; هل تنفصل القدس عن فلسطين | مجلة المجتمع

العنوان هل تنفصل القدس عن فلسطين

الكاتب عبدالله الصالح

تاريخ النشر الثلاثاء 26-أغسطس-1980

مشاهدات 16

نشر في العدد 494

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 26-أغسطس-1980

  • شارون يرد على قرار مجلس الأمن بإعادة المطالبة بضم الجولان!
  • اليهود أحرقوا المسجد الأقصى عام ١٩٦٩ وحكام المسلمين اتفقوا على إعادة بنائه!!
  • الكنيست يتحدى الأمم المتحدة ويقر القدس موحدة وعاصمة أبدية لإسرائيل بموافقة الحمائم والصقور والمعتدلون والمتعصبون، واليسار واليمين!!

بالنسبة لإسرائيل فقد اتخذت - قرارها باعتبار القدس عاصمة لها وللأبد، ولكي تفهم المسلمين والعالم أنها جادة في ذلك، فقد أمر بيغن مدير مكتبه لاتخاذ اللازم لنقل مكتب رئاسة الوزراء إلى القدس الشرقية. وقصة اتخاذ هذا القرار هي أكبر دليل على أن اليهود جادون ومصممون على ضم القدس والمنطقة المحيطة بها. ففي الثالث والعشرين من تموز تقدمت النائبة اليهودية غاؤولا كوهين بمشروع إلى الكنيست يقضي بضم القدس، واتخاذها عاصمة أبدية، وفي الثامن والعشرين تمت الموافقة على مشروع القرار.

وقد تم إعداد أدوار الأشخاص والأحزاب بشكل متقن ومثير للعجب، بحيث صوت الكنيست على القرار بالأغلبية الساحقة من قبل الحمائم والصقور... والتقدميون والرجعيون... والمتعصبون والمعتدلون... ودعاة الحرب وأنصار السلام وجاء التصويت على هذا القرار بعد يوم واحد فقط من صدور قرار عن هيئة الأمم المتحدة يطالب إسرائيل بالانسحاب من الضفة والقدس وغزة والجولان والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وحقه في إقامة دولة مستقلة على أرضه.

في ٣٠ تموز الماضي صوت الكنيست الإسرائيلي على توحيد مدينة القدس وإعلانها عاصمة إسرائيل إلى الأبد. فماذا قرر العرب والمسلمون؟

وما هو مصير القدس؟!

وردًا على الدعوة السعودية للجهاد المقدس فقد دعا إريل شارون وزير الزراعة إلى ضم الجولان كما صدر قانون يسمح للرعايا العرب بالحصول على الجنسية الإسرائيلية وقد فهم هذا القانون أنه يقصد إلى تجنيس الدروز تمهيدًا لضم الجولان.

ولم يقتصر الرد الإسرائيلي على المطالبة بالمزيد من ضم الأراضي العربية، بل تعدى ذلك إلى مهاجمة الجنوب اللبناني وقصف القواعد العسكرية التابعة للفدائيين الفلسطينيين في محاولة للقضاء على هذه القواعد واحتلال منابع الليطاني. 

وردًا على القرار الأخير الذي أصدره مجلس الأمن يوم ٢١ من الشهر الجاري بناًء على طلب مجموعة الدول العربية والإسلامية، والذي لام إسرائيل على ضم القدس واعتبر ذلك مخالفًا للقانون الدولي أصدرت إسرائيل بيانًا وصف القرار بأنه غير عادل ومنحاز».

وأضاف يقول إن إسرائيل ترفض القرار رفضًا قاطعًا وهو لن يؤثر في وضع القدس كعاصمة لإسرائيل، وبصفتها المدينة الموحدة التي لن تقسم أبدًا بعد الآن ومع أن الولايات المتحدة لم تصوت على هذا القرار فقد تعرض لانتقاد شديد في البيان الإسرائيلي. 

هذه طبيعة اليهود، وهذا هو منطق الصهيونية منذ أن فكرت وخططت لاغتصاب فلسطين والانطلاق منها لإقامة دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل!

وضم القدس وأن تم الإعلان عنه حديثًا، إلا أن العمل من أجل ذلك قد بدأ منذ هزيمة حزيران ١٩٦٧ففي الثامن والعشرين من حزيران ذلك العام أي بعد ثلاثة أسابيع من الاحتلال اتخذ الكنيست قرارًا بضم القدس الشرقية إلى إسرائيل وصدر على أثرها قرار الأمم المتحدة في ١٤ تموز طالب إسرائيل بإلغاء جميع الإجراءات التي اتخذتها لتهويد القدس، وفي ٢١ مايو ١٩٦٨ صدر قرار مماثل عن مجلس الأمن.

-ولكن خطط تغيير معالم القدس الشرقية ظلت مع ذلك قيد التنفيذ، وذلك بإقامة حزام من المستوطنات اليهودية حول المدينة، وتهجير أكبر عدد ممكن من سكانها المسلمين.

وفي مثل هذا الشهر في عام ١٩٦٩ تم إحراق المسجد الأقصى فكان الرد العربي والإسلامي بالاتفاق على إعادة بناء ما تهدم من المسجد!!

.. وهكذا فإن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية منذ عام ١٩٦٧ كانت توحي بتصميم اليهود على ضم القدس والضفة كاملة، وقد سبق لعدد من الحكام العرب أن حذروا من ضياع القدس!

ومع ذلك فقد أوحت الردود العربية والإسلامية على القرار الإسرائيلي بضم القدس، سواء بالبيانات الرسمية أو باجتماعات مندوبي هذه الدول لدى الأمم المتحدة، بأن هذا القرار قد صدر لأول مرة، أو أنهم فوجئوا بالإجراءات اليهودية ضد المدينة المقدسة.

ففي أعقاب صدور القرار الإسرائيلي، صدرت بيانات رسمية كلها شجب واستنكار وتوعد بإسرائيل التي قدمت على هذه الخطوة الإجرامية!!

وكرست وسائل الإعلام لإثارة هذه القضية والتركيز عليها بحيث أظهرت أن السادة الزعماء في الدول العربية والإسلامية ذهلوا للقرار الإسرائيلي بضم القدس، وأن القدس تستحق منهم كل تضحية! 

وعلى الرغم من أن هذا الجو يهيئ فرصة لكشف العدو الصهيوني وخططه الشيطانية للرأي العام الإسلامي الذي ما زال حكامه يلبسون عليه إلا أنه بات يخشى أن تؤدي هذه النخوة العربية والإسلامية تجاه القدس إلى نسيان القضية الأساسية وهي احتلال فلسطين والاكتفاء بالمطالبة بالقدس وحدها.

ويبدو أن ردود الفعل العربية والإسلامية حتى الوقت الحاضر تعزز من هذه المخاوف.

فعلى الرغم من فظاعة القرار الإسرائيلي طبقًا للبيانات الرسمية العربية الإسلامية، فإن رد فعل هذه الدول قد اقتصر على الشكوى لمجلس الأمن. 

وقد فكر مندوبو هذه الدول لدى الأمم المتحدة بتقديم مشروع مجلس الأمن يطالب بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على إسرائيل.

وبعد مداولات ومشاورات تنازلت هذه الدول عن هذا المطلب بسبب ما تنامى إلى علمها بأن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض ضد مثل هذا القرار!! وبعد عشرين يومًا من القرار الإسرائيلي أصدر مجلس الأمن قرارًا يلوم فيه إسرائيل على توحيد القدس واتخاذها عاصمة أبدية، مخالفة بذلك القانون الدولي. 

-وقد امتنعت الولايات المتحدة كما ذكرنا عن التصويت على هذا القرار!. 

-وكانت كلًا من العراق والسعودية قد اتخذت قرارًا بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول التي تبقي سفارتها في القدس أو تنقلها إليها من تل أبيب. 

وبغض النظر عما قيل في إيجابيات هذه الخطوة، إلا أن المراقب لا يسعه إلا أن ينبه إلى أنها لا تنال دولة العدوان مباشرة، وسواء كانت السفارة في القدس أو في تل أبيب فلا شيء قد تغير، طالما أن القدس مثلها مثل بقية فلسطين ما زالت في قبضة اليهود. 

على أن بعض الآمال قد علقت على دعوة الأمير فهد للجهاد المقدس لاسترداد القدس لكن المطلعين على الأوضاع العربية والإسلامية والدولية يقولون بأن هذه الدعوة لا يمكن أن تترجم إلى خطوات عملية في ظل الظروف الحالية.

فالأمير فهد نفسه ربط ذلك بإعادة ترتيب البيت العربي وهذا ما يحتاج إلى وقت ليس باليسير إن كانت الظروف تسمح أصلًا بذلك!

وقد فهم مراقبون أجانب أن الدعوة للجهاد تنطوي على الجهاد السياسي ومحاولة الضغط على أمريكا لا اتخاذ موقف جديد حيال أزمة الشرق الأوسط.

ولكن الموقف الأمريكي يظل غامضًا حتى إذا ما أعيد انتخاب کارتر، فکارتر نفسه أعلن أنه ملتزم بسياسة «كامب ديفيد» التي لم تشر اتفاقياتها إلى القدس وإن احتوت رسائل بيغن والسادات التي تبين موقف كل منهما من القدس. 

ثم إن أمريكا تحتفظ بسفارتها في تل أبيب، وقنصلية في القدس.

ولدى استفسار مجلة الحوادث لوزارة الخارجية الأمريكية عن موقفها من القدس أجابت أنه:

۱- يجب ألا يتخذ إجراء منفرد بشأن القدس.
٢- المدينة يجب أن تبقى غير مجزأة.
۳- أمريكا مع حرية المرور إلى الأماكن المقدسة.

- وهذا الموقف تعتبره أمريكا معلنًا منذ عام ١٩٦٧ على لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة آرثر بيرغ الذي رفض عام ١٩٦٧ التصويت على قرار لضم القدس بالقوة وهذا الموقف أعلنه مرة أخرى السفير تشارلز يوست عام ١٩٦٩ عندما قال القسم الشرقي من القدس الهذيل أصبح الآن تحت السيطرة الإسرائيلية نتيجة حرب حزيران «يونيو» شأنه شأن بقية الأقسام الأخرى من إسرائيل منطقة محتلة خاضعة لشروط وأحكام القانون الدولي التي ترعى حقوق والتزامات القوة المحتلة». 

وتكرر الموقف نفسه عام ۱۹۷۱ عندما كان جورج بوش سفيرًا لدى الأمم المتحدة.

وجاء الموقف الأخير عندما امتنعت الولايات المتحدة من التصويت على القرار الذي صدر في العشرين من الشهر الحالي. وهنا بيت القصيد فالولايات المتحدة بامتناعها عن التصويت على هذا القرار تكون قد أعطت للمتعلقين بأذيالها فرصة لإقناع الشعوب العربية والإسلامية إن أمريكا في دورة الرئاسة القادمة خاصة إذا أعيد انتخاب کارتر ستكون قادرة على الضغط على إسرائيل وإنصاف العرب الفلسطينيين.

ويتواكب ذلك مع دعاية أمريكية بأن الإدارة الأمريكية باتت مقتنعة بقصور اتفاقيات كامب ديفيد، وأنها بصدد إعداد مبادرة سلام جديدة ومما يؤيد ما ذهب إليه بعض المراقبين ما أسفرت عنه اجتماعات لجنة القدس من استبعاد اللجوء إلى اتخاذ التدابير العسكرية ضد إسرائيل والاكتفاء باتخاذ إجراءات مماثلة لما سبق للعراق والسعودية أن توصلا إليها ومع ذلك فقد ذكرت الأنباء أنها اتخذت قرارات سرية!!

ولم يشأ الحبيب الشطي أن يدع فهم هذه القرارات للمراقب بل صرح للصحفيين في أعقاب اجتماعات لجنة القدس أن الجهاد لا يعني دائمًا الحرب فهل القرارات السرية متعلقة بإعادة السادات للصف العربي أم فتح المجال لمبادرة أمريكية جديدة؟!

وهكذا فاليهود يخططون وينفذون ثم يصدرون القرارات أما حكام العرب والمسلمين فيقررون ويتوعدون ولا يفعلون! وفي مثل هذه الأجواء والظروف والملابسات السياسية يظل السؤال عن القدس بحاجة إلى جواب فهل تنفصل القدس عن فلسطين؟!

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل