; ازدواجية معايير الغرب والأمم المتحدة تجاه القضايا العربية والإسلامية | مجلة المجتمع

العنوان ازدواجية معايير الغرب والأمم المتحدة تجاه القضايا العربية والإسلامية

الكاتب د. محمود المنير

تاريخ النشر الثلاثاء 01-نوفمبر-2016

مشاهدات 744

نشر في العدد 2101

نشر في الصفحة 74

الثلاثاء 01-نوفمبر-2016

ازدواجية معايير الغرب والأمم المتحدة تجاه القضايا العربية والإسلامية

عرض: محمود المنير

 

هذا الكتاب:

صدر كتاب «ازدواجية معايير الغرب والأمم المتحدة تجاه القضايا العربية والإسلامية»، عن مركز أمية للبحوث والدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع نخبة من الباحثين في دولٍ إسلامية وعربية، وبمشاركة أوروبية.

ويتناول الكتاب إشكالية «الازدواجية» لدى الغرب ومنظمة الأمم المتحدة تجاه قضايا العرب والمسلمين من جميع جوانبها السياسية والحقوقية والاقتصادية والإعلامية، وكذلك القوانين والمواثيق والأعراف الدولية في المنطقة العربية والإسلامية، فضلاً عن السلوكيات التي لا تستقيم مع القيم والمبادئ الأوروبية تجاه الجاليات العربية والإسلامية في كل من أوروبا وأمريكا.

يصدر الكتاب في مرحلة حرجة حيث تعاني الأمة الإسلامية، والمنطقة العربية على وجه الخصوص، من أزمات عدّة، معظمها موجّه ومفتعل، ومنها مساهمة الأنظمة الدكتاتورية في إجهاض ثورات «الربيع العربي»، وحركات التحرر الوطني المطالبة بالحرية والكرامة.

 

محتويات الكتاب:

يضم الكتاب ستة عشر مبحثاً كلها تتفاعل وتتشارك وتسعى لنسج صورة متكاملة لطبيعة الازدواجية في المعايير الغربية تجاه القضايا العربية والإسلامية، من خلال تقديم رؤية تكاملية لازدواجية المعايير، وتحديد السبب في اضطراب المعايير في السياسات الخارجية الأوروبية، ورصد ملامح ازدواجيتها في معالجة قضايا الشرق الأوسط، وكذلك في سياستها تجاه المنطقة العربية، وتقديم الأدلة والنماذج على سياسة الكيل بمكيالين، وضرب أمثلة لمعايير أمريكا المختلة كما في تعاطيها مع الملف العراقي، وازدواجية المعايير الإعلامية في التناول الإعلامي لقضايا العرب والمسلمين في الغرب، وظاهرة «الإسلاموفوبيا» والإعلام المعادي للإسلام، ومشروع الشرق الأوسط الكبير، ورصد ملامح الازدواجية الأمريكية تجاه مصر منذ ثورة يناير وحتى الانقلاب العسكري الدموي عام 2013م، ثم خصص مبحثاً عن الأزمة السورية بين سياسة سيئة ومعلومات سيئة، وثنائية المعايير؛ مجلس الأمن الدولي نموذجاً.

ومن المؤكد أن هذا العرض الموجز والمختصر لن يكفي لعرض كل مباحث الكتاب، لذا سنقتصر على عرض بعض المباحث التي نسجت رؤية شاملة لإثبات فرضية البحث؛ وهي ازدواجية المعايير الغربية تجاه القضايا العربية والإسلامية.

 

ازدواجية المعايير.. رؤية تكاملية:

تحت هذا العنوان كتب د. عبدالله النفيسي أن اختلال المعايير وازدواجها مربوط بالقوة، سواء كانت هذه القوة مالاً أو سلطة أو محيطاً مُسيطراً عليه، إذن هي غطرسة القوة التي تؤدي إلى ازدواجية المعايير لدى الغرب، وبما أن الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية الغربية تحتل المركز في النظام الدولي الحالي، وتتحكم دائرة المركز بدائرة الأطراف التي تشمل آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا الشرقية.

وعليه؛ فإن دول المركز تتحكم بدول الأطراف عبر أربعة محاور:

1- محور احتكار وإنتاج وتصنيع السلاح، التقليدي منه والنووي.

2- محور احتكار الخامات (النفط، القمح).

3- محور احتكار الشرعية الدولية ومنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

4- محور احتكار عولمة الإعلام والتعليم.

يرى د. النفيسي أنه لا ينبغي للشعوب المظلومة في دول الأطراف أن تبقى أسيرة ظلم دول المركز، إذ لا بد من المباشرة في حركة شاملة ومتزامنة تقتضي تقطيع وتكسير محاور التحكم سابقة الذكر، من قبيل الضغط لإعادة تشكيل مجلس الأمن وأعضائه الدائمين، وإضافة منظمات إقليمية ذات أهمية كبيرة للاقتصاد العالمي؛ مثل «مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، أو «جامعة الدول العربية»، أو «مجموعة بريكس»، أو «اتفاقية شانغهاي»، فذلك من شأنه أن يخفف سيطرة دول المركز على القرار الدولي.

أما في محور الخامات؛ فلا بد من إعادة هيكلة شاملة في عوالم النفط والقمح استعداداً لزلزال متوقع في عالم المياه، وهكذا في المحاور الأخرى تدريجياً.

ويرى د. النفيسي أن هذه العملية تستغرق مدى زمانياً ومكانياً، ولكن لا بد من الاستمرار فيها تطويقاً لـ«ازدواجية المعايير» والحد من تفشيها وليس نهايتها.

 

اضطراب المعايير في السياسات الأوروبية:

يطرح د. حسام شاكر، الخبير في الشؤون الأوروبية، هذا السؤال المحوري: لماذا تضطرب المعايير في السياسات الخارجية الأوروبية؟

يرى د. شاكر أن خطاب السياسات الأوروبية يركز على شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، لكن الشعارات وحدها لا تضمن امتثال الممارسات السياسية للأدبيات المعتمدة، ولكنها تخضع لمنطق مصالح الأمة وأمنها القومي، وهو ما يوحي بأن الأولوية  في إدارة العلاقات الخارجية متعلقة بالاهتمامات النفعية والدفاعية والأمنية، مع مراعاة بعض الالتزامات المبدئية والأخلاقية، كما تختزن المصالح الاقتصادية قدرة تفسيرية لاتجاهات السياسات الخارجية أحياناً، على نحو ما جسدته - على سبيل المثال لا الحصر – مواقف الديمقراطيات الأوروبية مع الصين بعد سحق الطلاب المعتصمين في ميدان «تيان آن مين» عام 1989م.

وبالتالي يتعزز استنتاج أن التزام السياسات الخارجية الأوروبية بمراعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، يبقى خياراً معتمداً، شرط موافقته تقديرات المصالح والاختيارات الإستراتيجية، فيبقى العمل بمقتضياته انتقائياً. 

 

عزل الداخل عن الخارج:

وثمة ملمح آخر مهم في فهم اضطراب السياسات الخارجية الأوروبية؛ وهي إشارة د. شاكر إلى أن هناك حالة تعارض بين السياسات الخارجية والداخلية في أوروبا، وهي ليست عارضة، بل هي أزمة بنيوية راسخة، ومتجذرة في عزل الداخل عن الخارج؛ لأن الحكومات تبقى قادرة على تسويق سياساتها الخارجية في فضائها الداخلي ببراعة حتى في زمن الصورة والبث المباشر وتفاعلات الجماهير وتطورات المجتمع المدني، ولا يمكن التسليم بامتلاك الشعوب الأوروبية آليات ديمقراطية فعالة بوسعها التأثير الفعال والمستدام على السياسات الخارجية.

 

الازدواجية في معالجة قضايا الشرق الأوسط:

في هذا المبحث يضرب الباحث التركي محمد زاهد جول مثالاً صارخاً لازدواجية المعايير الأوروبية في معالجة قضايا الشرق الأوسط بالقضية الفلسطينية؛ حيث يقول: إنه بعد سنوات وعقود طويلة من عدم قيام مجلس الأمن بواجباته تجاه معاناة الشعب الفلسطيني، كان ظن الفلسطينيين والعرب كما المسلمين عامة، أن السبب الحقيقي عدم جدية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بتطبيق القرارات عدلاً وإنصافاً، فقد كانت قرارات «الفيتو» الأمريكي تعطل كل مشروع قرار فيه إدانة للعدوان «الإسرائيلي» على الفلسطينيين، بينما لو كان العدوان ذاته وقع على شعب آخر سوى الفلسطيني من قبل دولة غير «إسرائيل» لتغيرت المعالجة الدولية.

وكذلك الحال في معالجة المسألة النووية وامتلاكها من قبل الدول العربية والإسلامية مقارنة بـ «إسرائيل» دليل واضح على ازدواجية المعايير في مجلس الأمن ولدى الدول الكبرى، وما يقع تحت يدها من منظمات دولية مثل منظمة الطاقة الذرية الدولية وغيرها، وكذلك الحال في التعامل مع المعايير السياسية والقانونية والإنسانية في كل من العراق وسورية واليمن خلال السنوات الخمس الماضية؛ بانحياز أمريكا للسياسة الطائفية التي تمارسها إيران في الدول الثلاث، والتدخل السافر في شؤون هذه الدول.

 

ازدواجية المعايير تجاه المنطقة العربية:

في المبحث الرابع من الكتاب يقدم د. بشير زين العابدين دراسة وثائقية عن ازدواجية المعايير الغربية في سياستها تجاه المنطقة العربية، حيث يشير بوضوح ويقدم الأدلة التاريخية الموثقة على انحياز أمريكا وتدخلها السافر ودعمها للدكتاتوريات العسكرية، وتعزيز النظم الانقلابية فيما يتعارض مع المُثل والأخلاقيات التي يروج لها الإعلام الأمريكي.

ويعود تاريخ التدخل الأمريكي لدعم الأنظمة الشمولية في الشرق إلى مرحلة تأسيس الجمهوريات العربية بعد الحرب العالمية الثانية، في شهر مارس 1949م، تحديداً عندما ألقت المخابرات المركزية الأمريكية بثقلها خلف انقلاب عسري في سورية، لتفتح بذلك الباب على تدخل الجيش في الحكم من خلال سلسلة انقلابات وقعت في المنطقة العربية خلال فترة الخمسينيات.

ويشير إلى دور أمريكا في دعم انقلاب حسني الزعيم الذي تمتع بدعم السفارة الأمريكية في القضاء على الحكم المدني في سورية، وأشار إلى الوثائق الأمريكية التي تؤكد وقوف الاستخبارات المركزية (CIA) خلف العديد من الانقلابات العسكرية ضد الحكم المدني في المنطقة.

ويؤكد د. بشير زين العابدين أنه على الرغم من المتغيرات التي طرأت على المنطقة منذ خمسينيات القرن الماضي؛ فإن العنصر الثابت في السياسة الخارجية الأمريكية تمثل في إصرار واشنطن على التدخل القسري في الشؤون الداخلية للدول العربية، والعمل على فرض متغيرات في نظم الحكم العربية بما يخدم الأمن القومي الأمريكي دون النظر إلى مصالح دول المنطقة وشعوبها.

ففي غضون السنوات العشر الماضية، شنت مراكز البحث المقربة من الإدارة الأمريكية حملات تهدف إلى تقديم أطروحات لإعادة رسم خارطة المنطقة العربية، وإمكانية استعمال القوة العسكرية لتحقيق ذلك، ومنها دراسة الخبير الإستراتيجي بمؤسسة «راند» «لوران موريس» التي قدمها لوزارة الدفاع الأمريكية في يونيو 2002م، داعياً لتبني حلول عسكرية متشددة إذا فشلت حلول الإصلاح في المنطقة العربية، وغيرها من الأمثلة الكثيرة التي أفضت إلى التدخل المباشر لقلب المعادلة الجيوسياسية في المنطقة عقب ثورات «الربيع العربي» عام 2011م لصالح الأقليات الطائفية على حساب الأغلبية، وإنشاء كانتونات طائفية تدين بالولاء للغرب، وأكبر مثال على ذلك ما يحدث في العراق وسورية واليمن.

 

ازدواجية المعايير السياسية:

في المبحث الخامس من الكتاب يؤكد أ. جورج صبرة، رئيس المجلس الوطني السوري، تحت عنوان «ازدواجية المعايير السياسية في الغرب»؛ أن الغرب لم يكن وفياً للإنجازات التنويرية والحداثية لنظام الحريات ومبادئ حقوق الإنسان في البلدان الأوروبية أولاً وعلى الساحة الدولية ثانياً.

وقد برز ذلك من خلال الحركة الاستعمارية في غير منطقة من العالم، وما أورثته من مآسٍ كبيرة على الشعوب؛ حيث كان الجندي الأوروبي رأس حربة في طعن الإنسانية تحت رايات شعاراتها البراقة.

وضرب نموذجاً لذلك بما حدث في سورية، ففي الوقت الذي لم تهدأ فيه المعركة الأيديولوجية والسياسية والإعلامية التي شنها الغرب على النظم الشيوعية الاستبدادية، والتي ظهرت في شرق أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وعلى حركات التحرر الوطني التي تصدت للحكم في المستعمرات الأوروبية السابقة؛ وقف الغرب نفسه موقفاً مغايراً  مما جرى في سورية بدءاً من عام 1970م على امتداد أربعة عقود، والتزامه الصمت على «حافظ الأسد» وإجرامه بحق الشعب السوري، لاسيما «أحداث حماة» عام 1982م، ثم بعد ذلك بعقود مباركة توريث الحكم لابنه «بشار» في عام 2000م في إطار صفقة غربية.

ويتساءل صبرة: أين «الماغنا كارتا» (أول وثيقة دستورية في التاريخ، وهي وثيقة ملكية بريطانية التزم فيها الملك بالقانون الإقطاعي والمحافظة على مصالح النبلاء في عام 1215م، وتُعدُّ معلماً بارزاً من معالم تطوّر الحكومة الدستوريّة في بريطانيا) ومنجزات الثورة الفرنسية ومنظومة القيم الغربية في الحرية والحداثة والعولمة؟ وما موقعها في السياسة الغربية تجاه الشرق الأوسط ومجريات الصراع فيه؟

الرابط المختصر :