العنوان إسرائيل تتسلل من بوابة غرب إفريقيا
الكاتب محمد سالم الصوفي
تاريخ النشر الثلاثاء 30-ديسمبر-1997
مشاهدات 12
نشر في العدد 1282
نشر في الصفحة 39
الثلاثاء 30-ديسمبر-1997
كشفت مصادر سياسية مطلعة أن إسرائيل عرضت إرسال عدد من الخبراء العسكريين المزودين بأحدث المعدات لمساعدة السنغال في إزالة الألغام الأرضية من إقليم «كازماس» الانفصالي وأكدت المصادر ترحيب الحكومة السنغالية، خصوصًا أن «داكار» لا تخفي قلقها من تأثير الألغام الأرضية في إقليم «كازماس» على الموسم السياحي في هذه السنة حيث إن المتمردين قد قاموا بتغيير أسلوبهم القتالي ضد الحكومة وزرعوا الألغام المضادة للأفراد والدبابات في المناطق السياحية بعد أن كانوا يكتفون بزراعتها بالطرقات الفرعية التي يسلكها الجيش.
وقد اعترفت مصادر الجيش السنغالي بتبادل الخبرات العسكرية مع إسرائيل لكنها نفت إشراف ضباط الجيش الإسرائيلي على الخطط القتالية مع المتمردين معللة ذلك باختلاف الخبرة الإسرائيلية عن طبيعة القتال في المناطق الاستوائية.
وتنطلق السياسة الإسرائيلية تجاه القارة الإفريقية من عوامل استراتيجية واقتصادية لاستقطاب الدول الإفريقية عن طريق تقديم المعونات الاقتصادية والعسكرية.
وقد كان تركيزها في السابق منصبًا على الدول الإفريقية الواقعة على حوض النيل أو المطلة والقريبة من البحر الأحمر- القرن الإفريقي- باعتبارها دولًا تقع في نطاق الأمن الإستراتيجي للدول العربية المتصارعة معها.
وفي هذا الإطار قد وقعت سلسلة اتفاقات عسكرية من أهمها ثلاث اتفاقيات وقعت في شهر يناير الماضي 1997م مع كل من إثيوبيا وإريتريا وأوغندا وبمقتضاها تقدم هذه الدول تسهيلات وقواعد للطيران الإسرائيلي بهدف التدريب بأجواء هذه الأقطار وضمان الانتشار السريع في حالة حدوث أي خطر يهدد أيًا من الأطراف الموقعة على الاتفاقيات.
وبموجبها يقوم الخبراء الإسرائيليون بتزويد تلك الدول بالأسلحة وقطع الغيار وإصلاح المعدات العسكرية والطائرات وتدريب الكوادر، كما أكدت الاتفاقيات على محاربة ما أسمته «بالإرهاب الإسلامي».
وفي تلك الأثناء قال الجنرال أمنون شاحاك- رئيس أركان جيش الحرب الإسرائيلي- إنه أبلغ قادة أريتريا وإثيوبيا وأوغندا خلال زيارته للمنطقة أن دولًا أعضاء بحلف شمال الأطلنطي الذي تقوده واشنطن قررت توفير ضمانات لتقديم 1.5 مليار دولار كدعم عسكري واقتصادي لست دول تقع على حوض النيل بهدف القضاء على ما أسماه بالمد الإسلامي الذي تتبناه السودان، الذي يزحف باتجاه إثيوبيا والصومال وإريتريا وجيبوتي جنوبًا وأوغندا وغينيا ونيجيريا غربًا.
وكانت إسرائيل قد نجحت خلال السنوات العشر الماضية في إعادة علاقاتها الدبلوماسية المقطوعة مع العديد من الدول الإفريقية، وخلال الأعوام الماضية وخصوصاً بعد توقيع اتفاقية «أوسلو» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبذلك تكون لإسرائيل علاقات دبلوماسية مع غالبية الدول الإفريقية وتعتمد إسرائيل في دعم تلك العلاقات على إقامة تعاون اقتصادي وعسكري يقوم على تقديم الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة ورؤوس الأموال التي تحتاجها دول القارة للنهوض بمستويات التنمية المتعثرة وتحسين الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
ولعل دخول إسرائيل من جديد عبر بوابة إفريقيا الغربية من السنغال يأتي في هذا الإطار ومكملًا للدور الأمريكي الأخير الذي أعلنته واشنطن من خلال الخطة الأمريكية البعيدة المدى المعروفة باسم «مبادرة التجاوب مع الأزمات في إفريقيا» والتي تضمن إرسال كتيبة عسكرية من أفراد القوات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي والتي قضت شهرين في كل من السنغال وأوغندا.
وقد كان وزير الخارجية الأمريكي السابق وارن كريستوفر هو الذي طرح فكرة إنشاء قوة لحفظ السلام في إفريقيا إبان وقوع سلسلة الاضطرابات التي شهدتها القارة الإفريقية في العام الماضي؛ حيث اقترح تشكيل فرقة عسكرية قوامها عشرة آلاف جندي تكون جاهزة للإرسال بسرعة إلى مناطق الأزمات، وقد اتخذت الحكومات الإفريقية موقفًا مناوئًا لهذه الفكرة نتيجة تخوفهم من مغبة تحول التواجد العسكري إلى مصدر للاضطرابات وانحياز تلك القوة إلى جانب أطراف معينة في بعض الأزمات التي قد تنشب داخل القارة، وبعد أن عقدت اجتماعات في إفريقيا وأوروبا تم إجراء بعض التعديلات في الخطة المذكورة بذكاء، بحيث يكون التركيز على إيجاد قدرات لحفظ السلام من خلال تقديم دورات تدريبية ومعدات عسكرية لمختلف البلدان الإفريقية التي قد توافق على العمل مع الولايات المتحدة في هذا الصدد.
ولا شكَّ أن هذا التوجه الأمريكي يتيح مناخًا مناسبًا لإسرائيل حتى توسع دائرة نشاطها العسكري وتفتح أسواقًا جديدة أمام صناعتها العسكرية التي تعاني من متاعب منذ فترة من الوقت.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل