العنوان لقاء مع السفير الصومالي في الكويت
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 08-أغسطس-1972
مشاهدات 12
نشر في العدد 112
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 08-أغسطس-1972
قدم السيد/ أحمد شيخ، أوراق اعتماده سفيرًا لجمهورية الصومال الشقيق لدي الكويت وبذلك تكون العلاقات بين البلدين الإسلاميين قد اتخذت شكلها الرسمي، لكن حقيقة العلاقة بين الصومال والكويت أو الدول العربية عمومًا أعمق وأسبق من ذلك بكثير. ففي يوم من الأيام كانت الصومال ولاية من دولة واحدة تضم معها بلاد العرب قاطبة ولا تزال الأمة الصومالية تنصهر مع الدول العربية في بوتقة الأمة الإسلامية الواحدة ذات الدين الواحد والتاريخ الواحد والمصير المشترك.
ولا يحتاج الإنسان -لكي يلمس عمق الصلة بيننا وبين الصومال- أن ينقب في الماضي ليجد الصلات الدينية والتاريخية ففي الحاضر الماثل طلبت الصومال من الدول العربية قبولها عضوًا في الجامعة العربية؛ لأن منطق الواقع يحتم ذلك فاللغة العربية هي لغة الدين والثقافة في الصومال ويتحدثها أفراد الشعب جميعًا وقضايا الشعب العربي هي قضايا الشعب الصومالي على جميع الميادين، ومع أن الدعوة لم تجد حماسًا لدى الدول العربية فإن ذلك لم يمنع الحكومة الصومالية من وضع جنودها تحت تصرف الحكومات العربية صبيحة الخامس من حزيران، وأبدت استعدادها لإنزالهم في أرض المعركة!
فالعلاقات التي اتخذت شكلها الرسمي في الأيام الماضية بتقديم أوراق السفير الصومالي في الكويت هي علاقات قديمة موغلة في تاريخ الشعبين –إن لم نقل الأمة الواحدة- وعميقة إلى حد الاستعداد للجهاد في صف واحد دفاعًا عن القضايا المشتركة والمصير الواحد.
وقد زار سعادة السفير الصومالي دار جمعية الإصلاح الاجتماعي حيث التقى بالعاملين فيها والتقى بالجالية الصومالية في الكويت التي احتفلت بقدومه واحتفلت بالخطوة العظيمة التي دعمت معاني الوحدة الأخوية بين البلدين الإسلاميين وفي فندق شيراتون الكويت التقى محرر المجتمع بسعادة السفير ووجه إليه الأسئلة التالية:
• على الرغم من الفجوة التاريخية التي أحدثها الاحتلال الاستعماري في العلاقات التاريخية المتصلة بين العالم العربي والصومال فقد ظل انتماء الصومال الحضاري للعالم الإسلامي صامدًا وراسخًا.. ما هي مظاهر هذا الانتماء اليوم؟؟
انتماء الصومال للعالم الإسلامي وحضارته انتماء قديم، ويقال إن الإسلام دخل الصومال في السنة العاشرة بعد الهجرة وحتى الأقوال المعارضة تؤرخ دخول الإسلام في القرن الأول للهجرة على الأكثر، ومنذ ذلك التاريخ والصومال جزء من العالم الإسلامي بل من أكثر أجزائه اتصالًا وارتباطًا. لقد ظل الدين الإسلامي هو عقيدة الشعب وثقافته وظلت اللغة العربية هي لغة تلك الثقافة يتحدثها الناس جميعًا على الرغم من وجود الاستعمار وتأثيره. وحتى اليوم فإن الشعب الصومالي يهتم بقضايا الشعوب الإسلامية ويرتبط بمنظماتها ويصطبغ المظهر القومي بالعادات الإسلامية والمظاهر الدينية الأخرى التي يلمسها الإنسان بوضوح في المساجد المنتشرة وفي الاحتفالات الدينية وفي الارتباط الشعوري بقضايا المسلمين. وقد فشلت جميع محاولات الاستعمار في القضاء على تراث المسلمين ولا يوجد اليوم أي نشاط علني للتبشير غير الإسلامي.
• يعرف الناس أن قطاعًا كبيرًا من الأمة الصومالية بقي بتدبير من الاستعمار تحت إدارات غير صومالية... ما هو مستقبل قضيتهم؟؟
- بمجرد أن فكر الاستعمار في الرحيل عن المنطقة بدأ في تقسيم الوطن الصومالي لتفتيت الكيان الصومالي الكبير فوضعت أجزاء منه تحت سيطرة الحكومة الكينية «حوالي ٢٣ ألف ميل مربع» ووضع الصومال الغربي تحت السيطرة الأثيوبية «حوالي ٣٠٠ ألف ميل مربع» وأخيرًا رفضت الرغبة الشعبية للانضمام للوطن الأم في جيبوتي ووضع الإقليم تحت الوصاية الفرنسية، ويشكل سكان هذه المناطق تعدادًا يقدر بـ ٣ ملايين صومالي وقد اتخذ نضالهم من أجل الانضمام للوطن الأم أشكالًا مختلفة من النضال السياسي إلى حمل السلاح، ومن المعروف أن تلك المناطق خصوصًا الصومال الغربي الذي تحكمه الآن أثيوبيا كان يعرف في السابق بمملكة زيلع الإسلامية وكانت أجزاء أخرى منه تشكل ممالك إسلامية أخرى أشهرها مملكة هرر. وبعد مجيء البرتغال والاستعمار الأوروبي استطاع «الأمهرة» أن يقضوا على تلك الممالك وأن يحكموها أخيرًا بعد أن تم تسليمها في الفترة ما بين ١٩٤٨ - ١٩٦٣ تدريجيًا.
ونسبة للظروف السياسية الراهنة والظروف التي تمر بها بلدان المنطقة، أصبح تحرير هذه المناطق بالقوة غير عملي وتسعى الحكومة الصومالية لحل القضية سياسيًا، وفعلًا بدأت الاتصالات الحكومية أثناء جلسات منظمة الوحدة الإفريقية في الرباط وأديس أبابا وفي اجتماعات دول شرق ووسط أفريقيا وربما ظهرت ثمارها في المستقبل القريب.
• باعتبار أن الصومال هي البلد الوحيد في الساحل الشرقي لإفريقيا الذي تحكمه سلطة إسلامية، ألا تعتقد أن عليه تقع مسئولية حماية المسلمين في شرق أفريقيا ومساعدتهم؟
- بالإضافة إلى المسلمين الوطنيين في تلك البلاد فهناك جاليات صومالية كبيرة استقرت فيها، والصلات التجارية بين هذه المجتمعات والوطن الصومالي لم تنقطع أبداً، وإذا كان الصوماليون لعبوا في السابق دورًا رئيسيًا في نشر الإسلام في شرق إفريقيا فإن معلمي الدين الإسلامي من المشايخ الصوماليين لا يزالون في حركة مستمرة ونشاط في تلك المناطق يعلمون الإسلام وينشرون الوعي الديني والتراث العربي، والحكومة الصومالية تقدم كل عون لتلك الجاليات.
وتفكر الحكومة الآن فـــي إنشاء معهد إسلامي عال لتعليم أبناء المسلمين في شرق إفريقيا وفي هذا المعهد سيوفر لهم السكن وكل ما يحتاجونه وتسعى الحكومة الصومالية إلى الحصول على عون البلدان الإسلامية الأخرى لتحقيق هذا المشروع. وحتى يقوم المعهد الإسلامي العالي فإن الحكومة تقدم بعثات دراسية للطلاب المسلمين من شرق إفريقيا وتسهل عليهم جميع وسائل التعليم.
• انعقد في جدة مؤخرًا مؤتمرًا للدول المطلة على البحر الأحمر بهدف حماية ثروته وحماية مصالحها فيه، فهل تحدثنا سيادتكم عن فكرة المؤتمر ووقائعه؟
- في الحقيقة لم أتتبع سير المؤتمر عن قرب؛ لأن الصومال لم تشترك فيه وذلك لأن الصومال المستقل لا يعتبر من الدول المطلة على البحر الأحمر.
• من الناحية الجغرافية نعم لكن من الناحية الاستراتيجية وما يتبعها من أهمية سياسية وتجارية فإن موقع الصومال على مدخل البحر الأحمر الجنوبي يجعلها من الدول التي يهمها أمر البحر الأحمر.
- من هذه الزاوية صحيح، لكن المؤتمر اهتم بثروات البحر الأحمر الطبيعية فقط لذلك استثنينا نحن واليمن الجنوبي والأردن كذلك، ولم تسبق المؤتمر فترة إعداد طويلة لنتمكن من عرض وجهة نظرنا أو نشارك في الإعداد له، لكننا على كل حال نتفق أن ثروات البحر الأحمر تهم الدول المطلة على سواحله ومن حقها أن تستغلها وتحميها.
• نعود إلى الصومال...
ونريد أن نعرف إذا كانت هناك مؤسسات دينية إسلامية.
- نعم في الصومـــــــــــــــــال مؤسسات دينية كثيرة بعضها يتبع التعليم الأهلي والخاص وبعضها يتبع الدولة، والأخير يقع تحت إشراف وزارة العدل ذلك لأن مصلحة الشؤون الدينية هي التي تشرف على التعليم الديني والشؤون الدينية عندنا تابعة لوزارة العدل لذلك فإن المحاكم الشرعية والمعاهد الدينية تابعة لوزارة العدل، وتنتشر في الصومال المدارس الصغيرة التي تعلم القرآن. كما أن الطالب يتلقى دروسه الأساسية في الدين الإسلامي في مدارس الدولة.
• بالنسبة لشعب كالصومال يتحدث لغة قومية هي اللغة الصومالية ويضطر الشباب منه إلى تعلم لغة أجنبية أخرى كالإنجليزية أو الصومالية ألا تعتقد أن تدريس الدين الإسلامي يصبح مشكلة لأنه يحتم تعلم لغة أخرى هي العربية؟
- اللغة العربية بالنسبة للشعب الصومالي لا تعتبر لغة أجنبية فكل المواطنين يتحدثونها بطلاقة، والتلميذ عندنا يبدأ في المدرسة بتعلم اللغة العربية حتى المرحلة الابتدائية ولا يتعلم في بداية دراسته سواها، ثم يتلقى بعد ذلك دروسًا في الإنجليزية لأنها تصبح لغة التعليم في المراحل المتأخرة، ونسبة لاستعمال اللغة العربية على المستوى القومي فإنها تصبح كاللغة الأم بالنسبة له، فعندنا صحف تصدر باللغة العربية حتى الدولة تملك صحفًا رسمية بالعربية.
• هل يتحدث الصوماليون لغة واحدة؟
- نعم فاللغة الصومالية هي اللغة الوحيدة لجميع المواطنين ماعدا إقليم صغير جدًّا في الجنوب الغربي يتحدث لهجة تختلف قليلًا ومع ذلك يجيد مواطنوه الحديث بالصومالية. وقد فكرت الدولة في كتابتها إلا أن هذا الموضوع طبعًا يحتاج إلى دراسة وافية.
هنا كان لابد أن ننهي لقاءنا الشائق مع سعادة السفير لارتباطه بموعد في وزارة الخارجية.
حقائق عن الصومال
تقع جمهورية الصومال عند الرأس الشرقي للقارة الإفريقية على امتداد المحيط الهندي، وتقدر مساحتها بـ ۲۷۰٫۰۰۰ میل مربع، وجميع سكان الصومال مسلمون (۱۰۰ ٪ ). وتعتمد الصادرات على الموز والجلود والأخشاب والفحم الحجري والقطن والحبوب الزيتية.
وقد استقلت الصومال عن الاستعمار الأجنبي عام ١٩٦٠ إلا أن أجزاءً منها لا تزال تحت السيطرة الفرنسية والأثيوبية والكينية.
وينحدر أصل السكان من قبيلة قريش حيث هاجر أفراد منها إلى تلك البلاد على رأسهم عقيل بن أبي طالب ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم.
وقد نشأت في عهد مبكر ممالك إسلامية في زيلع ومقاديشو. امتدت في عهد امبراطورية «ادال » من خليج عدن وحتى مدينة هرير الحبشية. وفي الفترة بين عام 1528 و 1535 م حكمها الإمام/ أحمد بن إبراهيم الغزالي، الذي استطاع أن يدمر الأثيوبيين ويتوغل حتى كسلا في شرق السودان شمالًا. ولما وصل البرتغاليون عام ١٥٤١ استطاعوا بالتعاون مع الأثيوبيين أن يهزموا الإمام أحمد وبوفاته عام ١٥٤٣ انحلت هذه الامبراطورية الإسلامية العظيمة أما سلطنة مقاديشو فقد استمرت مزدهرة حتى القرن السابع عشر حتى بدأت تخضع نسبيًّا لسيطرة سلطان مسقط ثم سلطان زنجبار إلى أن جاء العثمانيون وخلفهم البريطانيون عام ١٨٨٦ في إدارتها.
ثم ظلت المنطقة ميدان صراع بين الإنجليز والفرنسيين والإيطاليين والمسلمين الصوماليين بقيادة السيد/ محمد بن عبد الله حسن، طيلة الفترة بين الحربين العالميتين حيث سقطت نهائيًّا تحت السيطرة البريطانية بعد الحرب الثانية. وبقي إقليم جيبوتي حتى الآن تحت الإدارة الفرنسية.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلتحـــت شعـــار «القـــراءة حيــــاة».. جمعية الإصلاح الاجتماعي تقيم معرض الكتاب الإسلامي الـ45
نشر في العدد 2179
33
الاثنين 01-مايو-2023