والأمل، وفي ليل الأمة العربية الأليل، لم تعد ثمة صفحة تنضح بالأمل - في تصوري - إلا هذه الصفحة..
ولأكثر من سبب وعلى الرغم من عشرات الصخور، اجتازت التجربة الجزائرية مراحل عديدة في طريق كفاحها الإسلامي والعربي الطويل، والشيء الذي أؤمن به، ويؤمن به کل عاقل تهمه أمور هذه الأمة، أن الاستعمار «الأمريكي - الروسي» لن يترك الجزائر تعبر طريق التنمية بسلام، إنه يفكر جيدًا في وضع عوائق وصور لها، يفكر في امتصاصها وقتلها في مهدها.
والطريق المعروف لتحقيق هذا الغرض الخبيث في لعبة الأمم هو خلق متاعب داخلية وخارجية، إغراق الأمة الجزائرية بالشعارات المتناطحة، إيجاد صور من الصراعات بينها وبين جاراتها.
قد يأتي هذا الخطر على الجزائر من قيام حركة شعاراتية داخلية، ربما، وقد يأتي هذا الخطر من قيام حركة شعاراتية أيضًا في المغرب «مراكش» تبدأ بإثارة مشاكل الحدود وإثارة النعرات القبلية عرب وبربر.
المهم أن الاستعماريين لن يسكتوا على التجربة الجزائرية التي تبدو شابة وفتية وقابلة لمزيد من العطاء.
ومن الجزائر نفسها أو من المغرب الأقصى سوف يثيرون ضدها المشاكل القاتلة.
نأمل أن يفهم هذا هؤلاء الذين يحاولون اللعب بالنار دون أن يرصدوا بوضوح معالم الطريق الذي يتخبطون فيه!
مطلوب مؤلف لهذا الكتاب
الربع قرن الأخير من تاريخ هذه الأمة رحلة طويلة من التمويه والتضليل وإذا كانت النتائج توحي بنوعية الوسائل فإن ٤٨، ٥٦، ٦٧ والهوان العربي الأسيف، ومرارات البحث عن السلام الذليل، وفرقة الصف العربي وعشرات الشعارات المرفوعة في السماء العربية و الرفض المتعمد للإسلام منهج عمل وغاية حياة ورسالة حضارية..
هذه النتائج لا يمكن أن تكون قد ارتفعت وسيطرت اعتباطًا.
إن هناك حملة تضليل كبرى سيطرت على امتنا هذه الرحلة الأخيرة من تاريخها، رحلة ربع القرن الذليل.
أحيانًا اسأل نفسي هل يمكن أن يكون كل قادتنا هؤلاء عربًا؟ هل يمكن أن يكونوا جميعًا ذوي انتماء عربي وإسلامي؟
• • •
أنا لا اقصد قادة الأيديولوجيات الوافدة فهؤلاء لا شك في أن لهم انتماءات أخرى، وإنما أقصد القيادات التي ملكت، وقادت، ونجحت في أن تقودنا ببراعة نحو حتفنا، قادتنا عبر حملة تضليل غريبة كنا فيها أكثر من عمى وأكثر من صم وبكم.
وتاريخ حملة التضليل هذه هو الموضوع المطلوب تأليفه ككتاب هذا الأسبوع .
حاول أن تقرأ
شخصية المسلم كما يصورها القرآن
للدكتور مصطفى عبد الواحد
لا يحتاج المسلمون في هذه الأيام النكداء الى بحوث مترفة ولا ثقافة هائمة ولا كتابات تتصنع الأكاديمية إنما يحتاجون قبل كل شيء إلى أن يتعلموا كيف يكونون مسلمين حقا!
وانطلاقًا من هذا يحاول الدكتور مصطفى عبد الواحد أن يرسم صورة للإنسان المسلم المتكامل وهو في لوحته التي رسمها بقلم الفنان الإسلامي الثقافة والعمل إنسان: مؤمن بربه وبالآخرة وبالقدر وبالملائكة وبالرسل فالمسلم يتميز أساسًا بهذا البناء العقائدي المرتفع عن طوابق التصورات المادية الهابطة، وهذا البناء من الخطر في البناء الإسلامي بحيث استغرق ثلاثة عشر عاما من عمر الدعوة البالغ ثلاثًا وعشرين سنة.
والملامح الأخرى المكملة للشخصية الإسلامية فهي صلته بربه فهذا الإنسان الإسلامي تتحدد حياته وفقا الاعتبارين، حياة وآخرة، وجانب الآخرة مقدم على جانب الفانية، لكنهما معُا مكملان للمسيرة، فهو في علاقته بربه إنسان عابد له عبادة حب وشوق وهو يرجو رحمته ويخشى عقابه ذاكر له كل حين، ملازم للقرآن صائم عن الدنايا حاج لبيت الله في ما له حق معلوم.
ومع الحياة والناس يرسم المؤلف للمسلم ملامحه التي تكمل بها صورته والمسلم مع الناس والحياة الناس والحياة، صادق في قوله وعمله، حافظ لأمانته، متسامح مع الخلق، صبور على الشدائد، عفيف قنوع، باحث عن المعرفة مستزيد منها، قِوَى صحيح البنية، إلى كريم النفس بعيد - في حياته ـ عن الحرام.
إن المسلم كما يصوره الدكتور مدينة فاضلة مستقلة مضيئة، أو هو قرآن متحرك يحمل النور أينما سار.
شيء من الصدق
الذين يبحثون عن حلول لمشاكلهم لا يرقصون على الحبال، فأنصاف الحلول هي الطريق إلى تعميق الجريمة.
في بانكوك بتايلاند تم تنفيذ حكم الإعدام رميا بالرصاص في اثنين من الشحاذين اتهما باغتصاب طفلة صغيرة داخل معبد كما حكم بالسجن المؤبد على ثلاثة آخرين اشتركوا في الاعتداء على الطفلة
هذا ما حدث في تايلاند، في البلاد التي لم يتوفر لديها دين يرجم الزاني ويقتل القاتل ويقطع يد السارق ويقتل أهل صنعاء لو تمالؤوا على قتل رجل لأن معنى الجريمة هو معنى الجريمة ولا بد من بتره كمعنی وكمضمون.
أما نحن فقد جعلنا من قوانينا الإسلامية ملطشة لكل مستهتر وسخرنا منها وسلطنًا عليها دعاة الانحلال والفوضويين!
الكرامة
أعلن أكثر من مسؤول في البلدين اللذين ضربا انتقامًا لعملية ميونيخ أن بلديهم لا علاقة لهما بالحادث وأن كلًا من بلديهما غير مسؤولة عن حدوث مثل هذا العمل، وقد هللت الصحافة في هذين البلدين لتصريح مسؤول ألماني بأن البلاد العربية غير مسؤولة عن الحادث.
أين الذين ما كانوا يسألون أخاهم في النائبات على ما قال برهانًا؟ فضلا عن أن يتبرأوا منه؟
نداء! إلى الباحثين عن العلم
ما من عالم عبقري ينفذ إلى بعض أسرار الحكمة والنظام في الخلق إلا ويكون إيمانه بالله عظيمًا.
إن المعلم لا يستقيم في مشيته بلا إيمان، وأن الإيمان لا يستنير بغير العلم.
إن أجمل هزة نفسية نشعر بها هي تلك الهزة التي تغزونا عندما نقف على عتبة الخفاء من باب الغيب، إنها النواة لمعرفة الحق في كل فن وكل علم وأنه لميت ذلك الذي يكون غريبًا عن هذا الشعور، فيعيش مستغلقًا رعبًا، من غير أن تجد روعة التعجب إلى نفسه سبيلًا، أن جوهر الشعور الديني في صميمه هو أن نعلم بأن ذلك الذي لا سبيل إلى معرفة كنه ذاته موجـود حقًا ويتجلى بأسمى آيات الحكمة وأبهى أنوار الجمال التي لا تستطيع ملكاتنا العقلية المسكينة أن تدرك منها إلا صورها الجبلية في السطح دون الدقائق في الأعماق.
أي إیمان عمیق بالحكمة التي بني عليها هذا الكون كان إيمان كبلر ونيوتن ؟ وأي شوق لهاب كان شوقهما لأن يريا أضاء شعاع من نور العقل المتجلى في هذا الكون؟، إنني لا أستطيع أن أتصور عالمًا حقًا لا يدرك أن المبادئ الصحيحة لعالم الوجود مبنية على حكمة تجعلها مفهومة عند العقل، إن العلم بلا إيمان ليمشي مشية الأعرج، وإن الإيمان بلا علم ليتلمس تلمس الأعمى.
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل