; ماذا وراء كتاب.. «القومية العربية والأتراك»؟ | مجلة المجتمع

العنوان ماذا وراء كتاب.. «القومية العربية والأتراك»؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 28-يونيو-1977

مشاهدات 16

نشر في العدد 356

نشر في الصفحة 48

الثلاثاء 28-يونيو-1977

نظرات ناقدة..

كثيرة تلك الكتب التي تتناول موضوع الإسلام وتاريخ المسلمين إلا أن كثيرًا منها يكون هزيلًا ودخيلًا وزائفًا للحقيقة والواقع، ومن تلك الكتب الحاقدة ما صدر أخيرًا باللغة التركية لكاتب تركي هو الدكتور الهان ارسيل وكتابه القومية العربية والأتراك، وما هو إلا نسخة طبق الأصل من كاتبه، ونذكر نبذة عنه تنبئ عن أهداف الهدم والتخريب والإساءة إلى الإسلام ورجاله في ذات الرجل فهو يحمل الدكتوراه في الحقوق من جامعتي أنقرة وجنيف، وعين مساعد أستاذ الدستور بكلية الحقوق في أنقرة عام ١٩٤٩، ثم عين في عام ١٩٥٨ أستاذًا في نفس الفرع بدرجة بروفسور، وإذ أنه شارك في وضع الدستور عام ١٩٦١، واستقال من عضوية مجلس الشيوخ عام ١٩٦٦، وعاد إلى التدريس، وبعدها أصبح كبير مستشاري مجلس الجامعات الذي يقوم بنشاط في مجال دساتير دول العالم ومقره في نيويورك، وقد وضع أكثر من مؤلفًا من مؤلفات مختلفة، وعلى أثر الحرب العربية الإسرائيلية الأخيرة في أكتوبر ۱۹۷۳، شعر الغرب بالحاجة إلى الاستزادة من المعلومات عن الأقطار العربية وشعوبها، وكان هذا المؤلف أول كتاب تركي يسد ذلك الفراغ.

ولا أدل من سوء طوية الرجل أنه كان في أواخر الخمسينات محاميًا بأجر شهري في خدمة شركة أمريكية تدعى ب «كالتكس»، وكان المحامي يبتاع الأراضي اللازمة لأعمال الشركة من الفلاحين والقرويين بأسعار بخسة «٢٥ قرشًا للمتر المربع»، ويوقع العقود معهم نيابة عن الشركة وكان شديد الحرص على مصالح الشركة الأميركية لدرجة أنه كان يفعل المستحيل لتمكين الشركة من هضم حقوق العمـال والمستخدمين الأتراك دون أن يصغي لرجائهم وحججهم مبينًا لهم أنه تركي مثلهم، مما دعا أحد الموظفين إلى أن يرفع دعوى على الشركة، وظل المحامي أكثر من أربع سنوات يماطل ويسوف حتى فاز صاحب الدعوى أخيرًا، وحجز على أموال الشركة ومع ذلك يذهب هذا الشخص إلى أنه متمسك ومدافع عن القومية بكتابه هذا، ويكفينا أن نختار بعض رؤوس أقلام من فهرست الكتاب لبيان ما امتلأ به الكتاب من مفتريات على الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى الإسلام الحنيف، وما ذلك إلا خدمة لمصالح أجنبية وبإيعاز منها، ونسوق إلى القارئ الكريم جملة من الفهرست:

ص

- جذور القومية العربية الممتدة إلى محمد                                                ٤٠

- محمد أول من أنشأ القومية العربية                                                         ٤١

- محمد يعتقد بأن الشعبين اليهودي والتركي هما بلاء العرب                      ٤٤

- محمد ألقى بذور معاداة الأتراك                                                              ٥٨

- نبي الإسلام يعرف الاتراك تعريفًا سيئًا                                                    ٥٨

- عبد الرحمن الكواكبي يقول: الأتراك أساءوا إلى الإسلام العرب أفضل من الأتراك 

۱۳۹

- الماوردي والإمام الغزالي يستغلان موضوع استيلاء الأتراك على الخلافة لإثارة العداء ضدهم 

١٣٩

- دور العربي الضئيل في بناء الحضارة الإسلامية وجعل الأتراك كبش الفداء في ذلك 

٢٠٤

- محمد خدم العرب وقومتيهم عندما أعتبر اللغة العربية مقدسة وجعلها لغة القرآن 

٢٥٦

- الزعم باستحالة ترجمة القرآن إلى لغات أخرى نظرًا لجمال اللغة وفصاحتها 

٢٧٢

- الأزهر يؤكد أنه من غير الممكن ترجمة القرآن إلى لغة أخرى حرصًا على المصلحة العربية 

۲۷۳

- الشريعة والعبادة كنظام ملائم للفكر البدائي لدى العرب المجردين من الميزة العقلية 

٢٨٧

- آيات في القرآن تحكم بأن الإسلام أنزل على العرب                               ٣٦٠

- استخدام عنصر الدين الإسلامي شأنه شأن اللغة أداة لسياسة التفوق العربي 

۳۷۷

- الله يفضل العرب                                                                              ۳۷۸

- الأتراك تخلفوا عندما كانوا متبعين الشريعة ومتحدين مع العرب وتقدموا عندما اتجهوا مع الغرب 

٤٧٧

- العلمانية التي تكفل تحقيق الذاتية القومية للأتراك والاتجاه نحو الشريعة التي توقع بين التركي وأخيه التركي 

٤٨١

وهكذا نلحظ الافتراء الواضح الصريح على حقائق الإسلام، فهذا الكتاب الذي يزيد على الخمسمائة صفحة لو أننا نقدنا كل ما جاء به من المفتريات والأكاذيب لأخذ ذلك منا ما يربو على المجلدين، هذا مع أن ما سقناه للقارئ من الفهرست يعي ويدرك كل من له أدنى إلمام بالإسلام مخالفته للمعاني الإسلامية الصحيحة، ويدرك أن المذكور ما هو ألا زور وبهتان، إذ كيف يصح أن ينسب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله كافة للعالمين بشير ونذيرًا، كيف يصح أن ينسب إلى القومية؟ وكيف يصح أن يكون القرآن كتابًا خاصًا للعرب وفيه ما يخالف ذلك؟

إن ذلك كله فهم سقيم يتنزه المسلم أن يتفوه به، وشخص كهذا يقف على درجة علمية كبيرة يذهب قلمه لمثل هذه الكلمات فتخرج في كتاب كبير ما هو إلا وسيلة رخيصة من وسائل الاستعمار العديدة، وما هو إلا ذهن مأفون وعقل سخيف جاهل إذ أن ما سطره لا ينطوي إلا على الجهل بالإسلام، وأصوله وتعاليمه لذا يجب على المسلم أن يقف بصلابة إزاء كل فكر كهذا الفكر، لأنه مخالف عن الحقيقة والميزان الثابت لمعرفة بهتان هذا الكتاب هو الرجوع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والسيرة الصحيحة لحياة سلف الأمة وعندها تنجلي بوضوح كالشمس شخصيات وآراء هؤلاء الجاهلين الخادعين.

وكيف يمكن القول بأن الأتراك كانوا متخلفين عندما كانوا متبعين الشريعة؟ إن ذلك لمن السخف الكبير وما الكاتب بذلك إلا أنه ساذج جدًا ومتجاهل للحقيقة، فالذي وحد الأتراك هو الإسلام إذ أنهم كانوا قبائل متوزعة متشتتة، ولم يجمعهم ويوحدهم ويجعلهم أمة ذات قوة وكيان غير تمسكهم بالإسلام، وعليه فما نسبة التخلف للأتراك من تمسكهم بالشريعة إلا طعن واضح بهذا الدين.

الرابط المختصر :