العنوان برنامج نتنياهو... وبرنامج العرب!!
الكاتب أحمد منصور
تاريخ النشر الثلاثاء 25-يونيو-1996
مشاهدات 712
نشر في العدد 1205
نشر في الصفحة 33

الثلاثاء 25-يونيو-1996
نسف رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو أوهام دعاة السلام في المنطقة، وأكد من خلال الحكومة التي شكلها والبرنامج الذي طرحه على أن إسرائيل ليست دولة علمانية كما يحلو لبعض دعاة الصلح معها أن يرددوا، وإنما هي دولة صهيونية تقوم على أفكار تلمودية ونصوص توراتية، ولا يمكن أن تشهد المنطقة في ظل وجودها أي شكل من أشكال الأمن أو الاستقرار، لأنها تقوم على مبدأ الاغتصاب والاحتلال وانتهاك حقوق الآخرين واستباحة دمائهم وأرضهم وأعراضهم، ورغم أن بعض الواهمين العرب يقومون بتصوير الإسرائيليين بغير ذلك إلا أن شريط الأحداث والممارسات التي تشهدها المنطقة منذ بداية نشاط المنظمات الصهيونية في فلسطين في أعقاب الحرب العالمية الأولى وحتى الآن تؤكد على ذلك، ورغم أن هدف إسرائيل الأساسي من توقيع اتفاقيات الصلح مع العرب هو مجرد تأمين حدودها من جيرانها وإلزامهم بحماية أمنها كما حدث مع مصر والأردن ومنظمة التحرير حتى تتفرغ لاستكمال تفوقها على العرب وهيمنتها الاقتصادية والسياسية على المنطقة، فقد وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، وقبله رابين من بعض العرب من يصفونهم بحمامة السلام بينما أيديهم ملطخة بدماء العرب والمسلمين.
أما بنيامين نتنياهو فلم يترك لدعاة السلام مع إسرائيل أية فرصة ليحلموا، فقد جاء بحكومة نصفها من الجنرالات ذوي التاريخ الحافل بالمجازر والمذابح والحروب مع العرب، ونصفها من الحاخامات الصهاينة الذين ساهموا في وضع برنامج الحكومة وأكدوا على صهيونيتها وأهدافها التوسعية، وحتى يؤكد نتنياهو للعرب بأن المعركة مع اليهود هي معركة عقائدية دينية وليست معركة سياسية أو عسكرية، فقد جعل على رأس أقوى وزارتين من وزاراته اثنين من اليهود العرب، حتى يذيقوا أنصار السلام العرب من المرارات ما لم يتجرعوه من قبل.
أما الأول فهو وزير الخارجية ديفيد ليفي، وهو يهودي مغربي تشير بعض المصادر الصحفية إلى صلة مصاهرة بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة بطرس غالي، حيث إن كُلًّا منهما متزوج من ابنة تاجر ﺍلحلويات المصري اليهودي المشهور «نادلر» وليفي هو الذي سيتولى ملف المفاوضات مع العرب إن كانت هناك مفاوضات.
أما الوزير الثاني فهو الجنرال إسحاق موردخاي الذي عين وزيرًا للدفاع، وهو كردي عراقي هاجر إلى فلسطين مع أبيه الذي كان حاخامًا في عام ١٩٥٠ م، وقد لعب مردخاي في الستينيات دورًا في دعم العلاقة بين إسرائيل وبعض الأكراد الانفصاليين وسوف يتولى موردخاي عمليات الإبادة والحروب التي سوف يشنها الجيش الإسرائيلي ضد العرب خلال السنوات القادمة.
أما برنامج حكومة نتنياهو فقد نسف أوهام السلام كلها بداية من الديباجة إلى آخر سطر فيه، فالتزامًا بالمنطق التلمودي والأفكار الصهيونية قال نتنياهو في مقدمة برنامج الحكومة الذي تم إقراره من الكنيست الإسرائيلي: «الحكومة مؤمنة بالحق الأبدي للشعب اليهودي في أرض إسرائيل وأرض إسرائيل لدى الصهاينة لا تعني أرض فلسطين التي تم احتلالها في عام ١٩٤٨م، أو التي تم الاستيلاء عليها في عام ١٩٦٧ م، أو الأراضي العربية الأخرى التي تم الاستيلاء عليها بعد ذلك، وإنما أرض إسرائيل تضم مناطق كبيرة من مصر والأردن وسورية ولبنان وحتى العراق، وهذا نص واحد في برنامج حكومة نتنياهو لا يحتمل تفسيرًا آخر».
أما ما يتعلق بالقدس فقد قال برنامج الحكومة الإسرائيلية عنها: « تعزيز مكانة القدس بوصفها العاصمة الأبدية الموحدة للشعب اليهودي» وستعمل الحكومة على منع أي نشاط يتعارض مع هذا المبدأ.
أما سلطة الحكم الذاتي وزعيمها فليس لهما أي ذكر في كل خطابات نتنياهو وبرامجه، بل إن ياسر عرفات يطلب لقاء نتنياهو منذ أن تم إعلان فوزه إلا أن نتنياهو يرفض لقاءه إمعانًا في إذلاله والاستهانة به، وقد أكد نتنياهو على موقف حكومته من عرفات وسلطة الحكم الذاتي في كتابه الجديد الذي صدر في باريس في الأسبوع الماضي تحت عنوان: «سلام وأمن للتخلص من الإرهاب» حيث أكد على أن حكومة العمل أخطأت في توقيع اتفاق أوسلو ومنح أية سلطة للفلسطينيين، لأن هذا في تصوره يعتبر دعمًا للإرهاب، وقد أكد على هذا برنامج حكومة نتنياهو حيث نص على أن الحكومة «ستعارض إقامة دولة فلسطينية مستقلة أو أي كيان ذي سيادة في الضفة الغربية لنهر الأردن» وتعارض «حق العودة» للجماهير العربية إلى أرض إسرائيل، وبذلك يكون نتنياهو قد قطع على عرفات أي أمل في أية مكاسب مستقبلية لسلطته.
أما الاستيطان فقد ذكر برنامج الحكومة الإسرائيلية أنه في كل تسوية سياسية تصر الحكومة على ضمان وجود الاستيطان اليهودي وتعزيزه وضمان صلته بإسرائيل، وتعتبر الحكومة الاستيطان في الجولان وفي وادي الأردن وفي يهودا والسامرة «الضفة الغربية» وفي قطاع غزة مهمة وطنية كبرى، كما أن الاستيطان جزء من النظام الأمني لدولة إسرائيل وتعبير عن تجسيد الصهيونية».
أما الجولان فقد أزال نتنياهو أي التباس لدى سورية بشأنها، ونص برنامج حكومته على أن هضبة الجولان منطقة حيوية لأمن إسرائيل ولحماية مصادر المياه لها، وستكون سيادة إسرائيل على الجولان أساسًا لكل تسوية مع سورية.
أما جيش إسرائيل باعتباره القوة الضاربة للدولة الصهيونية فقد قال عنه نتنياهو: « حكومة إسرائيل تدأب على تعزيز جبروت جيش الدفاع الإسرائيلي وسائر الأذرع الأمنية الأخرى بهدف ردع العدو ومنع الحرب والدفاع عن الدولة وسكانها» ولبيان أن كل موقع في العالم العربي يمكن أن يكون هدفًا لجيش نتنياهو الإرهابي ينص البند الحادي عشر من برنامج الحكومة على أنه: « تحفظ الحكومة لنفسها الحق في تفعيل جيش الدفاع الإسرائيلي وأذرع الأمن ضد تهديدات الإرهاب حسب الحاجة، وفي أي مكان، بغية ضمان سلامة سكان الدولة وأبناء الشعب اليهودي».
هذه هي أهم البنود في البرنامج الإرهابي لحكومة نتنياهو وهي واضحة تمامًا وليست بحاجة إلى مزيد من الشرح أو التعليق، فما هو يا ترى برنامج العرب للرد على برنامج نتنياهو، هل سيكون مزيدًا من الاستسلام أم ردًّا على الحرب التي أعلنها نتنياهو على العرب؟
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
«الخطة الخمسية».. التهويد الشامل للقدس ومحو هويتها العربية والإسلامية
نشر في العدد 2183
22
الجمعة 01-سبتمبر-2023

