العنوان رمضان فرصة عظيمة للتآلف بين المسلمين في الغرب
الكاتب هاني صلاح
تاريخ النشر الجمعة 01-يونيو-2018
مشاهدات 17
نشر في العدد 2120
نشر في الصفحة 40
الجمعة 01-يونيو-2018
إمام ومدير مركز «مكة» الإسلامي بشيكاغو لـ«المجتمع»:
رمضان فرصة عظيمة للتآلف بين المسلمين في الغرب
رمضان بالغرب له طابعه الخاص في مجتمع تطغى عليه المادية ويغلب فيه الانشغــــال بالعـمــــل أو الدراسة
من التحديات التي تواجه مسلمي الغرب برمضان أن المجتمع لا يراعي ظروف الصائم وشعوره
القائمون على المراكز الإسلامية بالغرب يولون هذا الوقت من العام اهتماماً كبيراً ويرفعون حالة التأهب القصوى
ما زلنا في حاجة إلى مزيد من التعاون والتشاور خصوصاً في بعض القضايا الفقهية مثل مطالع الشهور
أكد الشيخ حسن مصطفى علي، إمام ومدير مركز «مكة» الإسلامي بضواحي شيكاغو، أن رمضان بالنسبة لمسلمي الغرب الذين ينحدرون من عرقيات وجنسيات شتى يعد فرصة عظيمة لهم للتعارف والتواصل والتآلف، كما حدث مع المجتمع الإسلامي الأول في المدينة المنورة على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كان هناك بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي بجانب العربي، إلا أنه شدد على أنه ما زالت هناك حاجة لمزيد من التنسيق بين المؤسسات الإسلامية في الغرب في بعض القضايا مثل توحيد بدايات الشهور الهجرية في أوروبا والأمريكتين.
< ماذا يعني رمضان بالنسبة لمسلمي الغرب؟
- رمضان بالنسبة لمسلمي الغرب له طابعه خاص؛ ففي مجتمع تطغى عليه المادية، ويغلب فيه الانشغال التام بالعمل أو الدراسة، حتى عن الأهل والأصدقاء، يأتي هذا الشهر الفضيل ليملأ الأجواء بروحانيته، التي لا تخلو من أجواء احتفالية في معظم الأحيان؛ حيث الصيام والإفطار مع الأهل والأصدقاء، أو مع أبناء الجالية في المساجد والمراكز الإسلامية التي تمتلئ بالمصلين من جميع الأعمار ومختلف الفئات؛ أطفالاً وشباباً، رجالاً ونساء، وخصوصاً في صلوات العشاء والتراويح والتهجد.
* هل يواجه مسلمو الغرب تحديات في ممارسة شعائرهم الدينية في هذا الشهر الكريم؟
- بالطبع نعم، فأن تصوم عن الطعام والشراب طوال النهار لمدة قد تصل إلى 20 ساعة في بعض دول أوروبا مثلاً، في مجتمع لا يعرف معظمه شيئاً عن هذه العبادة أو عن وقتها، ولا يميز في ساعات عمله بين رمضان وباقي الأشهر، كما لا يراعي شعور الصائم في ساعة الغداء اليومية التي ينتظرها باقي زملاء العمل لتناول الطعام والشراب، لهو أمر صعب.
ففي حين تمنح بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة إجازات عامة للموظفين والطلاب، أو تقلل من ساعات عملهم في رمضان، لا يحدث شيء من ذلك على الإطلاق في بلاد الغرب، فأنت كمسلم ترغب في تحصيل الأجر من صلاة العشاء والتراويح بالمسجد في جماعة، التي قد تمتد إلى بعد منتصف الليل، ثم العودة بعد ثلاث أو أربع ساعات لصلاة الفجر، مطالب في الوقت نفسه بالذهاب إلى عملك أو جامعتك أو مدرستك في الصباح الباكر، والعودة في المساء قبل المغرب دون أي تغيير أو تقليل في ساعات العمل!
* كيف يستثمر مسلمو الغرب رمضان في توثيق الصلات فيما بينهم؟
- رمضان فرصة عظيمة للتآلف بين المسلمين والتعاون في فعل الخيرات ومعالجة الخلافات سواء على مستوى العائلة أو المجتمع أو القيادات المسلمة؛ فعادة ما يجتمع الأئمة لكل ولاية أو منطقة قبيل رمضان، للتناصح والتشاور والاستفادة من الخبرات والتجارب الناجحة في مراكزهم ومساجدهم، تطبيقاً لقول الحق سبحانه: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة: 2).
كما تكثر دعوات موائد الإفطار في المراكز الإسلامية سواء لأبناء الجالية أو لبعض المنظمات الإغاثية المحلية أو الدولية، للتعارف والتآلف وتوثيق الصلات والتعاون على الخير ومناقشة القضايا المهمة الإقليمية منها أو الدولية.
لكن دعني أكون صريحاً بعض الشيء هنا لأقول: إنه ومع كل هذه الجهود ما زلنا في حاجة إلى مزيد من التعاون والتواصل والتشاور، خصوصاً في بعض القضايا الفقهية العامة، مثل تبنّي رأي فقهي واحد لتحديد بدايات الشهور الهجرية على سبيل المثال.
* دأبت بعض المؤسسات الإسلامية في الغرب على التواصل مع غير المسلمين في رمضان ودعوتهم لمائدة الإفطار، فكيف يستثمر مسلمو الغرب هذا الشهر في تعريف غير المسلمين بالإسلام، والتقليل من تداعيات حملات «الإسلاموفوبيا»؟
- رمضان يعتبر فرصة ذهبية للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والتواصل مع الجيران والأصدقاء من غير المسلمين، وعادة ما تنظم المراكز الإسلامية برامج للإفطار في رمضان تدعو إليه العشرات من القيادات الدينية والسياسية من غير المسلمين، إلى جانب الإعلاميين والنشطاء في شتى المجالات الاجتماعية أو الحقوقية، ويسبق الإفطار برنامج أو حوار لمناقشة قضايا حيوية تخص المجتمع ككل، أو للرد على بعض الشبهات حول المسلمين، والتعريف بمبادئ الإسلام الحقيقية السمحة القائمة على السلام والحب والعطاء.
*رمضان موسم لكثير من الأنشطة الدعوية العامة، فكيف تستعدون لهذا الموسم؟
- رمضان شهر الطاعات، وموسم الخيرات، حيث تنشط النفوس وتعلو الهمم وتشرئب الأعناق للتنافس في فعل الخير، لذلك كله نجد أن القائمين على المراكز الإسلامية في الغرب يولون هذا الوقت من العام اهتماماً كبيراً ويرفعون حالة «الطوارئ والتأهب القصوى»؛ حيث يعمل الموظفون جميعاً طيلة أيام الأسبوع لساعات طويلة ليلاً ونهاراً ودون عطلة أو راحة.
يسبق ذلك كله أسابيع من التخطيط والتنظيم للعديد من الأنشطة والبرامج الدعوية والتعليمية الخاصة بشهر رمضان، التي نحرص فيها أن تغطي وتلبي جميع شرائح وفئات وأعمار المجتمع المسلم؛ أطفالاً وشباباً ونساءً ورجالاً؛ مثل حلقات التلاوة، ومعسكرات الشباب الرمضانية، وبرامج القيام والاعتكاف، ومحاضرات متنوعة عن فقه الصيام والزكاة.
* ماذا يميز رمضان في الولايات المتحدة عن غيرها من الدول الغربية؟
- من أهم سمات المجتمع الأمريكي عموماً والأمريكي المسلم تحديداً هو التعددية؛ حيث يصلي في المسجد الواحد مسلمون من أصول مختلفة، فهذا مسلم أمريكي قد اهتدى للإسلام منذ سنوات قليلة يصلي جنباً إلى جنب مع أخيه من أصول عربية، أو باكستانية أو أفريقية، صاحب البشرة السمراء يصلي إلى جانب صاحب البشرة البيضاء، والمسلمون من الجيل الأول المهاجر يصلون مع أبنائهم وأحفادهم ممن ولدوا وتربوا في أمريكا، وما يوحد الجميع ويجمعهم في مكان واحد هو الإسلام وتوحيد الله تعالى، هذه التعددية تفتح آفاقاً من التعارف واستكشاف كل ثقافات العالم في مكان واحد ودون سفر، كما تذكرنا بمجتمع المسلمين الأوائل الذي جمع بين بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، وحمزة القرشي، ومعاذ الأنصاري.
* نود التعرف على نماذج من برامج مسجدكم في رمضان لهذا العام.
- لدينا برامج متنوعة ومتعددة وتناسب كافة الشرائح، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
1- برامج معهد مكة للقرآن الكريم لكافة الأعمار والفئات: حلقات التلاوة والحفظ والتدبر.
2- برامج الشباب: محاضرات وبرامج مختلفة تتضمن إفطاراً وقياماً واعتكافاً أسبوعياً خاصاً بالشباب من الجنسين.
3- أنشطة خيرية: فتح الباب للمنظمات الإغاثية لجمع التبرعات والزكاة كل ليلة خلال صلاة التراويح لمساعدة المحتاجين من أبناء الجالية أو لإغاثة المنكوبين في البلدان ذات الأغلبية المسلمة.
4- الإفطار السنوي لحوار الأديان: بالتنسيق والتعاون مع مجلس المنظمات الإسلامية في شيكاغو الكبرى (CIOGC) والقيادات الكاثوليكية في شيكاغو.
5- طباعة عدد خاص برمضان: من النشرة الشهرية للمركز بثلاث لغات مختلفة.
6- إفطار الجالية الأسبوعي: وهو إفطار مفتوح للجميع كل أربعاء.
* هل تودون ذكر شيء لم نتطرق إليه في أسئلتنا السابقة؟
- أود أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لمجلة «المجتمع» ولجميع العاملين فيها، مثمناً المجهود الكبير الخاص بتغطية أخبار الأقليات المسلمة.
كما أهنئ الأمة الإسلامية جمعاء؛ شرقاً وغرباً، بهذا الشهر الفضيل وبعيد الفطر المبارك، سائلاً المولي جل وعلا أن يجعل من رمضان فرصة للتعاون على إصلاح النفس والمجتمع، وباباً جديداً للتعاون على البر والتقوى ومساعدة المحتاجين، وتفريج كرب المكروبين، وإغاثة المنكوبين، ونصرة المظلومين.
تقبل الله منا ومنكم وكل عام وأنتم بخير.>
الشيخ حسن مصطفى علي.. في سطور
- باحث في مقارنة الأديان.
- يعمل حالياً إماماً ومديراً لمركز «مكة» الإسلامي بضواحي شيكاغو.
- سافر للولايات المتحدة عام 2008م، وعمل إماماً بالعديد من المراكز الإسلامية في أكثر من ولاية أمريكية.
- عضو بمجلس إدارة منظمة «هينسدل» لخدمة المجتمع، وعضو لجنة زكاة شيكاغو.
- نشر له العديد من المقالات في أمريكا وفي الدول العربية.
- خلال فترة تواجده هناك حصل على شهادة الماجستير في مقارنة الأديان من شيكاغو عام 2017م، وحالياً يعد رسالة الدكتوراه.
- حصل على الإجازة العالية (ليسانس) في الدراسات الإسلامية والشريعة باللغة الإنجليزية من جامعة الأزهر عام 2007م.
- فاز بالترتيب الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة فن الخطابة وإلقاء المحاضرات عام 2002م.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالإسلام والكونجرس الحلقة (26) أرصدة الإسلاميين في حسابات السياسة الأمريكي
نشر في العدد 942
774
الثلاثاء 21-نوفمبر-1989