العنوان على ضوء صفقة إف - ١٨ للكويت: التنسيق في التسليح والدفاع الخليجي المشترك
الكاتب حمد الإبراهيم
تاريخ النشر الثلاثاء 28-يونيو-1988
مشاهدات 25
نشر في العدد 872
نشر في الصفحة 6
الثلاثاء 28-يونيو-1988
دخلت مجموعة مجلس التعاون الخليجي في عقد الثمانينيات ما يمكن أن يسمى بسباق التسلح في الشرق الأوسط، وهو السباق الذي نشأ بشكل أساسي عن الحروب العربية- الإسرائيلية، وقامت خلاله دول مثل مصر وسوريا والعراق- وبالمقابل إسرائيل، ومن بعدها إیران- بتكوين جيوش ضخمة، وتسليحها بآخر ما أنتجته التكنولوجيا الحربية في العالم المتقدم.
وعندما برزت دول الخليج إلى المسرح في أوائل السبعينات على إثر استقلال بقيتها من الحماية البريطانية، وعلى إثر دورها الهام في الحظر البترولي لعام ۱۹۷۳، فإنها باتت تشعر بأنها أكثر انكشافًا على التيارات السياسية العاصفة في المنطقة، ومنها ذيول الصراع العربي- الإسرائيلي، ونهوض أحلام الإمبراطورية التوسعية لدى شاه إيران، ومن بعده الخميني، وما أبرزته من أخطار الاجتياح والهضم التي تمثلها إیران ضد دول الخليج الصغيرة بشكل خاص.
كل هذه المتغيرات ساعدت على إقناع القيادات الخليجية بضرورة المسارعة إلى تكوين القوة العسكرية الذاتية، وذلك للحاق بركب الحشد العسكري والتسليحي المتنامي في المنطقة، ولدى العراق وإيران على وجه التحديد.
وبالرغم من أن مجلس التعاون الخليجي قد أكد لدى إنشائه عام ۱۹۸۱ على مفهوم الدفاع المشترك؛ إلا أن جهود التنسيق بين قوات مجلس التعاون لم تتطرق إلى الجانب التسليحي، وهو جانب هام وخطير في إعداد أي قوات عسكرية متفرقة تقاتل على جبهة واحدة.
وقد نجحت دول مجلس التعاون خلال السنوات الماضية في تطوير قدراتها العسكرية، وعقدت صفقات هامة لتزويدها بكميات كبيرة من السلاح المتطور، وكانت المملكة العربية السعودية هي السابقة في هذا المجال؛ حيث حصلت على مقاتلات ف- ١٥، وطائرات الأواكس للإنذار المبكر، ومقاتلات «تورنادو» الهجومية، إضافة إلى أسلحة أخرى هامة.
وحصلت سلطنة عمان على مقاتلات من نوع «تورنادو»، وأخرى من نوع «جاكوار»، بينما اشترت دولة الإمارات العربية «٣٦» طائرة من نوع ميراج ۲۰۰۰، وعقدت البحرين صفقة للحصول على طائرات من نوع ف- ١٦، فيما تنتظر الكويت موافقة الكونغرس الأمريكي على صفقة لها تقدر بملياري دولار، تتضمن تزويد الكويت بـ «٤٠» طائرة من نوع ف- ١٨، وحوالي «۹۰۰» صاروخ من أنواع مختلفة.
هذه الجهود الخليجية للحصول على السلاح المتطور لها أسبابها الواضحة، ولكن يلاحظ أن دول المجلس لم تحاول جعل جهودها في هذا المجال موحدة، إذ أن للتنسيق في تسليح وتجهيز الجيوش أثره الحاسم في نجاح العمليات العملية المشتركة التي ستخوضها دول الخليج دفاعًا عن سيادتها.
وعلى سبيل المثال فإن المشاركة الناجحة للقوات العراقية على الجبهة السورية في أكتوبر ۱۹۷۳ ما كانت لتتم بنفس الصورة لولا التشابه التام في تسليح وتجهيز البلدين اللذين يعتمدان على معدات سوفييتية متشابهة.
والتنسيق في الحصول على السلاح يحقق إيجابيات عديدة منها:
أ - توفر صفقة التسليح المشتركة بين دولتين أو أكثر من دول المجلس تخفيضًا كبيرًا في قيمة السلاح والمعدات المطلوبة، فالحصول على ١٠٠ طائرة من نوع واحد أرخص من الحصول على نفس العدد من طائرات مختلفة الأنواع والجنسيات.
كما أن القدرة التفاوضية لمجموعة دول المجلس أكبر من قدرة كل دولة منها على حدة في التفاوض مع الدولة بائعة السلاح.
ب - وجود نفس السلاح لدى جيشين خليجيين يعني أنه من الممكن تبادل التزويد بالذخيرة وقطع الغيار عند الحاجة، كما أن قدرة جيشين في الدخول في معركة بدبابات متشابهة أو مدفعية متشابهة أكبر من قدرتهما على خوض المعركة بأسلحة مختلفة.
وبنفس الصيغة إذا تشابهت الطائرات الحربية المستخدمة، فإن قدرة إحدى الدول الخليجية على إرسال أسرابها الجوية لمساعدة دولة خليجية شقيقة تكون أكبر؛ حيث تتوفر في القواعد الجوية في أحد البلدين وسائل الصيانة والتجهيز بالذخيرة والمعرفة الفنية البشرية لتشغيل طائرات البلد الآخر.
ج - التسليح المشترك بين دول مجلس التعاون يفتح آفاق الصناعة العسكرية الخليجية؛ لأن قيام كل دولة على حدة بتصنيع نوع من السلاح أمر مكلف اقتصاديًا، بينما لو احتاجت مجموعة الدول الخليجية لـ «١٠٠٠» مدفع مثلًا لتلبية احتياجاتها جميعًا، فإن إنشاء مصنع لبناء هذه المدافع هو مشروع مجدٍ من الناحية الاقتصادية.
إن دول حلف الناتو على سبيل المثال- رغم وجود صناعات محلية في كل منها- تسعى للدخول في صفقات مشتركة لتوحيد نوعيات الأسلحة والطائرات المستخدمة في قواتها المسلحة، وإن دول المجلس- التي تعتمد على الاستيراد في الحصول على السلاح- هي أكثر قدرة على توحيد معداتها العسكرية، وعلى الاستفادة من هذا التوحيد في تعاون وتكاتف أكبر في مجال الدفاع المشترك.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل