; في دوامة«الغدر السَياسي»الدولي لا ضمانات... من خارج الأمة | مجلة المجتمع

العنوان في دوامة«الغدر السَياسي»الدولي لا ضمانات... من خارج الأمة

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 08-أبريل-1975

مشاهدات 15

نشر في العدد 244

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 08-أبريل-1975

ندد سفير فيتنام الجنوبية في الولايات المتحدة.. ندد بسياسة أمريكا وتخليها عن حلفائها.

وقد جاء هذا الغضب متأخر أو بعد فوات الأوان. ولا ينفع الندم ساعة الغرغرة!!

المهم أن هذا التنديد يفتح العيون بقوة على حقائق ليس من الوعي ولا من المنطق.. تجاهلها.

هذه الحقائق أن الولايات المتحدة الأمريكية تخلت عن حلفائها وأصدقائها وبطريقة لا تتضمن حفظ ماء وجه الحلفاء ولا الترفيه عنهم في ساعة الكرب.

-        تخلت عن كاي شيك- رئيس الصين الوطنية الذي توفي يوم السبت الماضي.

-        وتخلت عن هيلاسلاسي.

-        وتخلت عن انقلابيي اليونان.

-         وتخلت عن مارشال «تایلاند» بعد الثورة الطلابية التي عصفت به في أكتوبر عام ۱۹۷۳.

-        وتخلت عن لون نول وتركته يفر من كمبوديا في مذلة.

-        وتخلت عن «ثيو» في فيتنام الجنوبية، ووقفت تتفرج على الشيوعيين وهم يسقطون مدن فيتنام الجنوبية مدينة إثر مدينة.. و تخلت. وتخلت. وتخلت. و. و!

وبافتراض أن أمريكا - إنقاذًا لسمعتها - استأنفت إرســال الإمدادات العسكرية لبقايا حكم لون نول. أو استأنفت قصف فيتنام الشمالية. فهل يعوض ذلـك الخسارة الفادحة التي مني بها حلفائها، خاصة بعد أن تمركز الشيوعيون في مواقع استراتيجية تتعذر زحزحتها عنها؟

والسؤال الدائم هو:

 هل هذا التخلي عن الحلفاء يخدم مصالح أمريكا ورغبتها في السيطرة؟ إن الإجابة ينبغي أن تنتقل إلى دائرة أخرى وهي أن السياسة الدولية لا خلق لها.

إن تغيير الموقف بنفس السهولة التي تغير بها البدلة أو يغير بها رباط العنق.. سلوك يجرد أدعياء الحضارة من كل أدعاء إنساني ويصنفها مع الفضائل الوحشية.

﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (الأنفال: 55،56)

والروس في هذا المجال ليسوا بأفضل من الأمريكان فمن المعروف أن الحزب الشيوعي السوداني خطط للانقلاب الدموي المعروف في السودان بتشجيع ودعم الاتحاد السوفيتي.

ولكن بمجرد أن أنهار الانقلاب وفشلت أهدافه سارعت موسكو وأعلنت أنها «لا علاقة لها» بهذا الانقلاب!

الدرس المستفاد من هذه المواقف اللا أخلاقية في السياسة الدولية  يلخص في نقاط:

●     إنهاء أسطورة الاعتماد على الدول الكبرى في ضمان الاستقلال والاستقرار، فليس هناك حلفاء أخلصوا لأمريكا أكثر من كاي شيك و ثيو، وليس هناك حلفاء أخلصوا لروسيا أكثر من عبد الخالق محجوب ود وبشيك.. ومع ذلك  ركل هؤلاء واستغني عن خدماتهم!

●     إن الاحتماء بأمريكا خوفًا من روسيا والاحتماء بروسيا خوفًا من أمريكا لعبة مكشوفة يستفيد منها الروس والأمريكان فحسب.

إن تحرير كل البلاد من هذين النفوذ ضمانة قوية وراسخة تدعم الاستقلال وتحافظ على الاستقرار.

●     إن الثقة بالكافرين ضلال عقائد سذاجة سياسية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ (الممتحنة: 1)

أما السذاجة السياسية فقد تبدت في الوقائع التي ذكرناها آنفًا والخاصة بتخلي الدول الكبرى عن الحلفاء.

●      إن بناء القوة الذاتية- بعد الاستعانة بالله تعالى- وهو الذي يورث الثقة بالنفس- هو الذي ويزود الأمة بقدرة فائقة على مواجهة الأحداث بصبر وسكينة ونفس طويل.

●     إن تأسيس العلاقة بين الحاكم والمحكوم على قواعد واضحة متينة ومتفق عليها قواعد الشورى في الحكم وإدارته، والحرية في التربية و النقد، هذه القواعد تجعل العلاقة بين السلطة والشعب مفعمة بالمحبة والإيثار و التعاون والثقة و الاحترام.

ومن هنا يحس الحاكم أن سنده- بعد الله– هو شعبه وأن العالم لو اجتمع على أن يضره، لا يضره إلا بشيء قد كتبه الله عليه، ولو اجتمع على أن ينفعه لا ينفعه إلا بشيء قد كتبه الله له.

إن القاعدة الشعبية الوفية، الواثقة بالحكم وإدارته هي التي تمكن الحاكم من التحرك فوق أرض صلبة.

ولكن قيام هذه القاعدة الضاربة.. مشروط بالتزام الحاكم بقواعد الشورى والحرية والعدل والاستقامة

الرابط المختصر :