العنوان مذكرات رضا نور: مصطفی کمال جاهل... كثير الشتم.. ثمل باستمرار
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 20-أكتوبر-1981
مشاهدات 21
نشر في العدد 547
نشر في الصفحة 38
الثلاثاء 20-أكتوبر-1981
وكان يشترك أحيانا في هذه الاجتماعات كل من خالدة هانم «خالدة أديب» والدكتور عدنان «زوج خالدة» وغيرهما. كنا كلنا حوالي عشرة أشخاص.
أثرنا مسألة مسمى الدولة الجديدة. قلت: لا لزوم للبحث في هذا فالاسم موجود بالفعل وهو تركيا. إن جماعتنا «يعني الأتراك» كانوا يصيحون عبر العصور باسم الدولة العلية العثمانية، لكن أوروبا ومنذ قرون تسمينا باسم تركيا، قلت أيضا بهذا الكلام في المجلس «مجلس المبعوثان» في أستانبول، كما قمت بإصدار النشريات في هذا وافقوا على اسم تركيا ثم تساءلوا ماذا سنطلق على الناظر «يعني الوزير» قلت: «وكيل» فوافقوا.
اقتراحي بفصل الدين عن الدولة
وفي مسالة عدد أعضاء الحكومة قالوا باستحداث وزارة للاقتصاد ووزارة للصحة اقترحوا إطلاق لقب وكيل «وزير» الأمور الشرعية على شيخ الإسلام، فاقترحت أنا الآتي: كل ما قلتموه جميل ولكن بهذه الوسيلة أقول لكم فلنفصل الدين عن الدولة، فلنقم حكومة علمانية.
إن هذه الفرصة عظيمة يجب ألا ندعها تمر هباء، اعترضوا كلهم على إنشاء مشيخة مستقلة خاصة خالدة «أديب» وأظن أنها لم تعترض على هذا بدافع من القلق على الدين، وإنما كان اعتراضها على أن ما أقوله يخلو من التدبر والحيطة.
كان الاعتراض الثاني من جلال الدين عارف اعترض مرة ثم اعترض مرة أخرى. وكان في الاعتراضين مخلصًا بدافع القلق على الدين.
كان جلال عارف حقيقة مسلما متدينا، لكن معاملاته كانت تخلو من الإسلام والأخلاق لكن اعتقاده سليم. أما غايتي أنا فكانت عصرية الدولة.
في الحقيقة إنني معدوم الدين لكني لست ضد الدين، شرحت هذا كثيرا في كتاباتي وتطبيقاتي. لكني ضد ما يفعله الجاهلون باسم الدين وضد الإسرائيليات. كما أني اعترض بشدة على كون الدين والدولة متلازمين. لم يكن مصطفى كمال يفهم شيئا من تعبير العلمانية رفض الجميع اقتراحي واستحدثوا وزارة للشرعية.
وعن اسم المجلس قلت لهم فلنجعل اسم المجلس النيابي ملت مجلس يعني مجلس الأمة، ونتخلى عن اسم مجلس المبعوثان لأنه يفوح بتأثير اللغة العربية. وافقوا على هذا إلا أن مصطفى كمال أضاف إلى هذا الاسم الذي اقترحته صفة الكبير فأصبح اسم المجلس هكذا: مجلس الأمة الكبير.
نجاتي: مثال على حاشية مصطفى كمال
وصل نجاتي إلى درجة وزير المعارف. كان جاهلا وعديم الأدب ويذهب مذهب كل شخص.. جاء باريس العام الماضي في فندق كالرتشي في الشانزليزيه، أخذ يتحدث عن سرقات زملائه حاشية مصطفى كمال وقال الآتي: «كم كان جيدا أنني لم أقبل أن أكون المدعي العام في محكمة الاستقلال، وإلا كنت سأصبح جانيا مجرما تغرق يدي في الدماء.
صحيح أننا وزراء لكنك تعلم أننا عبيد عند الغازي مصطفى كمال، نفعل وننفذ ما يقول، فإذا لم نفعل فإنه يأخذنا من أيدينا ويلقي بنا، ولا يكتفي بهذا فإنه يقتل ويسحق. هنأته لأنه لا يسرق في حين أن الآخرين يسرقون، بعد ذلك مات نجاتي وإذا بنا نعلم أنه ترك ثروة تقدر بأر بعمائة ألف ليرة (400,000) ليرة.
نجاتي كان فقيرا جدا ومعدما جدا، وإنها لمهارة منه عظيمة حقا أن يجمع كل هذا المبلغ!! والآن كيف يذكرون نجاتي؟! يقوم العاملون بوزارة المعارف سنويا بتنظيم احتفال سنوي بذكرى نجاتي فيزورون قبره ويضعون عليه باقات الزهور ويصيحون باسمه قائلين عنه إنه «الابن النجيب للأمة التركية» ماذا أقول؟! أأقول لهم: فليعطكم الله قليلا من العقل برافو!! أيها الثيران.
مصطفى كمال جبان بالطبيعة
أعود إلى الحديث عن لقاءاتنا بمصطفى كمال واجتماعاتنا معه في أنقرة جذب انتباهي في هذه اللقاءات شيء آخر كانت مدرسة الزراعة التي يقيم فيها مصطفى كمال تقع على رابية عالية. وفي أنقرة لا تنقطع الرياح الشديدة حدث ذات يوم أن هبت رياح عاصفة في وقت العصر، وهي كذلك لعدم وجود الغابات المانعة لها في تلك المنطقة. أغلقت الرياح بابا في أسفل المدرسة بشدة ففزع مصطفى كمال وقال: «أليس هذا صوت مترليوز؟» هذه المسألة لم تحدث مرة واحدة بل مرات عديدة تقول له مهما تقول إن الرياح هي التي تغلق الباب بشدة هكذا. لكنه لا يصدق يقوم وينظر من النوافذ ويرسل أحد الرجال ليتحقق من الأمر هذا الرجل جبان جدا وعسكري؟! لا يستطيع أن يفرق بين صوت المترليوز وضربة الباب وحدث ذات يوم أن انطلقت أصوات مدافع فحاول الهرب فعلا، فوقف أمامه جلال عارف وآخرون يعترضونه فأمتنع من أن هناك حراسة في الحديقة الخلفية لهذه المدرسة.
جاهل يشتم الناس من خلف ظهورهم
يبدو عليه الجهل التام أثناء تباحثنا وأحيانا يتلفظ بأشياء غبية تنم عن جهله، إن هذا الرجل جاهل جهلا فظيعا وله جانب أكثر سوءا وهو أن يكون الشخص معه يحادثه ثم يفارقه، فإذا بمصطفى كمال يشتمه من خلفه شتائم فظة مثل: «إنه حمار.. إلخ» يقول هذا على كل الناس مهما كانوا، معنى هذا أننا نحن أيضا ومن يدري عندما نخرج من عنده ماذا يقول خلف ظهورنا، وعندما يقول لا ينظر إلى صحيح ولا ينظر إلى كذب، وإنما يتلفظ بكل ما يأتي على لسانه من شتائم، يشتم في أشخاص نثق نحن فيهم كل الثقة. مع أننا نرى أنه يتعامل مع هؤلاء الأشخاص أثناء لقائه بهم بأحسن أنواع المعاملة.
وما أن يدور الحديث حول أحد بعينه إلا وينطلق لسانه بالسب والكذب والافتراء، معنى هذا أن هذا الرجل عديم الخلق القويم ورجل مؤامرات.
تشخيصي - كطبيب - لمصطفى كمال
إنه يشرب الخمر باستمرار، ويصبح عليه الصباح وهو ثمل مخمور كان اتصالنا به وهو على هذا الحال ولمدة عدة أشهر.
لقد رأيت الوضع الفيزيقي له على النحو الآتي: «طويل القامة، أشقر الشعر جدًا في خديه وفي أنفه علامات خاصة بمدمني الخمر. هذه الأماكن في وجهه حمراء لا سيما أول أنفه «أحمر» كالطماطم. حاجباه في الجزء المتجه إلى الأمام مرتفعان وكثيفان جبهته هابطة من الوسط وهذا الوضع موجود أيضا في جانبي رأسه.. كما لاحظ تكويناته الخلقية الغريبة، عصمت باشا الذي قال لي ونحن في لوزان: «كم غريب هو رأس الغازي «مصطفى كمال» ثم تدارك نفسه بلؤم احتياطا مني وخوفا من أن أفتح هذا الموضوع أمام مصطفى كمال فقال فورا: «ولكن كم هو ذكي»!.
كثيرا ما دعاني مصطفى كمال إلى مجالس شربه وسكره، لاحظت أنه كلما أكثر من الشراب أو كلما غضب فإن عينيه تحول بصورة مدهشة، ودرجة هذا الحول بالتقريب ١٦٠، عين من عينيه تتجه إلى الشرق والأخرى إلى الغرب، معنى هذا أن عند هذا الرجل ترد عائلي وراثي.. جوال، يتابع أموره ولا يتركها دون تعقب حتى في الشيء الذي لا يعرفه البتة يفهم على الفور ما يقال له ثم يشرحه بعد ذلك لكن كل مبادئه ونظامه عبارة عن تآمر.
هذه المشاهدات والملاحظات التي أراها بنظرة طبيب أعطتني هذه الفكرة هذا الرجل مترد خبيث الروح وسفلى طماع لأقصى درجة وأني أضع تشخيصي هذا كطبيب.
كم هو مؤسف أن يكون مصطفى كمال زعيما لنا
ذات يوم كنت أجلس مع كل من الصيدلي حسين حسني «وهو الآن نائب برلماني» والتاجر نافذ الأرضرومي، وحسين عوني «نائب برلماني» ويوسف كمال، كنا نتحدث عن مصطفى كمال كانوا جميعهم ضده بشدة، كما لم يكونوا يغلفون كلماتهم عنه، قلت لهم أقول لكم شيئا إن روح هذا الرجل خبيث وسفلى إنه شديد الطمع وكم هو مؤسف أن تكون له الرياسة في هذا العمل، العمل مع هذا الرجل أمر صعب لو نجحنا، وأنقذ الدولة فإن هذا الرجل سيجبر الأمة كلها على التقيؤ دما، كما سيجبرنا على ذلك نحن أيضا. وسيفسد كل مكاسبنا. ولكن ماذا بيدنا لابد من العمل والاجتهاد حظ الأمة سيئ أن يقودها هذا الرجل. ولأني لم أمدحه كثيرا في كتابي «التاريخ التركي» فإنه غضب مني، وأصبح عدوا لكتابي هذا، كتبت عنه في هذا الكتاب العبارة الآتية: «ذكي، وجوال وروح كل شيء» ولم أستطع أن أكتب أكثر من هذا. وكنت أخاف إن لم اكتب عنه حتى بهذا القدر الضئيل فإنه يوقف نشر الكتاب، ومع ذلك فقد منع نشر الجزء الثالث عشر والرابع عشر من كتابي هذا.